دَيْنِهِ، فَإِذَا حَلَفَ لَمْ يَدْفَعْ إلَيْهِ، وَإِنْ نَكَلَ قُضِيَ عَلَيْهِ بِالْمَالِ لِلْوَكِيلِ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ لَا يُحَلِّفُهُ؛ لِأَنَّ حَقَّ التَّحْلِيفِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ خَصْمٌ وَلَمْ يَثْبُتْ بِلَا حُجَّةٍ وَجْهُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِهِ لَزِمَهُ، فَإِذَا أَنْكَرَ يُحَلَّفُ
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (وَلَوْ قَالَ إنِّي وَكِيلٌ بِقَبْضِ الْوَدِيعَةِ فَصَدَّقَهُ الْمُودِعُ لَمْ يُؤْمَرْ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ)؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِقَبْضِ مَالِ الْغَيْرِ فَلَا يَصِحُّ لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ حَقِّهِ فِي الْعَيْنِ بِخِلَافِ مَا إذَا ادَّعَى أَنَّهُ وَكِيلٌ بِقَبْضِ الدَّيْنِ فَصَدَّقَهُ حَيْثُ يُؤْمَرُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِمَالِ نَفْسِهِ إذْ الدُّيُونُ تُقْضَى بِأَمْثَالِهَا لَا بِأَعْيَانِهَا عَلَى مَا بَيَّنَّا، وَلَوْ هَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ عِنْدَهُ بَعْدَمَا مَنَعَ قِيلَ لَا يَضْمَنُ وَقِيلَ يَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْ وَكِيلِ الْمُودَعِ فِي زَعْمِهِ بِمَنْزِلَةِ الْمَنْعِ مِنْ الْمُودِعِ وَهُوَ يُوجِبُ الضَّمَانَ فَكَذَا هَذَا، وَلَوْ سَلَّمَ الْوَدِيعَةَ إلَيْهِ فَهَلَكَتْ فِي يَدِهِ وَأَنْكَرَ الْمُودِعُ الْوَكَالَةَ يَضْمَنُ الْمُودَعُ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ بِالتَّسْلِيمِ إلَيْهِ وَلَهُ أَنْ يُحَلِّفَ الْمُودَعَ أَنَّهُ مَا وَكَّلَهُ، فَإِذَا نَكَلَ بَرِئَتْ ذِمَّتُهُ وَإِذَا حَلَفَ ضَمِنَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْوَكِيلِ؛ لِأَنَّ فِي زَعْمِهِ أَنَّ الْمُودَعَ ظَالِمٌ فِي تَضْمِينِهِ إيَّاهُ وَهُوَ مَظْلُومٌ وَالْمَظْلُومُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَظْلِمَ غَيْرَهُ إلَّا إذَا ضَمِنَهُ وَقْتَ الدَّفْعِ لَهُ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي ذَكَرْنَا فِي الدَّيْنِ فَحِينَئِذٍ يَرْجِعُ عَلَيْهِ وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ مِنْ غَيْرِ تَصْدِيقٍ لَهُ عَلَى الْوَكَالَةِ رَجَعَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا، وَلَوْ كَانَتْ الْعَيْنُ بَاقِيَةً أَخَذَهَا فِي الصُّوَرِ كُلِّهَا؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهَا بِأَدَاءِ الضَّمَانِ، وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَسْتَرِدَّهَا مِنْهُ بَعْدَمَا دَفَعَهَا إلَيْهِ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ سَاعٍ فِي نَقْضِ مَا تَمَّ مِنْ جِهَتِهِ
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَكَذَا لَوْ ادَّعَى الشِّرَاءَ وَصَدَّقَهُ) يَعْنِي لَوْ ادَّعَى رَجُلٌ شِرَاءَ الْوَدِيعَةِ وَصَدَّقَهُ الْمُودَعُ لَمْ يُؤْمَرْ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ عَلَى الْغَيْرِ غَيْرُ مَقْبُولٍ
