للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروي أن عيينة بن حصن الفزاري جاء إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: أخبرنا بأنك تعطي الابنة النصف والأخت النصف وإنما كنا نورث من يشهد القتال ويجوز الغنيمة فقال صلّى الله عليه وسلّم: وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتامى بِالْقِسْطِ عطف على المستضعفين وتقدير الآية: وما يتلى عليكم في الكتاب يفتيكم في يتامى النساء وفي المستضعفين في أن تقوموا لليتامى والذي تلي في حقهم قوله تعالى:

وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ [النساء: ٢] وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِهِ عَلِيماً (١٢٧) أي يجازيكم عليه ولا يضيع عند الله منه شيء وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أي إظهار الخشونة في القول أو الفعل أو فيهما أَوْ إِعْراضاً أي سكوتا عن الخير والشر فَلا جُناحَ عَلَيْهِما حينئذ في أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً بأن بذلت المرأة كل الصداق أو بعضه للزوج أو أسقطت عنه مؤنة النفقة أو القسم وكان غرضها من ذلك أن لا يطلقها زوجها. وهذا من جملة ما أخبر الله تعالى أنه يفتيهم به في النساء مما لم يتقدم ذكره في هذه السورة.

روى سعيد بن جبير عن ابن عباس أن الآية نزلت في ابن أبي السائب كانت له زوجة وله منها أولاد وكانت شيخة فهمّ بطلاقها فقالت: لا تطلقني ودعني أشتغل بمصالح أولادي وأقسم في كل شهر ليالي قليلة. فقال الزوج: إن كان الأمر كذلك فهو أصلح لي فأتى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأنزل الله تعالى هذه الآية.

قرأ عاصم وحمزة والكسائي «يصلحا» بضم الياء وسكون الصاد، والباقون «يصالحا» بفتح الياء والصاد المشددة الممدودة قالوا: معناه يتوافقا وهو أليق بهذا الموضع وَالصُّلْحُ خَيْرٌ أي والصلح بين الزوجين خير من سوء العشرة أو من الفرقة أو من الخصومة أو هو خير من الخيور وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ أي جعل الشح حاضرا للأنفس لا يغيب عنها ولا ينفك عنها أبدا فالمرأة تبخل ببذل حقها لزوجها وطمعها يجرها إلى أن ترضى، والرجل يبخل بأن يقضي عمره معها مع دمامة وجهها وكبر سنها وعدم حصول اللذة بمعاشرتها وَإِنْ تُحْسِنُوا بالإقامة على نسائكم وإن كرهتموهن بأن تسووا بين الشابة والعجوز في القسمة والنفقة وَتَتَّقُوا ما يؤدي إلى الأذى والخصومة فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ من الإحسان والتقوى خَبِيراً (١٢٨) وهو يثيبكم عليه.

وروي أن هذه الآية نزلت في عمرة بنت محمد بن مسلمة وزوجها سعد بن الربيع تزوجها وهي شابة فلما علاها الكبر تزوج شابة وآثرها عليها وجفاها فأتت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وشكت إليه ذلك وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ أي لن تقدروا على التسوية بينهن في ميل الطباع وإذا لم تقدروا عليه لم تكونوا مكلفين به وَلَوْ حَرَصْتُمْ أي جهدتم على إقامة العدل في الحب فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ إلى التي تحبونها في القسم والنفقة أي إنكم لستم منهيين عن حصول

<<  <  ج: ص:  >  >>