للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَوْلُ الْكَافِرِ فِي الْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ)، وَهَذَا سَهْوٌ؛ وَلِأَنَّ الْحِلَّ وَالْحُرْمَةَ مِنْ الدِّيَانَاتِ، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْكَافِرِ فِي الدِّيَانَاتِ، وَإِنَّمَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الْمُعَامَلَاتِ خَاصَّةً لِلضَّرُورَةِ؛ وَلِأَنَّ خَبَرَهُ صَحِيحٌ لِصُدُورِهِ عَنْ عَقْلٍ وَدِينٍ يَعْتَقِدُ فِيهِ حُرْمَةَ الْكَذِبِ، وَالْحَاجَةُ مَاسَةٌ إلَى قَبُولِ قَوْلِهِ لِكَثْرَةِ وُقُوعِ الْمُعَامَلَاتِ، وَلَا يُقْبَلُ فِي الدِّيَانَاتِ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَّا إذَا كَانَ قَبُولُهُ فِي الْمُعَامَلَاتِ يَتَضَمَّنُ قَبُولَهُ فِي الدِّيَانَاتِ فَحِينَئِذٍ تَدْخُلُ الدِّيَانَاتُ فِي ضَمِنَ الْمُعَامَلَاتِ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيهَا ضَرُورَةً، وَكَمْ مِنْ شَيْءٍ يَصِحُّ ضِمْنًا، وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ قَصْدًا أَلَا تَرَى أَنَّ بَيْعَ الشُّرْبِ وَحْدَهُ لَا يَجُوزُ، وَتَبَعًا لِلْأَرْضِ يَجُوزُ فَكَذَا هُنَا يَدْخُلُ حَتَّى إذَا كَانَ لَهُ خَادِمٌ أَوْ أَجِيرٌ مَجُوسِيٌّ فَأَرْسَلَهُ لِيَشْتَرِيَ لَهُ لَحْمًا فَقَالَ اشْتَرَيْته مِنْ يَهُودِيٍّ أَوْ نَصْرَانِيٍّ أَوْ مُسْلِمٍ وَسِعَهُ أَكْلُهُ، وَإِنْ قَالَ اشْتَرَيْته مِنْ مَجُوسِيٍّ لَا يَسَعُهُ أَكْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قَبِلَ فِي حَقِّ الشِّرَاءِ مِنْهُ لَزِمَهُ قَبُولُهُ فِي حَقِّ الْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ ضَرُورَةً لِمَا ذَكَرْنَا، وَإِنْ كَانَ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيهِ قَصْدًا بِأَنْ قَالَ هَذَا حَلَالٌ، وَهَذَا حَرَامٌ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (وَالْمَمْلُوكِ وَالصَّبِيُّ فِي الْهَدِيَّةِ وَالْإِذْنِ وَالْفَاسِقِ فِي الْمُعَامَلَاتِ) أَيْ خَبَرُ هَؤُلَاءِ يُقْبَلُ فِيمَا ذَكَرَهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْمُعَامَلَاتِ، وَأَصْلُهُ أَنَّ الْمُعَامَلَاتِ يُقْبَلُ فِيهَا خَبَرُ كُلِّ مُمَيِّزٍ حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا لِعُمُومِ الضَّرُورَةِ الدَّاعِيَةِ إلَى سُقُوطِ اشْتِرَاطِ الْعَدَالَةِ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ قَلَّمَا يَجِدُ الْمُسْتَجْمِعَ لِشَرَائِطِ الْعَدَالَةِ لِيُعَامِلَهُ أَوْ يَسْتَخْدِمَهُ، وَيَبْعَثَهُ إلَى وُكَلَائِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَلَا دَلِيلَ مَعَ السَّامِعِ يَعْمَلُ بِهِ سِوَى