للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَحَدِهِمَا ثَلَاثَةٌ وَلِلْآخَرِ أَقَلُّ فَهُوَ لِصَاحِبِ الثَّلَاثَةِ اسْتِحْسَانًا وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَالْقِيَاسُ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ لِأَنَّ التَّرْجِيحَ لَا يَكُونُ بِالْكَثْرَةِ بَلْ بِالْقُوَّةِ فَيَسْتَوِيَانِ فِيهِ كَمَا إذَا كَانَ لَهُمَا حِمْلٌ عَلَى دَابَّةٍ لِأَحَدِهِمَا مِائَةُ مَنٍّ وَلِلْآخَرِ مَنٌّ أَوْ مَنَوَانِ فَإِنَّهَا بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَوَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ مَا دُونَ الثَّلَاثِ حُجَّةٌ نَاقِصَةٌ إذْ لَا يُبْنَى الْحَائِطُ لِأَجَلِ الْوَاحِدِ أَوْ الِاثْنَيْنِ عَادَةً وَالْحُجَّةُ النَّاقِصَةُ لَا تَظْهَرُ بِمُقَابَلَةِ الْكَامِلَةِ

ثُمَّ لِصَاحِبِ الْجِذْعِ الْوَاحِدِ أَوْ الِاثْنَيْنِ حَقُّ الْوَضْعِ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ لِأَنَّا حَكَمْنَا بِالْحَائِطِ لِصَاحِبِ الْجُذُوعِ بِالظَّاهِرِ وَهُوَ يَصْلُحُ لِلدَّفْعِ لَا لِلِاسْتِحْقَاقِ فَلَا يُؤْمَرُ بِالْقَلْعِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَثْبَتَ الْحَائِطَ لَهُ بِالْبَيِّنَةِ حَيْثُ يُؤْمَرُ بِالْقَلْعِ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ حُجَّةٌ مُطْلَقَةٌ تَصْلُحُ لِلدَّفْعِ وَالِاسْتِحْقَاقِ وَهُوَ نَظِيرُ الشُّفْعَةِ حَتَّى لَا يَسْتَحِقَّ بِمَا ثَبَتَ مِلْكُهُ بِالْيَدِ وَبِخِلَافِ مَا إذَا تَنَازَعَا فِي دَابَّةٍ وَلِأَحَدِهِمَا عَلَيْهَا حِمْلٌ وَلِلْآخَرِ كُوزٌ مُعَلَّقٌ أَوْ نَحْوُهُ حَيْثُ يُؤْمَرُ بِالْقَلْعِ وَإِنْ كَانَ اسْتِحْقَاقُهُ بِالْيَدِ وَوَجْهُ الْفَرْقِ أَنَّ وَضْعَ الْكُوزِ لَا يُمْكِنُ اسْتِحْقَاقُهُ عَلَى مِلْكِ الْغَيْرِ ابْتِدَاءً مُؤَبَّدًا وَإِنَّمَا يُمْكِنُ مُؤَقَّتًا مِنْ جِهَةِ الْمَالِكِ فَإِذَا ظَهَرَ الِاسْتِحْقَاقُ أُمِرَ بِالْإِزَالَةِ وَأَمَّا وَضْعُ الْخَشَبِ فَمُمْكِنٌ اسْتِحْقَاقُهُ بِأَنْ وَقَعَتْ الْقِسْمَةُ بِذَلِكَ الشَّرْطِ ثُمَّ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي أَنَّهُ يَمْلِكُ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ أَمْ لَا فَذَكَرَ فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ أَنَّ الْحَائِطَ كُلَّهُ لِصَاحِبِ الْأَجْذَاعِ وَلِصَاحِبِ الْقَلِيلِ مَا تَحْتَ جِذْعَيْهِ يُرِيدُ بِهِ حَقَّ الْوَضْعِ لِأَنَّ الْحَائِطَ لَا يُبْنَى لِأَجَلِ جِذْعٍ وَاحِدٍ أَوْ جِذْعَيْنِ عَادَةً وَإِنَّمَا يُنْصَبُ لَهُ أُسْطُوَانَةٌ فَلَا يُحْكَمُ لَهُ بِالْمِلْكِ كَمَسْأَلَةِ الدَّابَّةِ إذَا كَانَ لِأَحَدِهِمَا عَلَيْهَا حِمْلٌ وَلَلْآخَرِ كُوزٌ مُعَلَّقٌ عَلَى مَا بَيَّنَّا

وَذَكَرَ فِي كِتَابِ الدَّعْوَى أَنَّ الْحَائِطَ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ الْأَجْذَاعِ لِأَنَّ مَوْضِعَ جِذْعِهِ مَشْغُولٌ بِجِذْعِهِ فَيَكُونُ فِي يَدِهِ حَقِيقَةً بِاعْتِبَارِ الِاسْتِعْمَالِ فَيَثْبُتُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْمِلْكُ فِيمَا تَحْتَ خَشَبِهِ لِوُجُودِ سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ فِيهِ ثُمَّ مِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ يُحْكَمُ بِمَا بَيْنَ الْخَشَبَاتِ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ الْأَخْشَابِ وَأَكْثَرُهُمْ عَلَى أَنَّهُ لَا يُمَلَّكُ صَاحِبُ الْخَشَبَةِ أَوْ الْخَشَبَتَيْنِ إلَّا مَوْضِعَ خَشَبَتِهِ وَمِنْهُمْ مِنْ قَالَ يَكُونُ مَا بَيْنَ الْخَشَبِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ يُقَسَّمُ جَمِيعُ الْحَائِطِ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ أَخْشَابِهِمَا اعْتِبَارًا لِقَدْرِ الِاسْتِعْمَالِ وَجَعَلَ فِي الْمُحِيطِ مَا ذُكِرَ فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ أَصَحَّ وَقَالَ قَاضِيخَانْ

وَالصَّحِيحُ أَنَّ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ يَكُونُ مِلْكًا لِصَاحِبِ الْخَشَبَةِ كَمَا ذَكَرَ فِي الدَّعْوَى وَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا عَلَيْهِ جُذُوعٌ وَلِلْآخَرِ اتِّصَالُ تَرْبِيعٍ فَصَاحِبُ الْجُذُوعِ أَوْلَى لِأَنَّ لَهُ تَصَرُّفًا فِي الْحَائِطِ وَلِصَاحِبِ الِاتِّصَالِ الْيَدُ وَالتَّصَرُّفُ أَقْوَى فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الْمِلْكِ وَرَجَّحَ السَّرَخْسِيُّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ أَنَّ صَاحِبَ الِاتِّصَالِ أَوْلَى لِأَنَّ الْحَائِطَيْنِ بِهَذَا الِاتِّصَالِ يَصِيرَانِ كَبِنَاءٍ وَاحِدٍ فَالْقَضَاءُ بِبَعْضِهِ يَصِيرُ قَضَاءً بِكُلِّهِ ثُمَّ يَبْقَى لِلْآخَرِ حَقُّ وَضْعِ جُذُوعِهِ لِمَا بَيَّنَّا وَصَحَّحَ الْجُرْجَانِيُّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ وَرَجَّحَهَا بِالسَّبْقِ لِأَنَّ التَّرْبِيعَ يَكُونُ حَالَةَ الْبِنَاءِ وَهُوَ سَابِقٌ عَلَى وَضْعِ الْجُذُوعِ فَكَانَ يَدُهُ ثَابِتًا فِيهِ قَبْلَ وَضْعِ الْآخَرِ الْجُذُوعَ فَصَارَ نَظِيرَ سَبْقِ التَّارِيخِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَرْفَعُ جُذُوعَ الْآخَرِ عَلَى مَا بَيَّنَّا وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الِاتِّصَالُ مِنْ جَانِبٍ أَوْ مِنْ الْجَانِبَيْنِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الطَّحَاوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -

وَفِي الْمُحِيطِ الْأَيْدِي فِي الْحَائِطِ عَلَى ثَلَاثِ مَرَاتِبَ اتِّصَالِ تَرْبِيعٍ وَاتِّصَالِ مُلَازَقَةٍ وَمُجَاوَرَةٍ وَوَضْعِ جُذُوعٍ وَمُحَاذَاةِ بِنَاءٍ وَلَا عَلَامَةَ لِلْيَدِ فِي الْحَائِطِ سِوَى هَذَا فَأَوَّلَاهُمْ صَاحِبُ التَّرْبِيعِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فَصَاحِبُ الْجُذُوعِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فَصَاحِبُ الْمُحَاذَاةِ وَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا جِذْعٌ وَاحِدٌ وَلَا شَيْءَ لِلْآخَرِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قِيلَ هُمَا فِيهِ سَوَاءٌ لِأَنَّ الْوَاحِدَ لَا يُعْتَدُّ بِهِ وَقِيلَ صَاحِبُ الْجِذْعِ أَوْلَى لِأَنَّ الْحَائِطَ قَدْ يُبْنَى بِجِذْعٍ وَاحِدٍ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ غَيْرَ غَالِبٍ وَلَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا عَلَيْهِ هَرَادِيُّ أَوْ بَوَارِيُّ وَلَا شَيْءَ لِلْآخَرِ فَهُوَ بَيْنَهُمَا وَالْهَرَادِيُّ لَا تُعْتَبَرُ وَلَا الْبَوَارِي وَفِي فَتَاوَى قَاضِيخَانْ إنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا عَلَيْهِ جِذْعٌ وَاحِدٌ وَلِلْآخَرِ عَلَيْهِ هَرَادِيُّ أَوْ بَوَارِيُّ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهِ شَيْءٌ فَهُوَ لِصَاحِبِ الْجِذْعِ

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (ثَوْبٌ فِي يَدِهِ وَطَرْفُهُ فِي يَدِ آخَرَ نُصِّفَ) يَعْنِي لَوْ تَنَازَعَ الشَّخْصَانِ فِي ثَوْبٍ فِي يَدِ إحْدَاهُمَا وَطَرَفُهُ فِي يَدِ الْآخَرِ كَانَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ لِأَنَّ يَدَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَابِتٌ فِي الثَّوْبِ إلَّا أَنَّ إحْدَاهُمَا ثَابِتَةٌ فِي الْأَكْثَرِ وَذَلِكَ لَا يُوجِبُ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

( قَوْلُهُ لِوُجُودِ سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ فِيهِ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - ثُمَّ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا الْمُتَأَخِّرُونَ عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا تَحْتَ خَشَبَتِهِ فِي حُكْمِ مَا بَيْنَ الْخَشَبِ قَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ لِأَنَّهُ لَا يَدَ لِأَحَدِهِمَا فِيهِ فَلَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا بِأَوْلَى مِنْ الْآخَرِ كَرَجُلَيْنِ تَنَازَعَا فِي دَارٍ وَفِي يَدِ أَحَدِهِمَا بَيْتٌ مِنْهَا وَفِي يَدِ الْآخَرِ بَيْتَانِ أَنَّ الْبَاقِيَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ كَذَلِكَ مَا بَيْنَ الْخَشَبِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ذَلِكَ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ خَشَبِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِأَنَّ صَاحِبَ الْخَشَبِ الْكَثِيرِ مُسْتَعْمِلٌ لِلْحَائِطِ أَكْثَرَ مِنْ اسْتِعْمَالِ الْآخَرِ فَاعْتُبِرَ مُسْتَعْمِلًا لِمَا يَلِي الْجُذُوعَ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ وَقِيلَ عَلَى قَدْرِ خَشَبِهِمَا حَتَّى يَكُونَ لِصَاحِبِ الْجِذْعَيْنِ خُمُسَانِ وَلِصَاحِبِ الْجُذُوعِ الثَّلَاثَةِ ثَلَاثَةُ الْأَخْمَاسِ اهـ (قَوْلُهُ ثُمَّ مِنْ أَصْحَابِنَا) أَيْ الْقَائِلِينَ بِهَذَا الْقَوْلِ اخْتَلَفُوا بَعْدَ ذَلِكَ اهـ قَوْلُهُ الْقَائِلِينَ بِهَذَا الْقَوْلِ إلَخْ أَعْنِي الْقَوْلَ بِأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا تَحْتَ خَشَبَتِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَالتَّصَرُّفُ أَقْوَى فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الْمِلْكِ) أَيْ كَمَا لَوْ تَنَازَعَ الدَّابَّةَ رَاكِبٌ عَلَيْهَا وَمُتَعَلِّقٌ بِلِجَامِهَا. اهـ. (قَوْلُهُ وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ أَنَّ صَاحِبَ الِاتِّصَالِ إلَخْ) وَكَوْنُ صَاحِبِ الِاتِّصَالِ أَوْلَى مِنْ صَاحِبِ الْجُذُوعِ هُوَ الَّذِي جَزَمَ بِهِ الْأَتْقَانِيُّ وَلَمْ يَحْكِ قَوْلًا آخَرَ غَيْرَهُ وَقَدْ نَقَلْت عِبَارَتَهُ أَوَّلَ الْمَقَالَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ لِوُجُودِ سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ فِيهِ فَرَاجِعْهَا. اهـ.

(قَوْلُهُ وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا إلَى قَوْلِهِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الطَّحَاوِيُّ) أَلْحَقَهُ الْمُصَنِّفُ عَلَى هَامِشِ نُسْخَتِهِ وَلَمْ يَكْتُبْ آخِرَهَا لَفْظَةَ صَحَّ اهـ

<<  <  ج: ص:  >  >>