للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بَذْلًا فِي الْمَعْنَى عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ تَرْكُ مَنْعٍ وَأَنَّ الْمُدَّعِيَ يَأْخُذُهُ مُحِقًّا فَلَا يَمْتَنِعُ بِالشُّيُوعِ.

ثُمَّ الدَّعْوَى فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ تُتَصَوَّرُ مِنْ أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ أَيُّهُمَا كَانَ إلَّا الْحَدَّ وَاللِّعَانَ وَالِاسْتِيلَادَ، فَإِنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعِي فِيهَا إلَّا الْمَقْذُوفَ وَالْمَوْلَى وَاخْتَارَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ عَلِيٌّ الْبَزْدَوِيُّ قَوْلَهُمَا لِلْفَتْوَى عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي الْمُخْتَصَرِ وَاخْتِيَارُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ مَشَايِخِنَا عَلَى أَنَّ الْقَاضِيَ يَنْظُرُ فِي حَالِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَإِنْ رَآهُ مُتَعَنِّتًا يُحَلِّفُهُ أَخْذًا بِقَوْلِهِمَا، وَإِنْ رَآهُ مَظْلُومًا لَا يُحَلِّفُهُ أَخْذًا بِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَهُوَ نَظِيرُ مَا اخْتَارَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ فِي التَّوْكِيلِ بِالْخُصُومَةِ بِغَيْرِ رِضَا الْخَصْمِ إنْ رَأَى مِنْ الْخَصْمِ التَّعَنُّتَ وَقَصْدَ الْإِضْرَارِ بِالْآخِرِ قَبِلَ بِغَيْرِ رِضَاهُ وَإِلَّا فَلَا وَذَكَرَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ الْحُدُودَ لَا يُسْتَحْلَفُ فِيهَا بِالْإِجْمَاعِ إلَّا إذَا تَضَمَّنَ حَقًّا بِأَنْ عَلَّقَ عِتْقَ عَبْدِهِ بِالزِّنَا وَقَالَ: إنْ زَنَيْت فَأَنْتَ حُرٌّ فَادَّعَى الْعَبْدُ أَنَّهُ قَدْ زَنَى وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ عَلَيْهِ يُسْتَحْلَفُ الْمَوْلَى حَتَّى إذَا نَكَلَ ثَبَتَ الْعِتْقُ دُونَ الزِّنَا ثُمَّ إذَا لَمْ يَحْلِفْ الْمُنْكِرُ فِي النَّسَبِ عِنْدَهُ هَلْ تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي يُنْظَرُ، فَإِنْ كَانَ نَسَبًا يَثْبُتُ بِالْإِقْرَارِ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَذَلِكَ مِثْلُ الْوَلَدِ وَالْوَالِدِ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ بِإِقْرَارِهِ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ مِثْلُ الْجَدِّ وَوَلَدِ الْوَلَدِ وَالْأَعْمَامِ وَالْإِخْوَةِ وَأَوْلَادِهِمْ؛ لِأَنَّ فِيهِ حَمْلَ النَّسَبِ عَلَى الْغَيْرِ بِخِلَافِ دَعْوَى الْمَوْلَى الْأَعْلَى أَوْ الْأَسْفَلِ حَيْثُ تُقْبَلُ، وَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ مُعْتَقُ جَدِّهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ النَّسَبَ لَا يَثْبُتُ فِيهِمْ إلَّا بِوَاسِطَةٍ فَيَكُونُ فِيهِ تَحْمِيلٌ عَلَى الْوَاسِطَةِ أَمَّا الْوَلَاءُ فَلَا يَثْبُتُ بِوَاسِطَةٍ بَلْ يُجْعَلُ فِي الْحُكْمِ كَأَنَّهُ هُوَ الْمُعْتَقُ وَلِهَذَا لَا تَرِثُ النِّسَاءُ الْوَلَاءَ، وَلَوْ كَانَ بِوَاسِطَةٍ لَثَبَتَ لَهُنَّ وَكَذَا يَكُونُ الْوَلَاءُ لِلْكِبَرِ.

وَلَوْ كَانَ بِطَرِيقِ الْإِرْثِ لَمَا كَانَ لَهُ كَمَا فِي الْمَالِ وَكَذَا لَوْ أَعْتَقَ عَبْدًا ثُمَّ مَاتَ الْمَوْلَى عَنْ ابْنَيْنِ ثُمَّ مَاتَ الِابْنَانِ أَحَدُهُمَا عَنْ ابْنٍ وَاحِدٍ وَالْآخَرُ عَنْ عَشَرَةٍ ثُمَّ مَاتَ الْمُعْتَقُ، فَإِنَّ مَالَهُ يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ عَلَى أَحَدَ عَشَرَ مِنْهُمَا يُجْعَلُ كَأَنَّهُمْ أَعْتَقُوهُ، وَلَوْ كَانَ بِطَرِيقِ الْإِرْثِ لَكَانَ لِلِابْنِ الْوَاحِدِ النِّصْفُ وَلِلْعَشَرَةِ النِّصْفُ نَصِيبُ أَبِيهِمْ وَعِنْدَهُمَا يَثْبُتُ بِالنُّكُولِ إذَا

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ: وَالْمَوْلَى) لِأَنَّ الْمَوْلَى لَوْ ادَّعَى الِاسْتِيلَادَ يَثْبُتُ بِإِقْرَارِهِ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى إنْكَارِهَا اهـ (قَوْلُهُ: وَاخْتَارَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ عَلِيٌّ الْبَزْدَوِيُّ قَوْلَهُمَا لِلْفَتْوَى) قَالَ الْكَاكِيُّ وَفِي جَامِعِ قَاضِي خَانْ وَالْوَاقِعَاتِ وَالْفُصُولِ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا. اهـ. (قَوْلُهُ: عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي الْمُخْتَصَرِ) لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ الْبَزْدَوِيُّ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْقَاضِي الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ وَمُرَادُهُ قَاضِي خَانْ، فَإِنَّهُ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ اهـ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ الْمُخْتَصَرُ هُوَ مَتْنُ الْكَنْزِ. اهـ. (قَوْلُهُ: فَادَّعَى الْعَبْدُ أَنَّهُ قَدْ زَنَى إلَخْ) يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ الْعَبْدُ فِي دَعْوَاهُ إنَّهُ قَدْ أَتَى مَا عَلَّقَ عَلَيْهِ عِتْقِي وَلَا يَقُولُ إنَّهُ قَدْ زَنَى كَيْ لَا يَصِيرَ قَاذِفًا مَوْلَاهُ اهـ.

(قَوْلُهُ: ثُمَّ إذَا لَمْ يَحْلِفْ الْمُنْكَرُ فِي النَّسَبِ إلَخْ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ، وَإِنَّمَا يُسْتَحْلَفُ فِي النَّسَبِ الْمُجَرَّدِ عِنْدَهُمَا إذَا كَانَ يَثْبُتُ بِإِقْرَارِهِ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ يَعْنِي يَثْبُتُ الِاسْتِحْلَافُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ فِي النَّسَبِ الْمُجَرَّدِ بِدُونِ دَعْوَى حَقٍّ آخَرَ وَلَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَثْبُتَ النَّسَبُ بِإِقْرَارِ الْمُقِرِّ أَمَّا إذَا كَانَ بِحَيْثُ لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ بِإِقْرَارِ الْمُقِرِّ فَلَا يَجْرِي الِاسْتِحْلَافُ فِي النَّسَبِ الْمُجَرَّدِ عِنْدَهُمَا أَيْضًا بَيَانُهُ أَنَّ إقْرَارَ الرَّجُلِ يَصِحُّ بِخَمْسَةٍ بِالْوَالِدَيْنِ وَالْوَلَدِ وَالزَّوْجَةِ وَالْمَوْلَى لِأَنَّهُ إقْرَارٌ بِمَا يَلْزَمُهُ وَلَيْسَ فِيهِ تَحْمِيلُ النَّسَبِ عَلَى الْغَيْرِ وَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِمَا سِوَاهُمْ وَيَصِحُّ إقْرَارُ الْمَرْأَةِ بِأَرْبَعَةٍ بِالْوَالِدَيْنِ وَالزَّوْجِ وَالْمَوْلَى وَلَا يَصِحُّ بِالْوَلَدِ وَمَنْ سِوَى هَؤُلَاءِ لِأَنَّ فِيهِ تَحْمِيلَ النَّسَبِ عَلَى الْغَيْرِ إلَّا إذَا صَدَّقَهَا الزَّوْجُ فِي إقْرَارِهَا بِالْوَلَدِ أَوْ تَشْهَدَ بِوِلَادَةِ الْوَلَدِ قَابِلَةٌ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْمَعْرُوفُ بِخُوَاهَرْ زَادَهْ فِي مَبْسُوطِهِ فِي بَابِ الِاسْتِحْلَافِ فِي الِادِّعَاءِ: الْأَصْلُ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّ الْمُدَّعَى قِبَلَهُ النَّسَبُ إذَا أَنْكَرَ هَلْ يُسْتَحْلَفُ إنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ أَقَرَّ بِهِ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ لَا يُسْتَحْلَفُ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا لِأَنَّ الْيَمِينَ لَا يُفِيدُ، فَإِنَّ فَائِدَةَ الْيَمِينِ النُّكُولُ حَتَّى يُجْعَلَ النُّكُولُ بَذْلًا أَوْ إقْرَارًا فَيُقْضَى عَلَيْهِ، فَإِذَا كَانَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِ لَوْ أَقَرَّ، فَإِنَّهُ لَا يُسْتَحْلَفُ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا، وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى قِبَلَهُ بِحَيْثُ لَوْ أَقَرَّ بِهِ لَزِمَهُ مَا أَقَرَّ بِهِ، فَإِذَا أَنْكَرَ هَلْ يُسْتَحْلَفُ عَلَى ذَلِكَ فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى الِاخْتِلَافِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يُسْتَحْلَف وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ يُسْتَحْلَفُ، فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ عَنْ الدَّعْوَى، وَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ لَزِمَهُ الدَّعْوَى فَعَلَى هَذَا الْأَصْلِ يُخَرِّجُ مَسَائِلَ الْبَابِ.

إلَى هُنَا لَفْظُ خُوَاهَرْزَادَهْ وَقَالَ أَيْضًا ثُمَّ جَمِيعُ مَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ لَا يَمِينَ فِي النَّسَبِ إذَا وَقَعَ الدَّعْوَى فِي مُجَرَّدِ النَّسَبِ، فَأَمَّا إذَا وَقَعَ فِي النَّسَبِ وَالْمِيرَاثِ وَالنَّفَقَةِ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى قِبَلَهُ، فَإِنَّهُ يُسْتَحْلَفُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِلْمَالِ لَا لِلنَّسَبِ يُسْتَحْلَفُ بِاَللَّهِ مَا لَهُ فِي ذَلِكَ الْمَالِ الَّذِي يَدَّعِي حَقٌّ وَعِنْدَهُمَا يُسْتَحْلَفُ لِلنَّسَبِ وَالْمَالِ جَمِيعًا وَهَذَا لِأَنَّ الدَّعْوَى وَقَعَ فِي النَّسَبِ وَالْمَالِ جَمِيعًا وَالْمَالُ مِمَّا يَجْرِي فِيهِ الِاسْتِحْلَافُ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا فَيُسْتَحْلَفُ لِلْمَالِ، وَإِنْ كَانَ لَا يُسْتَحْلَفُ لِلنَّسَبِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَكَانَ الْجَوَابُ فِيهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ كَالْجَوَابِ فِي السَّرِقَةِ عِنْدَ الْكُلِّ إذَا أَنْكَرَ السَّارِقُ، فَإِنَّهُ يُسْتَحْلَفُ لِلْمَالِ بِاَللَّهِ مَا لَهُ قِبَلَكَ ضَمَانُ هَذَا الْمَالِ، وَإِنْ كَانَ لَا يُسْتَحْلَفُ لِلْقَطْعِ لِأَنَّ الدَّعْوَى وَقَعَ فِي الْحَدِّ وَالْمَالِ جَمِيعًا فَيُسْتَحْلَفُ لِلْمَالِ، وَإِنْ كَانَ لَا يُسْتَحْلَفُ لِلْقَطْعِ فَكَذَلِكَ هَذَا. اهـ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا يَكُونُ الْوَلَاءُ لِلْكُبْرِ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ وَالْوَلَاءُ لِلْكُبْرِ بِالضَّمِّ أَيْ لِمَنْ هُوَ أَقْعَدُ بِالنَّسَبِ وَأَقْرَبُ اهـ وَفِي الْمُغْرِبِ وَقَوْلُهُمْ الْوَلَاءُ لِلْكِبَرِ أَيْ لِأَكْبَرِ أَوْلَادِ الْمُعْتَقِ وَالْمُرَادُ أَقْرَبُهُمْ نَسَبًا لَا أَكْبَرُهُمْ سِنًّا يُقَالُ: هُوَ أَكْبَرُ الْقَوْمِ أَيْ أَقْعَدُهُمْ فِي النَّسَبِ وَأَقْرَبُهُمْ إلَى الْجَدِّ الْأَكْبَرِ وَفِي الْحَدِيثِ وَهُوَ أَنْ يَمُوتَ الرَّجُلُ وَيَتْرُكَ ابْنًا وَابْنَ ابْنٍ فَالْوَلَاءُ لِلِابْنِ دُونَ ابْنِ الِابْنِ. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>