الْقَاضِي بِجَوَازِهِ صَحَّ أَوْ؛ لِأَنَّهُ بِاعْتِبَارِ شُبْهَةِ الرِّبَا وَلِأَنَّهُ طَارِئٌ؛ لِأَنَّهُ يَظْهَرُ بِانْقِسَامِ الثَّمَنِ أَوْ الْمُقَاصَّةِ فَلَا يَسْرِي إلَى غَيْرِهَا.
قَالَ (وَزَيْتٍ عَلَى أَنْ يَزِنَهُ بِظَرْفِهِ وَيَطْرَحَ عَنْهُ مَكَانَ كُلِّ ظَرْفٍ خَمْسِينَ رِطْلًا وَصَحَّ لَوْ شَرَطَ أَنْ يَطْرَحَ بِوَزْنِ الظَّرْفِ) أَيْ لَا يَجُوزُ بَيْعُ زَيْتِ كُلِّ رِطْلٍ بِدِرْهَمٍ عَلَى أَنْ يَزِنَهُ بِظَرْفِهِ وَيَطْرَحَ عَنْ الزَّيْتِ الْمَوْزُونِ مَكَانَ كُلِّ ظَرْفٍ خَمْسِينَ رِطْلًا وَيَجُوزُ إنْ شَرَطَ أَنْ يَطْرَحَ بِوَزْنِ الظَّرْفِ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ الْأَوَّلَ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَالثَّانِي يَقْتَضِيهِ وَهَذَا لِأَنَّ مُقْتَضَى الْعَقْدِ أَنْ يَخْرُجَ عَنْهُ وَزْنُ الظَّرْفِ فَإِذَا طَرَحَ خَمْسِينَ مَثَلًا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَكْثَرَ مِنْ الظَّرْفِ أَوْ أَقَلَّ إلَّا إذَا عَرَفَ أَنَّ وَزْنَهُ خَمْسُونَ رِطْلًا فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ.
قَالَ (وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الزِّقِّ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي)؛ لِأَنَّهُ الْمُنْكِرُ، بَيَانُهُ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى سَمْنًا فِي زِقٍّ فَرَدَّ الْمُشْتَرِي الزِّقَّ وَهُوَ عَشَرَةُ أَرْطَالٍ فَقَالَ الْبَائِعُ الزِّقُّ غَيْرُ هَذَا وَهُوَ كَانَ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ؛ لِأَنَّهُ إنْ اُعْتُبِرَ اخْتِلَافًا فِي الزِّقِّ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْقَابِضِ ضَمِينًا كَانَ أَوْ أَمِينًا كَالْغَاصِبِ وَالْمُودَعِ وَإِنْ اُعْتُبِرَ اخْتِلَافًا فِي السَّمْنِ فَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ اخْتِلَافٌ فِي مِقْدَارِ الثَّمَنِ فَيَكُونُ الْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ الزِّيَادَةَ وَلَا يَتَحَالَفَانِ وَإِنْ كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي الثَّمَنِ يَثْبُتُ تَبَعًا لِاخْتِلَافِهِمَا فِي الظَّرْفِ وَالِاخْتِلَافُ فِي الظَّرْفِ لَا يُوجِبُ التَّحَالُفَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَقْصُودٍ بِالْعَقْدِ وَلَا مَعْقُودٍ عَلَيْهِ أَصْلًا فَكَذَا فِيمَا يَثْبُتُ تَبَعًا لَهُ إذْ التَّبَعُ لَا يُخَالِفُ الْأَصْلَ وَلِأَنَّ التَّحَالُفَ وَرَدَ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ فِيمَا إذَا كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي مُوجِبِ الْعَقْدِ قَصْدًا ضَرُورَةً أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَدَّعِي عَقْدًا غَيْرَ الَّذِي يَدَّعِيهِ صَاحِبُهُ وَالِاخْتِلَافُ فِي الزِّقِّ لَيْسَ فِي مَعْنَاهُ فَلَا يَلْحَقُ بِهِ.
