ربك؟ فقال له ذلك. قالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قالَ إِبْراهِيمُ له ائتني ببيان ذلك فدعا نمروذ برجلين من السجن، فقتل واحدا وترك واحدا قال: هذا بيان ذلك. قال إبراهيم: فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ في كل يوم فَأْتِ بِها مِنَ الْمَغْرِبِ ولو يوما واحدا إن كنت صادقا فيما تدّعيه من الربوبية فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ أي سكت بغير حجة أي فيبقى مغلوبا لا يجد للحجة مقالا ولا للمسألة جوابا وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٢٥٨) بالكفر إلى طريق الحجة أَوْ كَالَّذِي أي أرأيت مثل الذي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ هي بيت المقدس. كما أخرجه ابن جرير عن وهب عن قتادة، والضحاك وعكرمة والربيع. أو القرية التي أهلك الله فيها الذين خرجوا من ديارهم- وهم ألوف حذر الموت- كما نقل عن ابن زيد أي قد رأيت الذي مر على قرية كيف هداه الله وأخرجه من ظلمة الاشتباه إلى نور العيان،
والمار هو عزير بن سروحا. كما روي عن علي بن أبي طالب،
وعن عبد الله بن سلام وعن ابن عباس. وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها أي ساقطة على سقوفها بأن سقطت السقوف أولا ثم الأبنية. قالَ أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها أي كيف يحيي الله أهل هذه القرية بعد موتهم تعجبا من قدرة الله تعالى على إحيائها فَأَماتَهُ اللَّهُ مكانه فكان ميتا مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ أي أحياه في آخر النهار. قالَ تعالى له: كَمْ لَبِثْتَ أي مكثت هنا يا عزير بعد الموت؟ - والقائل هو الله تعالى، أو ملك مأمور بذلك القول من قبله تعالى- قالَ لَبِثْتُ يَوْماً ثم نظر إلى الشمس وقد بقي منها شيء فقال: أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قالَ أي الله له أو الملك بَلْ لَبِثْتَ ميتا مِائَةَ عامٍ فَانْظُرْ إِلى طَعامِكَ أي التعين والعنب وَشَرابِكَ أي العصير لَمْ يَتَسَنَّهْ أي لم يتغير ولم ينصب في هذه المدة المتطاولة فكان التين، والعنب كأنه قد قطف من ساعته، والعصير كأنه قد عصر من ساعته، واللبن قد حلب من ساعته وَانْظُرْ إِلى حِمارِكَ كيف تقطعت أوصاله، وكيف تلوح عظامه بيضاء. فعلنا ذلك الإحياء لتعاين ما استبعدته من الإحياء بعد دهر طويل وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ أي لكي نجعلك علامة للناس في إحياء الموتى أنهم يحيون على ما يموتون لأنه مات شابا، وبعث شابا وعبرة للناس لأنه كان ابن أربعين سنة وابنه ابن مائة وعشرين سنة وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ أي عظام الحمار كَيْفَ نُنْشِزُها.
قرأ نافع وابن كثير وأبو عمر بالراء أي كيف نحييها ونخلقها. وقرأ حمزة والكسائي «ننشزها» بالزاي المنقوطة أي كيف نرفع بعضها على بعض ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً أي ننبت عليها العصب والعروق، واللحم والجلد والشعر ونجعل فيه الروح بعد ذلك فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ وقوع ما كان يستبعد وقوعه قالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ من الحياة والموت قَدِيرٌ (٢٥٩) .
روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما في سبب نزول هذه الآية قال: إن بختنصر البابلي غزا بني إسرائيل وهو في ستمائة ألف راية، فسبى من بني إسرائيل الكثير ومنهم عزير- وكان من