للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ظهورنا وأنه ليس بيننا وبينه عهد إلا طعن بالرماح وضرب بالسيوف. ثم حج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سنة عشر حجة الوداع

وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ أي واعلموا يا معشر الكفار أن هذا الإمهال ليس لعجز بل للطف ليتوب من تاب، أي اعلموا أني أمهلتكم وأطلقت لكم فافعلوا كل ما أمكنكم فعله من إعداد الآلات وتحصيل الأسباب فإنكم لا تعجزون الله بل الله يعجزكم وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكافِرِينَ (٢) أي مذلهم في الدنيا بالقتل والأسر وفي الآخرة بالعذاب وَأَذانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ أي وهذا إعلام صادر من الله ورسوله، واصل إلى الناس يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ وهو يوم العيد، لأن فيه تمام معظم أفعال الحج، ولأن الإعلام كان فيه، أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ الناقضين للعهد وَرَسُولِهِ بالرفع باتفاق السبعة فهو معطوف على الضمير المستتر في برىء فَإِنْ تُبْتُمْ من الشرك فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ أي فالتوب خير لكم في الدارين لا شر وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ أي أعرضتم عن المتاب من الشرك فَاعْلَمُوا يا معشر المشركين أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ أي غير فائتين من عذاب الله فإن الله قادر على إنزال أشد العذاب بهم وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذابٍ أَلِيمٍ (٣) أي أخبرهم بالقتل بعد أربعة أشهر، فالبشارة على سبيل الاستهزاء كما يقال: إكرامهم الشتم وتحيتهم الضرب إِلَّا الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئاً من شروط الميثاق ولم يضروكم قط.

وقرئ بالضاد المعجمة أي لم ينقضوا عهدكم شيئا من النقض وَلَمْ يُظاهِرُوا أي لم يعاونوا عَلَيْكُمْ أَحَداً من أعدائكم فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلى مُدَّتِهِمْ إلى وقت أجلهم تسعة.

أشهر والمعنى لا تمهلوا الناكثين للعهد فوق أربعة أشهر لكن الذين عاهدتموهم ثم لم ينكثوا عهدهم فلا تجروهم مجرى الناكثين في المسارعة إلى قتالهم بل أتموا إليهم عهدهم، ولا تجعلوا الوافين كالغادرين، وهم بنو ضمرة، حي من كنانة أمر الله رسوله صلّى الله عليه وسلّم بإتمام عهدهم إلى مدتهم، وكان قد بقي من مدتهم تسعة أشهر فإنهم ما غدروا من هذين الوجهين إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (٤) عن نقض العهد فإن مراعاة حقوق العهد من باب التقوى، وأن التسوية بين الوافي والغادر منافية لذلك وإن كان المعاهد مشركا فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ أي فإذا خرج الأشهر التي حرم الله القتل والقتال فيها وهي من يوم النحر إلى العاشر من ربيع الآخر فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ الناكثين خاصة حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ أي في حل أو حرم أو في شهر حرام أو غيره وَخُذُوهُمْ أي وأسروهم وَاحْصُرُوهُمْ أي امنعوهم من إتيان المسجد الحرام، ومن التقلب في البلاد وَاقْعُدُوا لَهُمْ أي لأجلهم خاصة كُلَّ مَرْصَدٍ أي في كل ممر يسلكونه لئلا ينبسطوا في البلاد فَإِنْ تابُوا من الشرك آمنوا بالله وَأَقامُوا الصَّلاةَ أي أقروا بالصلوات الخمس وَآتَوُا الزَّكاةَ أي أقروا بأداء الزكاة فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ أي فاتركوهم ولا تتعرضوا بشيء مما ذكر إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥) لمن تاب من الكفر والغدر وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ

الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ

أي وإن

<<  <  ج: ص:  >  >>