قَالَ (وَلَوْ أَمَرَ ذِمِّيًّا بِشِرَاءِ خَمْرٍ أَوْ بَيْعِهَا صَحَّ) وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَقَالَا لَا يَجُوزُ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ التَّوْكِيلُ بِبَيْعِ الْخِنْزِيرِ وَعَلَى هَذَا تَوْكِيلُ الْمُحْرِمِ الْحَلَالَ بِبَيْعِ صَيْدِهِ لَهُمَا أَنَّ الْوَكِيلَ يَسْتَفِيدُ الْوِلَايَةَ مِنْ الْمُوَكِّلِ وَلَا وِلَايَةَ لِلْمُوَكِّلِ فِي هَذَا التَّصَرُّفِ فَكَذَا وَكِيلُهُ كَمُسْلِمٍ وَكَّلَ مَجُوسِيًّا بِأَنْ يُزَوِّجَهُ مَجُوسِيَّةً حَيْثُ لَا يَجُوزُ بِالِاتِّفَاقِ وَلِأَنَّ مَا يَثْبُتُ لَهُ يَنْتَقِلُ إلَيْهِ فَصَارَ كَأَنَّهُ بَاشَرَهُ بِنَفْسِهِ وَلِأَنَّهُ بَيْنَ الْوَكِيلِ وَالْمُوَكِّلِ يَجْرِي حُكْمُ الْمُبَادَلَةِ حَتَّى يُجْعَلَ الْوَكِيلُ بِمَنْزِلَةِ الْبَائِعِ وَالْمُوَكِّلُ بِمَنْزِلَةِ الْمُشْتَرِي، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَحْبِسُ الْمَبِيعَ بِالثَّمَنِ وَيَرُدُّ الْمُوَكِّلُ عَلَيْهِ بِالْعَيْبِ وَيَجْرِي التَّحَالُفُ بَيْنَهُمَا عِنْدَ التَّجَاحُدِ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ الْوَكِيلَ أَصْلٌ لِنَفْسِ التَّصَرُّفِ وَالْمُوَكِّلَ لِحُكْمِ التَّصَرُّفِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَمْلِكُ الْخَمْرَ وَالْخِنْزِيرَ
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
قَوْلُهُ أَوْ لِأَنَّهُ بِاعْتِبَارِ شُبْهَةِ الرِّبَا) أَيْ سَلَامَةِ الْفَضْلِ لِلْبَائِعِ الْأَوَّلِ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ وَلَا ضَمَانٍ يُقَابِلُهُ احْتِيَاطًا لِأَمْرِ الرِّبَا فَلَمْ يَسْرِ إلَى الْمَضْمُومَةِ لِقُصُورِ سَبَبِ الْفَسَادِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ) أَيْ لَيْسَ بِمُقَارِنٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ بَلْ هُوَ إلَخْ. اهـ. غَايَةٌ. (قَوْلُهُ: طَارِئٌ) أَيْ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَذْكُرَا فِي الْبَيْعِ مَا يُوجِبُ فَسَادَ الْبَيْعِ، وَإِنَّمَا الْفَسَادُ بِاعْتِبَارِ شُبْهَةِ الرِّبَا وَهِيَ أَمْرٌ خَفِيٌّ ظَهَرَ ذَلِكَ بَعْدَ الْعَقْدِ إمَّا بِانْقِسَامِ الثَّمَنِ عَلَى قِيمَتِهِمَا أَوْ بِالْمُقَاصَّةِ أَعْنِي مُقَاصَّةَ الثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ الثَّانِي بِمِقْدَارِ ذَلِكَ مِنْ الثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ الْأَوَّلِ فَيَبْقَى مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ فَضْلٌ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُقَابِلَهُ عِوَضٌ فَكَيْفَمَا كَانَ يَظْهَرُ الْفَضْلُ لِلْبَائِعِ الْأَوَّلِ فَيَكُونُ مُشْتَرِيًا مَا بَاعَ بِأَقَلَّ مِنْهُ وَالْفَسَادُ الطَّارِئُ لَا يَسْرِي كَمَنْ بَاعَ عَبْدَيْنِ صَفْقَةً وَاحِدَةً وَبَيَّنَ ثَمَنَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثُمَّ أَلْحَقَا الْأَجَلَ إلَى وَقْتِ الْحَصَادِ فِي ثَمَنِ أَحَدِهِمَا فَسَدَ الْبَيْعُ فِيهِ وَلَا يَتَعَدَّى إلَى الْآخَرِ فَكَذَا فِيمَا نَحْنُ فِيهِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ.
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: وَزَيْتٍ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ هَذِهِ مِنْ خَوَاصِّ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَصُورَتُهُ فِيهِ مُحَمَّدٌ عَنْ يَعْقُوبَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي رَجُلٍ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ هَذَا الزَّيْتَ وَهُوَ أَلْفُ رِطْلٍ عَلَى أَنْ يَزِنَهُ بِظُرُوفِهِ فَيَطْرَحَ عَنْهُ مَكَانَ كُلِّ ظَرْفٍ خَمْسِينَ رِطْلًا قَالَ هَذَا فَاسِدٌ فَإِنْ قَالَ عَلَى أَنْ يَطْرَحَ عَنِّي وَزْنَ الظَّرْفِ فَهُوَ جَائِزٌ وَذَلِكَ أَنَّ الْمَبِيعَ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى مَجْهُولٌ وَجَهَالَتُهُ تُفْسِدُ الْبَيْعَ؛ لِأَنَّ وَزْنَ الظَّرْفِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَقَلَّ مِنْ خَمْسِينَ أَوْ أَكْثَرَ فَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْهُ يَخْرُجُ بَعْضُ الزَّيْتِ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَبِيعًا وَذَلِكَ مَجْهُولٌ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْهُ يَلْزَمُ الْجَهَالَةُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْقَدْرَ الزَّائِدَ عَلَى الْخَمْسِينَ مِنْ الظَّرْفِ لَيْسَ بِمَبِيعٍ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ كَانَ طَرْحُ الْخَمْسِينَ بِوَزْنِ كُلِّ ظَرْفٍ شَرْطًا لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ فَأَفْسَدَهُ بِخِلَافِ الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ حَيْثُ جَازَ الْعَقْدُ؛ لِأَنَّ طَرْحَ قَدْرِ الْوَزْنِ شَرْطٌ يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ؛ لِأَنَّ الظَّرْفَ لَيْسَ بِمَبِيعٍ فَيَخْرُجُ بِوَزْنِهِ وَالشَّرْطُ لَا يَزِيدُ إلَّا تَأْكِيدًا لِحُكْمِ الْعَقْدِ وَوَضْعُ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا بَاعَ كُلَّ رِطْلٍ مِنْهُ بِكَذَا قَالُوا. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَيَطْرَحُ عَنْهُ) أَيْ يَطْرَحُ الْبَائِعُ عَنْ الْمُشْتَرِي. اهـ. أَتْقَانِيٌّ. (قَوْلُهُ: يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَكْثَرَ مِنْ الظَّرْفِ أَوْ أَقَلَّ) أَيْ فَيَكُونُ الْمَبِيعُ مَجْهُولًا وَجَهَالَتُهُ تُفْسِدُ الْبَيْعَ. اهـ. .
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الزِّقِّ إلَخْ) هَذِهِ مِنْ مَسَائِلِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَصُورَتُهُ فِيهِ مُحَمَّدٌ عَنْ يَعْقُوبَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي رَجُلٍ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ السَّمْنَ الَّذِي فِي هَذَا الزِّقِّ كُلَّ رِطْلٍ بِدِرْهَمٍ فَوَزَنَ لَهُ السَّمْنَ وَالزِّقَّ فَبَلَغَ مِائَةَ رِطْلٍ وَقَبَضَهُ الْمُشْتَرِي ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ وَجَدْت السَّمْنَ تِسْعِينَ رِطْلًا، وَالزِّقُّ هَذَا وَزْنُهُ أَرْطَالٌ لَمْ يَكْتُبْ الْمُحَشِّي وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ وَمَسْأَلَةُ الِاخْتِلَافِ فِي الزِّقِّ ذَكَرَهَا الشَّارِحُ فِي الدَّعْوَى فَرَاجِعْ الْحَاشِيَةَ الَّتِي فِي خِيَارِ الرُّؤْيَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَلِلْمُشْتَرِي لَوْ فِي الرُّؤْيَةِ فَإِنَّهَا تَلِيقُ بِهَذَا الْمَحِلِّ وَهِيَ نَقْلًا عَنْ الْكَمَالِ. اهـ. (قَوْلُهُ فَقَالَ الْبَائِعُ الزِّقُّ غَيْرُ هَذَا وَهُوَ كَانَ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ) أَيْ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ. اهـ. .
(قَوْلُهُ: وَقَالَا: لَا يَجُوزُ) أَيْ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْوَكِيلَ أَصْلٌ إلَخْ) وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الشِّرَاءَ وَالْبَيْعَ وُجِدَا مِنْ النَّصْرَانِيِّ وَهُوَ أَهْلٌ لِمُبَاشَرَةِ ذَلِكَ غَايَةُ مَا فِي الْبَابِ أَنَّ حُكْمَ التَّصَرُّفِ وَهُوَ مِلْكُ الثَّمَنِ أَوْ الْمَبِيعِ يَثْبُتُ لِلْمُوَكِّلِ حُكْمًا لِتَصَرُّفِ الْوَكِيلِ لَا قَصْدًا؛ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ بِالشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ إلَخْ لَمْ يَكْتُبْ الْمُحَشِّي