للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُشْتَرِي

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ الثَّمَنِ بَعْدَ الْإِقَالَةِ تَحَالَفَا) مَعْنَاهُ إذَا اخْتَلَفَا بَعْدَ مَا تَقَايَلَا قَبْلَ قَبْضِ الْمَبِيعِ بِحُكْمِ الْإِقَالَةِ فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ وَيَعُودُ الْبَيْعُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ التَّحَالُفَ قَبْلَ الْقَبْضِ مُوَافِقٌ لِلْقِيَاسِ لِمَا أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُدَّعٍ وَمُنْكِرٌ فَيَتَعَدَّى إلَى الْإِقَالَةِ كَمَا يَتَعَدَّى إلَى الْإِجَارَةِ وَإِلَى الْوَارِثِ وَإِلَى قِيمَةِ الْمَبِيعِ فِيمَا إذَا اسْتَهْلَكَ الْمَبِيعَ غَيْرُ الْمُشْتَرِي وَلَوْ قَبَضَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ بَعْدَ الْإِقَالَةِ فَلَا يَتَحَالَفَانِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ

وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَتَحَالَفَانِ لِأَنَّهُ يَرَى النَّصَّ مَعْلُولًا بَعْدَ الْقَبْضِ أَيْضًا

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْمَهْرِ قَضَى لِمَنْ بَرْهَنَ) أَيْ لِمَنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ لِأَنَّهُ نَوَّرَ دَعْوَاهُ بِهَا وَهِيَ كَاسْمِهَا مُبَيِّنَةٌ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَإِنْ بَرْهَنَا فَلِلْمَرْأَةِ) أَيْ إذَا أَقَامَا الْبَيِّنَةَ كَانَتْ بَيِّنَةُ الْمَرْأَةِ أَوْلَى لِأَنَّهَا تُثْبِتُ الزِّيَادَةَ وَالْبَيِّنَاتُ لِلْإِثْبَاتِ فَكَانَتْ أَوْلَى هَذَا إذَا كَانَ مَهْرُ الْمِثْلِ يَشْهَدُ لِلزَّوْجِ بِأَنْ كَانَ مِثْلَ مَا يَدَّعِي الزَّوْجُ أَوْ أَقَلَّ لِأَنَّ الظَّاهِرَ يَشْهَدُ لِلزَّوْجِ وَبَيِّنَةُ الْمَرْأَةِ تُثْبِتُ خِلَافَ الظَّاهِرِ فَكَانَتْ أَوْلَى وَإِنْ كَانَ مَهْرُ الْمِثْلِ يَشْهَدُ لَهَا بِأَنْ كَانَ مِثْلَ مَا تَدَّعِيهِ أَوْ أَكْثَرَ كَانَتْ بَيِّنَةُ الزَّوْجِ أَوْلَى لِأَنَّهَا تُثْبِتُ الْحَطَّ وَهُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ وَالْبَيِّنَاتُ لِلْإِثْبَاتِ عَلَى مَا بَيَّنَّا

وَإِنْ كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا لَا يَشْهَدُ لَهَا وَلَا لَهُ بِأَنْ كَانَ أَقَلَّ مِمَّا ادَّعَتْهُ الْمَرْأَةُ أَوْ أَكْثَرَ مِمَّا ادَّعَاهُ الزَّوْجُ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُمَا يَتَهَاتَرَانِ لِأَنَّهُمَا اسْتَوَيَا فِي الْإِثْبَاتِ لِأَنَّ بَيِّنَتَهَا تُثْبِتُ الزِّيَادَةَ وَبَيِّنَتَهُ تُثْبِتُ الْحَطَّ فَلَا تَكُونُ إحْدَاهُمَا أَوْلَى مِنْ الْأُخْرَى قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَإِنْ عَجَزَا) أَيْ عَنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ (تَحَالَفَا وَلَمْ يُفْسَخْ النِّكَاحُ) لِأَنَّ يَمِينَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَنْتَفِي بِهِ مَا يَدَّعِيهِ صَاحِبُهُ مِنْ التَّسْمِيَةِ فَيَبْقَى الْعَقْدُ بِلَا تَسْمِيَةٍ وَذَلِكَ غَيْرُ مُفْسِدٍ لِلنِّكَاحِ فَلَا حَاجَةَ إلَى الْفَسْخِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (بَلْ يُحَكَّمُ مَهْرُ الْمِثْلِ فَقَضَى بِقَوْلِهِ لَوْ كَانَ كَمَا قَالَ أَوْ أَقَلَّ وَبِقَوْلِهَا لَوْ كَانَ كَمَا قَالَتْ أَوْ أَكْثَرَ وَبِهِ لَوْ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيَنَ مَا قَالَتْهُ هِيَ وَبَيْنَ مَا قَالَهُ هُوَ لِأَنَّهُ لَمَّا انْتَفَى بِيَمِينِهِمَا التَّسْمِيَةُ اُحْتِيجَ إلَى تَحْكِيمِ مَهْرِ الْمِثْلِ فَيُقْضَى بِقَوْلِ مَنْ يَشْهَدُ لَهُ مَهْرُ الْمِثْلِ وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بِأَنْ كَانَ أَقَلَّ مِمَّا ادَّعَتْ أَوْ أَكْثَرَ مِمَّا أَقَرَّ بِهِ هُوَ قُضِيَ بِذَلِكَ وَهَذَا تَخْرِيجُ الْكَرْخِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَتَخْرِيجُ الرَّازِيّ خِلَافُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَبْدَأُ بِالْيَمِينِ أَوَّلًا فَيَجْعَلُ الْقَوْلَ لِمَنْ يَشْهَدُ لَهُ الظَّاهِرُ وَهُوَ مَهْرُ الْمِثْلِ مَعَ يَمِينِهِ وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بِأَنْ كَانَ بَيْنَهُمَا تَحَالَفَا وَيُبْدَأُ بِيَمِينِ الزَّوْجِ لِتَعْجِيلِ الْفَائِدَةِ

وَقَدْ بَيَّنَّاهُ مُفَصَّلًا فِي النِّكَاحِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا يَتَحَالَفَانِ وَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الزَّوْجِ مَعَ يَمِينِهِ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِشَيْءٍ مُسْتَنْكَرٍ وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي النِّكَاحِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -

(وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْإِجَارَةِ قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ تَحَالَفَا) يَعْنِي قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمَنَافِعِ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ قَبْلَ قَبْضِ الْمَنْفَعَةِ نَظِيرُ الْبَيْعِ قَبْلَ قَبْضِ الْمَبِيعِ مِنْ حَيْثُ إنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُدَّعٍ عَلَى صَاحِبِهِ وَمُنْكِرٌ لِمَا يَدَّعِيهِ صَاحِبُهُ وَمِنْ حَيْثُ إنَّهُمَا يَحْتَمِلَانِ الْفَسْخَ وَهُمَا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ فَإِنْ قِيلَ قِيَامُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ شَرْطٌ لِلتَّحَالُفِ وَالْمَنْفَعَةُ مَعْدُومَةٌ فَوَجَبَ أَنْ لَا يُجْرَى فِيهَا التَّحَالُفُ قُلْنَا فِي الْمَعْدُومِ يُجْرَى التَّحَالُفُ كَمَا فِي السَّلَمِ وَلِأَنَّ الْعَيْنَ الْمُسْتَأْجَرَةَ أُقِيمَتْ مَقَامَ الْمَنْفَعَةِ فِي حَقِّ إيرَادِ الْعَقْدِ عَلَيْهَا فَصَارَتْ كَأَنَّهَا قَائِمَةٌ ثُمَّ إنْ كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي الْأُجْرَةِ بُدِئَ بِيَمِينِ الْمُسْتَأْجِرِ وَإِنْ وَقَعَ فِي الْمَنْفَعَةِ بُدِئَ بِيَمِينِ الْمُؤَجِّرِ وَأَيُّهُمَا نَكَلَ لَزِمَهُ دَعْوَى الْآخَرِ وَأَيُّهُمَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ

وَإِنْ أَقَامَاهَا فَبَيِّنَةُ الْمُؤَجِّرِ أَوْلَى إنْ كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي الْأُجْرَةِ وَإِنْ كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي الْمَنْفَعَةِ فَبَيِّنَةُ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْلَى وَإِنْ كَانَ الِاخْتِلَافُ فِيهِمَا فَبَيِّنَةُ الْمُؤَجِّرِ أَوْلَى فِي الْأُجْرَةِ وَبَيِّنَةُ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْلَى فِي الْمَنْفَعَةِ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ لِلْإِثْبَاتِ فَمَا كَانَ أَكْثَرَ إثْبَاتًا كَانَ أَوْلَى

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَبَعْدَهُ لَا وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَأْجِرِ) أَيْ إنْ اخْتَلَفَا بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الْمَنَافِعِ لَا يَتَحَالَفَانِ وَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُسْتَأْجِرِ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّ فَائِدَةَ التَّحَالُفِ الْفَسْخُ وَالْمَنَافِعُ الْمُسْتَوْفَاةُ لَا يُمْكِنُ عَقْدُ الْفَسْخِ فِيهَا فَامْتَنَعَ التَّحَالُفُ وَهَذَا عِنْدَهُمَا ظَاهِرٌ لِأَنَّ هَلَاكَ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ يَمْنَعُ التَّحَالُفَ عِنْدَهُمَا وَكَذَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ لِأَنَّ الْهَلَاكَ إنَّمَا لَا يَمْنَعُ عِنْدَهُ فِي الْمَبِيعِ لِمَا أَنَّ لَهُ قِيمَةً تَقُومُ مَقَامَهُ فَيَتَحَالَفَانِ عَلَيْهَا وَلَوْ جَرَى التَّحَالُفُ هُنَا وَفُسِخَ الْعَقْدُ فَلَا قِيمَةَ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ لَا تَتَقَوَّمُ بِنَفْسِهَا بَلْ بِالْعَقْدِ وَبِالْفَسْخِ يَرْتَفِعُ الْعَقْدُ فَيَتَبَيَّنُ أَنَّهُ لَا عَقْدَ فَإِذَا امْتَنَعَ التَّحَالُفُ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُسْتَأْجِرِ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُنْكِرُ

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَالْبَعْضُ مُعْتَبَرٌ بِالْكُلِّ) مَعْنَاهُ إذَا اسْتَوْفَى بَعْضَ الْمَنَافِعِ وَبَقَّى الْبَعْضَ يُعْتَبَرُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْكُلِّ حَتَّى يَمْتَنِعَ التَّحَالُفُ فِي الْمُسْتَوْفَى وَيَكُونُ الْقَوْلُ فِيهِ قَوْلَ الْمُسْتَأْجِرِ كَمَا لَوْ اسْتَوْفَى الْكُلَّ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ فِيمَا إذَا اسْتَهْلَكَ الْمَبِيعَ غَيْرُ الْمُشْتَرِي) أَيْ وَاخْتَارَ الْمُشْتَرِي بَقَاءَ الْعَقْدِ وَأَخْذَهُ الْقِيمَةَ ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي الثَّمَنِ. اهـ.

(قَوْلُهُ ثُمَّ إنْ كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي الْأُجْرَةِ) أَيْ بِأَنْ قَالَ الْمُؤَجِّرُ أَجَّرْتُك بِعَشَرَةٍ وَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ بَلْ بِخَمْسَةٍ. اهـ.

(قَوْلُهُ لَا يَمْنَعُ عِنْدَهُ) أَيْ التَّحَالُفَ. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>