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلَوْ ادَّعَى أَنَّ الْمُودِعَ مَاتَ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا لَهُ وَصَدَّقَهُ دَفَعَ إلَيْهِ)؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ قَدْ زَالَ بِمَوْتِهِ وَاتَّفَقَا أَنَّهُ مَالُ الْوَارِثِ فَيَدْفَعُهُ إلَيْهِ، وَلَوْ ادَّعَى رَجُلٌ أَنَّ صَاحِبَ الْمَالِ مَاتَ وَلَمْ يَدَعْ وَارِثًا وَأَنَّهُ أَوْصَى لَهُ بِمَا فِي يَدِ رَجُلٍ مِنْ عَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ وَصَدَّقَهُ الَّذِي فِي يَدِهِ الْمَالُ يُؤْمَرُ بِالتَّسْلِيمِ إلَيْهِ بَعْدَ التَّلَوُّمِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا ادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ وَارِثًا يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْوَارِثِ فَيَدْفَعُ إلَيْهِ بَعْدَ التَّلَوُّمِ كَمَا يَدْفَعُ إلَى الْوَارِثِ بَعْدَ التَّلَوُّمِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَارِثٌ آخَرُ، وَلَوْ لَمْ يُقِرَّ مَنْ فِي يَدِهِ الْمَالُ بَلْ أَنْكَرَ مَوْتَهُ أَوْ قَالَ لَا أَدْرِي لَا يُؤْمَرُ بِالتَّسْلِيمِ إلَيْهِ مَا لَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ، وَلَوْ لَمْ يَقُلْ لَمْ يَتْرُكْ وَارِثًا لَمْ يَكُنْ صَاحِبُ الْيَدِ خَصْمًا وَتَمَامُهُ فِي التَّحْرِيرِ، وَلَوْ ادَّعَى أَنَّ صَاحِبَ الْمَالِ مَاتَ وَأَوْصَى إلَيْهِ وَصَدَّقَهُ ذُو الْيَدِ لَا يُلْتَفَتُ إلَى تَصْدِيقِهِ وَلَا يُؤْمَرُ بِالتَّسْلِيمِ إلَيْهِ إذَا كَانَ الْمَالُ عَيْنًا فِي يَدِ الْمُقِرِّ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهُ وَكِيلُ صَاحِبِ الْمَالِ بِقَبْضِ الْوَدِيعَةِ أَوْ الْغَصْبِ بَعْدَ مَوْتِهِ فَلَا يَصِحُّ كَمَا لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ وَكَّلَهُ حَالَ حَيَاتِهِ بِقَبْضِ الْعَيْنِ، وَإِنْ كَانَ الْمَالُ دَيْنًا عَلَى الْمُقِرِّ فَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ الْأَوَّلِ يُصَدَّقُ وَيُؤْمَرُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى نَفْسِهِ إذْ الْقَضَاءُ فِي خَالِصِ مَا لَهُ كَمَا لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ وَكَّلَهُ فِي حَالِ حَيَاتِهِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ وَصَدَّقَهُ الْمَدِينُ يُجْبَرُ عَلَى التَّسْلِيمِ بِخِلَافِ مَا لَوْ صَدَّقَهُ أَنَّهُ وَكِيلٌ بِقَبْضِ الْوَدِيعَةِ وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْأَخِيرِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا يُصَدَّقُ وَلَا يُؤْمَرُ بِالتَّسْلِيمِ إلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ إقْرَارًا عَلَى نَفْسِهِ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرَ لَكِنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى الْغَائِبِ مِنْ وَجْهٍ وَدَعْوَى لِبَرَاءَةِ نَفْسِهِ يَدْفَعُ الْمَالَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ دَفَعَ الدَّيْنَ إلَيْهِ وَتَحَقَّقَ مَوْتُ صَاحِبِ الْمَالِ بَرِئَ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ لِصِحَّةِ أَمْرِ الْقَاضِي بِذَلِكَ حَتَّى لَوْ حَضَرَ الْوَارِثُ وَأَنْكَرَ وِصَايَتَهُ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ وَلَا لَهُ وِلَايَةُ إتْبَاعِ الْغَرِيمِ فَيُؤَدِّي إلَى أَنْ يَبْرَأَ مِنْ الدَّيْنِ بِقَوْلِهِ مِنْ غَيْرِ حُجَّةٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَقَرَّ بِوَكَالَتِهِ حَالَ حَيَاتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ حَضَرَ رَبُّ الدَّيْنِ وَأَنْكَرَ كَانَ لَهُ أَنْ يَتْبَعَهُ بِدَيْنِهِ؛ لِأَنَّ أَمْرَ الْقَاضِي بِالدَّفْعِ لَمْ يَصِحَّ فِي حَيَاتِهِ ذَكَرَهُ فِي التَّيْسِيرِ
