للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَنْقُصَ عَنْهُ إلَّا أَنَّهُ يُحْتَاطُ وَيَحْتَرِزُ عَنْ عَطْفِ بَعْضِ الْأَسْمَاءِ عَلَى الْبَعْضِ كَيْ لَا يَتَكَرَّرَ عَلَيْهِ الْيَمِينُ، وَلَوْ أُمِرَ بِالْعَطْفِ فَأَتَى بِوَاحِدَةٍ وَنَكَلَ عَنْ الْبَاقِي لَا يَقْضِي عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ عَلَيْهِ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ، وَقَدْ أَتَى بِهَا، وَلَوْ لَمْ يُغَلِّظْ جَازَ وَقِيلَ لَا يُغَلِّظُ عَلَى الْمَعْرُوفِ بِالصَّلَاحِ وَيُغَلِّظُ عَلَى غَيْرِهِ وَقِيلَ يُغَلِّظُ فِي الْخَطِيرِ مِنْ الْمَالِ دُونَ الْحَقِيرِ، وَلَوْ غَلَّظَ عَلَيْهِ فَحَلَفَ مِنْ غَيْرِ تَغْلِيظٍ وَنَكَلَ عَنْ التَّغْلِيظِ لَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْحَلِفُ بِاَللَّهِ تَعَالَى، وَقَدْ حَصَلَ

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (لَا بِزَمَانٍ وَمَكَانٍ) أَيْ لَا يُؤَكِّدْ عَلَيْهِ الْيَمِينَ بِزَمَانٍ وَلَا بِمَكَانٍ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إنْ كَانَتْ الْيَمِينُ فِي قَسَامَةٍ أَوْ لِعَانٍ أَوْ فِي مَالٍ عَظِيمٍ يَبْلُغُ مِائَتَيْ مِثْقَالٍ تُغَلَّظُ بِالْمَكَانِ فَيُحَلَّفُ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ إنْ كَانَ بِمَكَّةَ وَعِنْدَ قَبْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنْ كَانَ فِي الْمَدِينَةِ وَعِنْدَ الصَّخْرَةِ إنْ كَانَ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَفِي الْجَوَامِعِ فِي غَيْرِهَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَفِي الْمَسَاجِدِ وَيَكُونُ ذَلِكَ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَلَنَا إطْلَاقُ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» وَالتَّخْصِيصُ بِالْمَكَانِ وَالزَّمَانِ زِيَادَةٌ عَلَى النَّصِّ وَهُوَ نَسْخٌ وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ تَعْظِيمُ الْمُقْسَمِ بِهِ وَهُوَ يَحْصُلُ بِدُونِ ذَلِكَ وَلِأَنَّ فِيهِ حَرَجًا عَلَى الْقَاضِي حَيْثُ يُكَلَّفُ حُضُورُهَا وَهُوَ مَدْفُوعٌ وَلِأَنَّ فِيهِ تَأْخِيرَ حَقِّ الْمُدَّعِي فِي الْيَمِينِ فَلَا يُشْرَعُ وَلِأَنَّهُ أَحَدُ مَا تَنْقَطِعُ بِهِ الْخُصُومَةُ فَلَا يَخْتَصُّ بِهِمَا كَالْبَيِّنَةِ

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَيُسْتَحْلَفُ الْيَهُودِيُّ بِاَللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى) - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - (وَالنَّصْرَانِيُّ بِاَللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ الْإِنْجِيلَ عَلَى عِيسَى) - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - (وَالْمَجُوسِيُّ بِاَللَّهِ الَّذِي خَلَقَ النَّارَ وَالْوَثَنِيُّ بِاَللَّهِ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لِابْنِ صُورِيَّا الْأَعْوَرِ الْيَهُودِيِّ أَنْشُدُك بِاَللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - إنَّ حُكْمَ الزِّنَا فِي كِتَابِكُمْ هَذَا» وَلِأَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ يَعْتَقِدُونَ نُبُوَّةَ نَبِيِّهِمْ فَيُؤَكِّدُ عَلَيْهِمْ بِذِكْرِ الْمُنَزَّلِ عَلَى نَبِيِّهِمْ وَالْمَجُوسِيُّ يَعْتَقِدُ تَعْظِيمَ النَّارِ فَيُؤَكِّدُ عَلَيْهِ بِذِكْرِ خَالِقِهَا وَالْوَثَنِيُّ وَهُوَ الَّذِي يَعْبُدُ غَيْرَ اللَّهِ تَعَالَى يَعْتَقِدُ أَنَّ اللَّهَ خَالِقُهُ، وَإِنَّمَا يُشْرِكُ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى غَيْرَهُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [لقمان: ٢٥] وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ أَحَدٌ إلَّا بِاَللَّهِ تَعَالَى خَالِصًا احْتِرَازًا عَنْ إشْرَاكِ غَيْرِهِ فِي التَّعْظِيمِ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى وَذَكَرَ الْخَصَّافُ أَنَّهُ لَا يُحَلَّفُ غَيْرُ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ إلَّا بِاَللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ اخْتِيَارُ بَعْضِ مَشَايِخِنَا؛ لِأَنَّ فِي ذِكْرِ النَّارِ فِي الْيَمِينِ تَعْظِيمًا لَهَا؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ تُشْعِرُ بِذَلِكَ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُعَظِّمَ النَّارَ بِخِلَافِ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ؛ لِأَنَّ كُتُبَ اللَّهِ تَعَالَى وَاجِبُ التَّعْظِيمِ وَمَا ذَكَرَهُ هُنَا هُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْأَصْلِ فَكَأَنَّهُ وَقَعَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُمْ يُعَظِّمُونَهَا تَعْظِيمَ الْمُسْلِمِ الشَّعَائِرَ وَلَا يَعْبُدُونَهَا حَقِيقَةً قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلَا يُحَلَّفُونَ فِي بُيُوتِ عِبَادَاتِهِمْ)؛ لِأَنَّ فِيهِ تَعْظِيمَهَا وَالْقَاضِي مَمْنُوعٌ مِنْ حُضُورِهَا مَعَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْحَرَجِ وَهُوَ مَدْفُوعٌ عَنْهُ أَيْضًا

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَيَحْلِفُ عَلَى الْحَاصِلِ أَيْ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ: وَيَحْتَرِزُ عَنْ عَطْفِ بَعْضِ الْأَسْمَاءِ) أَيْ فَإِنَّهُ مَتَى حَلَّفَهُ بِاَللَّهِ تَعَالَى الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ يَكُونُ يَمِينًا وَاحِدَةً، فَإِذَا حَلَّفَهُ بِاَللَّهِ وَالرَّحْمَنِ وَالرَّحِيمِ يَكُونُ ثَلَاثَةَ أَيْمَانٍ وَالْمُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ فَيُرَاعِي الْقَاضِي هَذَا. اهـ. أَتْقَانِيٌّ

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَيُسْتَحْلَفُ الْيَهُودِيُّ بِاَللَّهِ إلَخْ) قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ أَهْلُ الذِّمَّةِ وَأَهْلُ الْإِسْلَامِ وَالْعَبْدُ التَّاجِرُ وَالْمُكَاتَبُ وَالصَّبِيُّ التَّاجِرُ وَالْمَرْأَةُ فِيمَا ادَّعَوْا أَوْ اُدُّعِيَ عَلَيْهِمْ سَوَاءٌ أَمَّا الذِّمِّيُّ، فَإِنَّهُ لَا يُفَارِقُ الْمُسْلِمَ فِي أَحْكَامِ الْمُعَامَلَاتِ لِأَنَّهُمْ مَحْمُولُونَ عَلَى أَحْكَامِنَا إلَّا مَا اُسْتُثْنِيَ بِعَقْدِ الْأَمَانِ وَأَمَّا الْعَبْدُ فَلِأَنَّهُ مِمَّنْ يَصِحُّ إقْرَارُهُ فَجَازَ أَنْ يُسْتَحْلَفَ وَكَذَلِكَ الصَّبِيُّ التَّاجِرُ عَلَى أَصْلِنَا إذْ الْإِذْنُ فِي التِّجَارَةِ لَهُ جَائِزٌ فَيَصِيرُ كَالْعَبْدِ الْمَأْذُونِ وَالْمُكَاتَبِ فِي يَدِ نَفْسِهِ فَهُوَ فِي بَابِ الْمُعَامَلَاتِ كَالْحُرِّ وَالْمَرْأَةِ لَا تُفَارِقُ الرِّجَالَ فِي بَابِ التَّصَرُّفِ فَجَرَيَا مَجْرًى وَاحِدًا إلَى هُنَا لَفْظُ الْقُدُورِيِّ وَقَالَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَيُسْتَحْلَفُ النَّصْرَانِيُّ بِاَللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ الْإِنْجِيلَ عَلَى عِيسَى وَيُسْتَحْلَفُ الْيَهُودِيُّ بِاَللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى وَلَا يُسْتَحْلَفُ الْمَجُوسِيُّ بِاَللَّهِ الَّذِي خَلَقَ النَّارَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ بِاَللَّهِ الَّذِي خَلَقَ النَّارَ إلَى هُنَا لَفْظُ الْإِمَامِ الْإِسْبِيجَابِيِّ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَقَالَ فِي الْأَجْنَاسِ قَالَ فِي الْمُجَرَّدِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إنْ لَمْ يَتَّهِمْهُ الْقَاضِي اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ، وَإِنْ اتَّهَمَهُ حَلَّفَهُ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ الَّذِي يَعْلَمُ مِنْ السِّرِّ مَا يَعْلَمُ مِنْ الْعَلَانِيَةِ الَّذِي يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِينَ وَأَمَّا فِي حَقِّ الْيَهُودِ يُحَلَّفُ بِاَللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى وَفِي حَقِّ النَّصَارَى بِاَللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ الْإِنْجِيلَ عَلَى عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، وَإِنْ كَانَ مَجُوسِيًّا بِاَللَّهِ الَّذِي خَلَقَ النَّارَ وَيُحَلَّفُ غَيْرُهُمْ مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَلَا يُحَلَّفُ فِي كَنِيسَةِ الْيَهُودِ وَلَا بَيْعَةِ النَّصَارَى وَلَا بِبَيْتِ نَارِ الْمَجُوسِيِّ، وَإِنَّمَا يَسْتَحْلِفُهُ عِنْدَ الْقَاضِي وَنَقَلَهُ عَنْ أَدَبِ الْقَاضِي وَالْأَصْلُ أَنَّ فَائِدَةَ الْيَمِينِ النُّكُولُ الَّذِي هُوَ إقْرَارٌ أَوْ بَذْلٌ وَالْكَافِرُ يَصِحُّ مِنْهُ الْإِقْرَارُ وَالْبَذْلُ فَيَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ كَمَا فِي الْمُسْلِمِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ عَلَى مُوسَى) أَيْ لِأَنَّهُ يُقِرُّ بِنُبُوَّةِ مُوسَى وَيَعْتَقِدُ الْحُرْمَةَ لَهُ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ: عَلَى عِيسَى) أَيْ لِأَنَّ النَّصْرَانِيَّ يُقِرُّ بِنُبُوَّةِ عِيسَى وَيَعْتَقِدُ الْحُرْمَةَ لَهُ، وَإِنْ اخْتَلَفُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ أَنَّهُ ابْنُ اللَّهِ وَالْمَسِيحُ هُوَ اللَّهُ وَثَالِثُ ثَلَاثَةٍ فَيَمْتَنِعُ مِنْ الْإِقْدَامِ عَلَى الْيَمِينِ الْكَاذِبَةِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ: صُورِيَّا) بِالْقَصْرِ اسْمٌ أَعْجَمِيٌّ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ: أَنْشُدُك) أَيْ أَسْأَلُك. اهـ. (قَوْلُهُ: بِذِكْرِ خَلْقِهَا) كَذَا بِخَطِّ الشَّارِحِ وَفِي بَعْضِ الشُّرُوحِ بِذِكْرِ خَالِقِهَا اهـ

(فَرْعٌ) قَالَ فِي شَرْحِ الْأَقْطَعِ وَأَمَّا الصَّابِئَةُ فَإِنْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِإِدْرِيسَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - اُسْتُحْلِفُوا بِاَلَّذِي أَنْزَلَ الصُّحُفَ عَلَى إدْرِيسَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَإِنْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْكَوَاكِبَ اُسْتُحْلِفُوا بِاَلَّذِي خَلَقَ الْكَوَاكِبَ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ

<<  <  ج: ص:  >  >>