الأصل لا يضرركم ويؤيده قراءة «يضركم» بفتح الراء وهو مجزوم وإنما فتحت الراء لأجل الخفة.
وقراءة من قرأ «لا يضركم» بسكون الراء مع كسر الضاد وضمها من ضار يضير ويضورا ما مرفوع على أنه كلام مستأنف في موضع التعليل لما قبله ويعضده قراءة من قرأ «لا يضيركم» بالرفع وبالياء بعد الضاد أي ليس يضركم ضلال من ضل إذا كنتم ثابتين في دينكم إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً أي رجوعكم ورجوع من خالفكم يوم القيامة فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٠٥) في الدنيا من الخير والشر فيجازيكم عليه يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ أي شهادة ما بينكم من التنازع إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ أي إذا ظهر لأحدكم أمارات وقوع الموت حِينَ الْوَصِيَّةِ وهذا بدل من قوله «إذا حضر» لأن حضور الموت هو زمان حضور الوصية فعرف ذلك الزمان بهذين الأمرين الواقعين فيه أي الشهادة المحتاج إليها عند مشارفة الموت اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أي من أهل دينكم يا معشر المؤمنين أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ أي غير عادلين من غير أهل دينكم إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ أي سافرتم فِي الْأَرْضِ فالعدلان المسلمان صالحان للشهادة في الحضر والسفر وشهادة غير المسلمين لا تجوز إلا في السفر فَأَصابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ أي فحضرت عندكم علامات نزول الموت وهذا بيان محل جواز الاستشهاد بغير المسلمين تَحْبِسُونَهُما مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ أي تقفونهما للتحليف من بعد صلاة العصر كما استحلف رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعدها وجميع أهل الأديان يعظمون هذا الوقت ويذكرون الله فيه ويحترزون عن الحلف الكاذب فَيُقْسِمانِ أي يحلفان بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ أي إن شككتم في شأن آخرين بقولهما والله لا نَشْتَرِي بِهِ أي بالقسم بالله ثَمَناً أي عوضا يسيرا من الدنيا أي لا تأخذ لأنفسنا بدلا من القسم بالله عوضا من الدنيا وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى أي ولو كان ذلك العوض اليسير حياة ذي قربى منا أي لا نحلف بالله كاذبين لأجل المال وَلا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللَّهِ أي لا نكتم الشهادة التي أمرنا الله تعالى بإقامتها وإظهارها إِنَّا إِذاً لَمِنَ الْآثِمِينَ (١٠٦) أي إنا إن كتمناها حينئذ كنا من العاصين فَإِنْ عُثِرَ عَلى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً أي فإن حصل الاطلاع بعد ما حلف الوصيان عن أنهما استحقا حنثا في اليمين بكذب في قول وخيانة في مال فَآخَرانِ يَقُومانِ مَقامَهُما أي مقام الشاهدين اللذين هما من غير ملتهما مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيانِ أي باليمين وبالمال أو الأقربان إلى الميت الوارثان له والأوليان إما بدل من آخران، أو من الضمير الذي في يقومان أو صفة لآخران عند الأخفش، لأن النكرة إذا تقدم ذكرها ثم أعيد عليها الذكر صارت معرفة أو خبر لمبتدأ محذوف وهذا على القراءة المشهورة للجمهور وهو استحق بضم التاء وكسر الحاء بالبناء للمجهول وإنما وصف الورثة بكونهم استحق عليهم، لأنه لما أخذ مالهم فقد استحق عليهم مالهم، أو لكونهم جني عليهم.
أما على قراءة حفص وحده وهي استحق بفتح التاء والحاء بالبناء للفاعل فقوله: الأوليان فاعل له. والمعنى أن الوصيين اللذين ظهرت خيانتهما هما أولى من غيرهما بسبب أن الميت