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (وَلَوْ وَكَّلَهُ بِقَبْضِ مَالِهِ فَادَّعَى الْغَرِيمُ أَنَّ رَبَّ الْمَالِ أَخَذَهُ دَفَعَ الْمَالَ) أَيْ رَجُلٌ وَكَّلَ رَجُلًا بِقَبْضِ دَيْنٍ لَهُ عَلَى غَرِيمِهِ فَقَالَ الْغَرِيمُ لِلْوَكِيلِ إنَّ رَبَّ الْمَالِ أَخَذَهُ مِنِّي يُجْبَرُ عَلَى دَفْعِ الْمَالِ إلَى الْوَكِيلِ؛ لِأَنَّ وَكَالَتَهُ تَثْبُتُ بِقَوْلِهِ أَخَذَهُ رَبُّ الْمَالِ إذَا لَمْ يُنْكِرْ الْوَكَالَةَ، وَإِنَّمَا ادَّعَى الْإِيفَاءَ وَفِي ضِمْنِ دَعْوَاهُ إقْرَارٌ بِالدَّيْنِ وَبِالْوَكَالَةِ وَهَذَا لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ هُوَ مُحِقًّا عِنْدَهُ فِي طَلَبِ الدَّيْنِ لَمَا اشْتَغَلَ بِذَلِكَ فَصَارَ كَمَا إذَا طَلَبَ مِنْهُ الدَّيْنَ فَقَالَ أَوْفَيْتُك، فَإِنَّهُ يَكُونُ إقْرَارًا بِالدَّيْنِ، فَإِذَا كَانَ إقْرَارًا تَثْبُتُ الْوَكَالَةُ فِي زَعْمِهِ وَلَمْ يَثْبُتْ الْإِيفَاءُ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ فَيُؤْمَرُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِالْوَكَالَةِ صَرِيحًا عَلَى مَا بَيَّنَّا، وَلَوْ طَلَبَ الْغَرِيمُ تَحْلِيفَ الْوَكِيلِ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ الْمُوَكِّلَ اسْتَوْفَى مِنْهُ لَمْ يَحْلِفْ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ لَا تَجْرِي فِيهَا النِّيَابَةُ عَلَى مَا بَيَّنَّا مِنْ قَبْلُ
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ لَمْ يُؤْمَرْ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ) وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى الدَّفْعِ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ سَلَّمَ الْوَدِيعَةَ إلَيْهِ فَهَلَكَتْ فِي يَدِهِ وَأَنْكَرَ الْمُودَعُ إلَخْ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، فَإِنْ كَانَتْ ضَاعَتْ فِي يَدِهِ أَيْ يَدِ الْوَكِيلِ فَهَلْ لِلْمُودِعِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ فَهُوَ عَلَى وُجُوهٍ: أَحَدُهَا أَنْ يَدْفَعَهَا إلَيْهِ الْمُودَعُ مَعَ التَّصْدِيقِ بِلَا تَضْمِينٍ فَلَا رُجُوعَ فِيهِ لِأَنَّ فِي زَعْمِهِ أَنَّ الْوَكِيلَ مُحِقٌّ فِي الْأَخْذِ وَلَكِنَّ الْمُوَكِّلَ ظَلَمَ فِي الْأَخْذِ ثَانِيًا بِالتَّضْمِينِ وَالْمَرْءُ مُؤَاخَذٌ بِزَعْمِهِ وَالثَّانِي أَنْ يَدْفَعَ بِالتَّصْدِيقِ وَشَرْطُ الضَّمَانِ احْتِيَاطًا مِنْ تَكْذِيبِ الْغَائِبِ رَجَعَ عَلَى الْوَكِيلِ لِأَجْلِ ضَمَانِهِ وَالثَّالِثُ أَنْ يَدْفَعَ مَعَ التَّكْذِيبِ، فَإِذَا ضَمَّنَهُ الْغَائِبَ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْوَكِيلِ لِأَنَّ فِي زَعْمِهِ أَنَّهُ أَخَذَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ وَالرَّابِعُ أَنْ يَدْفَعَ بِلَا تَصْدِيقٍ وَلَا تَكْذِيبٍ، فَإِذَا ضَمَّنَهُ الْغَائِبَ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ أَيْضًا لِأَنَّ الدَّفْعَ كَانَ عَلَى رَجَاءِ الْإِجَازَةِ مِنْ الْغَائِبِ، فَإِذَا انْقَطَعَ الرَّجَاءُ رَجَعَ عَلَى الْوَكِيلِ اهـ وَهَذِهِ الْأَوْجُهُ تُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ لَكِنِّي بَادَرْت بِكِتَابَتِهَا قَبْلَ التَّأَمُّلِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ اهـ
(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْوَكِيلِ) أَيْ فِيهَا إذَا دَفَعَهَا إلَيْهِ الْمُودَعُ مَعَ التَّصْدِيقِ بِلَا تَضْمِينٍ اهـ (قَوْلُهُ: وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ مِنْ غَيْرِ تَصْدِيقٍ) صَادِقٌ بِمَا إذَا دَفَعَهَا إلَيْهِ مَعَ التَّكْذِيبِ وَبِمَا إذَا دَفَعَهَا إلَيْهِ بِلَا تَصْدِيقٍ وَلَا تَكْذِيبٍ. اهـ. (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ ضَمِنَهُ أَوْ لَمْ يَضْمَنْهُ اهـ ك
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute