كَانَ نَسَبًا يَثْبُتُ بِإِقْرَارِهِ وَإِلَّا فَلَا
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَيُسْتَحْلَفُ السَّارِقُ، فَإِنْ نَكَلَ ضَمِنَ وَلَمْ يُقْطَعْ)؛ لِأَنَّ مُوجِبَ فِعْلِهِ شَيْئَانِ الضَّمَانُ وَهُوَ يَجِبُ مَعَ الشُّبْهَةِ فَيَجِبُ بِالنُّكُولِ، وَالْقَطْعُ وَهُوَ لَا يَجِبُ مَعَ الشُّبْهَةِ فَلَا يَجِبُ بِالنُّكُولِ فَصَارَ نَظِيرَ مَا إذَا ثَبَتَتْ السَّرِقَةُ بِشَهَادَةِ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ بِالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ أَوْ بِكِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي، فَإِنَّ ضَمَانَ الْمَالِ يَجِبُ بِهَا دُونَ الْقَطْعِ وَيَقُولُ فِي الِاسْتِحْلَافِ بِاَللَّهِ مَا لَهُ عَلَيْك هَذَا الْمَالُ وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ الْقَاضِيَ يَقُولُ لِلْمُدَّعِي مَاذَا تُرِيدُ، فَإِنْ قَالَ أُرِيدُ الْقَطْعَ قَالَ لَهُ إنَّ الْحُدُودَ لَا يُسْتَحْلَفُ فِيهَا فَلَيْسَ لَك يَمِينُهُ، فَإِنْ قَالَ أُرِيدُ الْمَالَ قَالَ لَهُ دَعْ دَعْوَى السَّرِقَةِ وَادَّعِ الْمَالَ
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (وَالزَّوْجُ إذَا ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ طَلَاقًا قَبْلَ الْوَطْءِ، فَإِنْ نَكَلَ ضَمِنَ نِصْفَ الْمَهْرِ) أَيْ يُسْتَحْلَفُ الزَّوْجُ إذَا ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ ذَلِكَ وَهَذَا بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِحْلَافَ يَجْرِي فِي الْمَالِ بِالِاتِّفَاقِ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ الْمَقْصُودُ هُوَ الْمَالُ وَكَذَا فِي النِّكَاحِ إذَا ادَّعَتْ الصَّدَاقَ أَوْ النَّفَقَةَ؛ لِأَنَّهُ دَعْوَى الْمَالِ ثُمَّ يَثْبُتُ الْمَالُ بِنُكُولِهِ وَلَا يَثْبُتُ النِّكَاحُ وَكَذَا يُسْتَحْلَفُ فِي النَّسَبِ إذَا ادَّعَى حَقًّا كَالْإِرْثِ وَالْحَجْرِ وَالنَّفَقَةِ وَالْعِتْقِ بِسَبَبِ الْمِلْكِ وَامْتِنَاعِ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ، فَإِنْ نَكَلَ ثَبَتَ الْحَقُّ وَلَا يَثْبُتُ النَّسَبُ إنْ كَانَ نَسَبًا لَا يَصِحُّ الْإِقْرَارُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ يَصِحُّ الْإِقْرَارُ بِهِ فَعَلَى الْخِلَافِ الَّذِي ذَكَرْنَا
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَجَاحِدُ الْقَوَدِ فَإِنْ نَكَلَ فِي النَّفْسِ حُبِسَ حَتَّى يُقِرَّ أَوْ يَحْلِفَ وَفِيمَا دُونَهُ يُقْتَصُّ) أَيْ يُسْتَحْلَفُ جَاحِدُ الْقِصَاصِ، فَإِنْ نَكَلَ فِي النَّفْسِ حُبِسَ حَتَّى يَحْلِفَ أَوْ يُقِرَّ وَلَا يُقْتَصُّ مِنْهُ وَفِيمَا دُونَ النَّفْسِ يُقْتَصُّ مِنْهُ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَقَالَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْأَرْشُ فِيهِمَا؛ لِأَنَّ النُّكُولَ إقْرَارٌ فِيهِ شُبْهَةٌ عِنْدَهُمَا؛ لِأَنَّ فِي امْتِنَاعِهِ عَنْ الْيَمِينِ احْتِمَالًا يَحْتَمِلُ لِأَجْلِ التَّرَفُّعِ عَلَى مَا بَيَّنَّا فَلَا تَجِبُ بِهِ الْعُقُوبَةُ كَالْحُدُودِ، فَإِذَا امْتَنَعَ وُجُوبُ الْقِصَاصِ يَجِبُ عَلَيْهِ الْأَرْشُ بِخِلَافِ مَا إذَا أَقَامَ عَلَى ذَلِكَ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ حَيْثُ لَا يُقْضَى فِيهِ بِشَيْءٍ وَكَذَا بِالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ فِيهِ لَا يُقْضَى بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَيُسْتَحْلَفُ السَّارِقُ إلَخْ) هَذِهِ مِنْ مَسَائِلِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ، وَصُورَتُهَا فِيهِ مُحَمَّدٌ عَنْ يَعْقُوبَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ لَا يَمِينَ فِي حَدٍّ إلَّا لَوْ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ سَرِقَةً اسْتَحْلَفَهُ، فَإِنْ أَبَى أَنْ يَحْلِفَ ضَمَّنَهُ السَّرِقَةَ قَالَ الْقُدُورِيُّ فِي شَرْحِ كِتَابِ الِاسْتِحْلَافِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَا يُسْتَحْلَفُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْحُدُودِ لَا فِي الزِّنَا وَلَا فِي السَّرِقَةِ وَلَا الْقَذْفِ وَلَا شُرْبِ الْخَمْرِ وَلَا السُّكْرِ إلَّا إنْ طَالَبَ الْمَسْرُوقَ مِنْهُ بِضَمَانِ الْمَالِ اسْتَحْلَفَهُ، فَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ ضَمَّنَهُ الْمَالَ وَلَمْ يَقْطَعْهُ وَذَلِكَ لِأَنَّ الدَّعْوَى تَتَضَمَّنُ أَمْرَيْنِ: الضَّمَانَ وَالْقَطْعَ، وَالضَّمَانُ يُسْتَوْفَى بِالنُّكُولِ فَوَجَبَ إثْبَاتُ أَحَدِهِمَا وَإِسْقَاطُ الْآخَرِ وَأَصْلُ ذَلِكَ مَا قَالُوا فِي شُرُوحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَنَّ الِاسْتِحْلَافَ شُرِعَ لِلنُّكُولِ وَالنُّكُولُ إمَّا بَذْلٌ أَوْ إقْرَارٌ فِيهِ شُبْهَةٌ وَكُلُّ ذَلِكَ لَا يَصْلُحُ حُجَّةً فِي الْحُدُودِ وَلِأَنَّ الِاسْتِحْلَافَ لِاسْتِخْرَاجِ الْحُقُوقِ عَلَى وَجْهِ الْمُبَالَغَةِ وَالْحُدُودُ يُحْتَالُ لِدَرْئِهَا فَلَا يَتَكَلَّفُ لِاسْتِخْرَاجِهَا فَلَا يُشْرَعُ الْيَمِينُ فِيهَا إلَّا فِي السَّرِقَةِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُوَ الْمَالُ فَيُسْتَحْلَفُ فِيهَا وَيُقْضَى بِالْمَالِ عِنْدَ النُّكُولِ كَمَا يُقْضَى بِهَا بِشَهَادَةِ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ فِي الْمَالِ دُونَ الْقَطْعِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَالزَّوْجُ إذَا ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ طَلَاقًا قَبْلَ الْوَطْءِ) قَالَ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ لِأَنَّهُ يَحْلِفُ فِي الطَّلَاقِ إجْمَاعًا. اهـ. (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ، فَإِنْ نَكَلَ ضَمِنَ نِصْفَ الْمَهْرِ) أَيْ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا وَهَذِهِ مِنْ مَسَائِلِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ ذَكَرَهَا فِيهِ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ هَذِهِ الدَّعْوَى هُوَ الْمَالُ وَهُوَ نِصْفُ الْمَهْرِ لَا التَّزَوُّجُ وَالِاسْتِحْلَافُ يَجْرِي فِي الْمَالِ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَكَذَا فِي النِّكَاحِ إذَا ادَّعَتْ الصَّدَاقَ) يَعْنِي إذَا كَانَ مَعَ النِّكَاحِ دَعْوَى الْمَالِ يَجْرِي الِاسْتِحْلَافُ بِالِاتِّفَاقِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُوَ الْمَالُ ثُمَّ بِالنُّكُولِ يَثْبُتُ الْمَالُ وَلَا يَثْبُتُ النِّكَاحُ لِأَنَّ الْبَذْلَ يَجْرِي فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ: وَكَذَا يُسْتَحْلَفُ فِي النَّسَبِ إلَخْ) يَعْنِي إذَا ادَّعَى فِي النَّسَبِ حَقًّا آخَرَ سِوَى النَّسَبِ كَالْمَسَائِلِ الْمَذْكُورَةِ يُسْتَحْلَفُ بِالِاتِّفَاقِ، وَإِنْ كَانَ لَا يُسْتَحْلَفُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي دَعْوَى النَّسَبِ الْمُجَرَّدِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ: كَالْإِرْثِ) بِأَنْ ادَّعَى عَلَى شَخْصٍ أَنَّهُ أَخُوهُ لِأَبِيهِ وَأَنَّ أَبَاهُمَا مَاتَ وَتَرَكَ مَالًا فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ يُسْتَحْلَفُ عَلَى النَّسَبِ بِالِاتِّفَاقِ، فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ، وَإِنْ نَكَلَ يُقْضَى بِالْمَالِ دُونَ النَّسَبِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَالْحَجْرُ) بِأَنْ الْتَقَطَ رَجُلٌ صَبِيًّا لَا يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ فَادَّعَتْ امْرَأَةٌ أَنَّهُ أَخُوهَا تُرِيدُ قَصْرَ يَدِ الْمُلْتَقِطِ وَأَخْذِهِ بِالْحَضَانَةِ وَأَنْكَرَ الْمُلْتَقِطُ ذَلِكَ، فَإِنْ نَكَلَ ثَبَتَ لَهَا حَقُّ نَقْلِ الصَّبِيِّ إلَى حِجْرِهَا وَلَا يَثْبُتُ النَّسَبُ اهـ (قَوْلُهُ: وَالنَّفَقَةُ) أَيْ إذَا قَالَ الْمُدَّعِي وَهُوَ زَمِنٌ إنَّهُ أَخُو الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَافْرِضْ لِي النَّفَقَةَ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ هَذَا أَخَاهُ، فَإِنَّهُ يُسْتَحْلَفُ عَلَى النَّسَبِ، فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ، وَإِنْ نَكَلَ يُقْضَى بِالنَّفَقَةِ دُونَ النَّسَبِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَامْتِنَاعُ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ) صُورَتُهُ مَا إذَا أَرَادَ الْوَاهِبُ الرُّجُوعَ فِي الْهِبَةِ فَقَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ أَنَا أَخُوك فَأَنْكَرَ الْوَاهِبُ، فَإِنَّهُ يُسْتَحْلَفُ، فَإِنْ نَكَلَ ثَبَتَ الِامْتِنَاعُ وَلَمْ تَثْبُتْ الْأُخُوَّةُ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَجَاحِدُ الْقَوَدِ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَهَذَا فِي دَعْوَى الْقَتْلِ عَلَى وَاحِدٍ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ وَفِيهِ يَبْرَأُ بِالْيَمِينِ الْوَاحِدَةِ وَلَا يَجِبُ شَيْءٌ آخَرُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَأَمَّا إذَا كَانَ دَعْوَى الْقَتْلِ عَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ أَوْ عَلَى بَعْضِهِمْ فَفِيهِ الْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ جَمِيعًا وَسَيَجِيءُ فِي بَابِ الْقَسَامَةِ مِنْ كِتَابِ الدِّيَاتِ تَمَامُ الْبَيَانِ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا ادَّعَى الْقِصَاصَ فِي النَّفْسِ أَوْ فِي الطَّرَفِ يَحْلِفُ بِالِاتِّفَاقِ، فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ، وَإِنْ نَكَلَ يُقْتَصُّ فِي الطَّرَفِ وَلَا يُقْضَى بِشَيْءٍ فِي النَّفْسِ وَلَكِنْ يُحْبَسُ حَتَّى يُقِرَّ أَوْ يَحْلِفَ أَوْ يَمُوتَ جُوعًا وَعِنْدَهُمَا يُقْضَى بِالْمَالِ فِي النَّفْسِ وَالطَّرَفِ جَمِيعًا. اهـ. (قَوْلُهُ: يُسْتَحْلَفُ جَاحِدُ الْقِصَاصِ) أَيْ بِالْإِجْمَاعِ اهـ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute