وَقالُوا للاغين: لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ أي لنا ديننا ولكم دينكم، سَلامٌ عَلَيْكُمْ وهو سلام إعراض وفراق، لا سلام تحية فلا نقابلكم بمثل ما فعلتم بنا، لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ (٥٥) . أي لا نطلب صحبتهم ولا نجازيهم بالباطل على باطلهم فإن المشركين كانوا يسبون مؤمني أهل الكتاب ويقولون: تبا لكم تركتم دينكم فيعرضون عنهم ولا يردون عليهم. إِنَّكَ يا أشرف الخلق لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (٥٦) .
عبد المطلب فقال: لن تزالوا بخير ما سمعتم من محمد وما اتبعتم أمره فاتبعوه وأعينوه ترشدوا، وأنه قال: ألم تعلموا أنا وجدنا محمدا رسولا كموسى صح ذلك في الكتب، وأنه قال عند قرب موته مخاطبا لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
ودعوتني وعلمت أنك صادق ... ولقد صدقت وكنت قبل أمينا
ولقد علمت بأن دين محمد ... من خير أديان البرية دينا
لولا الملامة أو حذار مسبة ... لوجدتني سمحا بذاك مبينا
واعلم أنه لو ترك شخص النطق بالشهادتين بعد المطالبة لا لإباء عن الإسلام ولا لعناد له، بل لخوف من ظالم أو من ملامة، أو مسبة عند من يعظم ذلك، وقلبه مطمئن بالإيمان فلا يكون كافرا بينه وبين الله، بل لو تكلم بالكفر والحالة هذه لا يضره.