الْخَبَرِ فَلَوْ لَمْ يُقْبَلْ خَبَرُهُ لَامْتَنَعَ بَابُ الْمُعَامَلَاتِ وَوَقَعُوا فِي حَرَجٍ عَظِيمٍ وَبَابُهُ مَفْتُوحٌ؛ وَلِأَنَّ الْمُعَامَلَاتِ لَيْسَ فِيهَا إلْزَامٌ وَاشْتِرَاطُ الْعَدَالَةِ لِلْإِلْزَامِ فَلَا مَعْنَى لِاشْتِرَاطِهَا فِيهَا؛ لِأَنَّ الْحَالَ فِيهَا حَالُ مُسَالَمَةٍ لَا حَالُ مُنَازَعَةٍ حَتَّى يُخَافُ فِيهَا التَّزْوِيرُ وَالِاشْتِغَالُ بِالْأَبَاطِيلِ؛ وَلِأَنَّ الْمُعَامَلَاتِ أَكْثَرُ وُقُوعًا فَاشْتِرَاطُ الْعَدَالَةِ فِيهَا يُؤَدِّي إلَى الْحَرَجِ فَيُشْتَرَطُ فِيهَا التَّمْيِيزُ لَا غَيْرُ فَإِذَا قُبِلَ فِيهَا قَوْلُ الْمُمَيِّزِ، وَكَانَ فِي ضِمْنِ قَبُولِ قَوْلِهِ فِيهَا قَبُولُهُ فِي الدِّيَانَاتِ، يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الدِّيَانَاتِ ضِمْنًا لِمَا ذَكَرْنَا حَتَّى إذَا قَالَ مُمَيِّزٌ هَذَا أَهْدَى إلَيْك فُلَانٌ أَوْ قَالَتْ جَارِيَةٌ لِرَجُلٍ بَعَثَنِي مَوْلَايَ إلَيْك هَدِيَّةً وَسِعَهُ الْأَخْذُ، وَالِاسْتِعْمَالُ حَتَّى جَازَ لَهُ الْوَطْءُ بِذَلِكَ الْخَبَرِ.

؛ لِأَنَّ الْحِلَّ وَالْحُرْمَةَ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ الدِّيَانَاتِ صَارَتْ تَبَعًا لِلْمُعَامَلَاتِ فَيَثْبُتُ بِثُبُوتِ الْمُعَامَلَاتِ؛ وَلِأَنَّ كُلَّ مُعَامَلَةٍ لَا تَخْلُو عَنْ دِيَانَةٍ فَلَوْ لَمْ يُقْبَلْ فِيهَا فِي ضِمْنِ الْمُعَامَلَاتِ لَأَدَّى إلَى الْحَرَجِ، وَكَانَ يَنْسَدُّ بَابُ الْمُعَامَلَاتِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَهُوَ مَفْتُوحٌ فَيُقْبَلُ قَوْلُ الْمُمَيِّزِ فِيهَا ضَرُورَةً بِخِلَافِ الدِّيَانَاتِ الْمَقْصُودَةِ؛ لِأَنَّهَا لَا يَكْثُرُ وُقُوعُهَا كَالْمُعَامَلَاتِ فَلَا حَرَجَ فِي اشْتِرَاطِ الْعَدَالَةِ، وَلَا حَاجَةَ إلَى قَبُولِ قَوْلِ الْفَاسِقِ؛ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ فِيهَا، وَكَذَا الْكَافِرُ وَالصَّغِيرُ مُتَّهَمَانِ؛ وَلِأَنَّهُمَا لَا يَلْتَزِمَانِ الْحُكْمَ فَلَيْسَ لَهُمَا أَنْ يُلْزِمَا غَيْرَهُمَا بِخِلَافِ الْمُعَامَلَةِ؛ لِأَنَّهَا جَائِزَةٌ مَعَهُمَا، وَمِنْ ضَرُورَةِ جَوَازِهَا مَعَهُمَا قَبُولُ قَوْلِهِمَا؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَهَيَّأُ إلَّا بِقَبُولِ قَوْلِهِمَا، وَلَا يُقْبَلُ فِي الدِّيَانَاتِ قَوْلُ الْمَسْتُورِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيهَا بِنَاءً عَلَى مَا شَاهَدَ مِنْ أَهْلِ عَصْرِهِ؛ لِأَنَّ الصَّلَاحَ كَانَ غَالِبًا

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ: وَكَذَا الْإِنَاءُ الْمُضَبَّبُ بِالذَّهَبِ) أَيْ الْمَشْدُودُ بِهِ يُقَالُ بَابٌ مُضَبَّبٌ أَيْ مَشْدُودٌ بِالضَّبَّاتِ جَمْعُ ضَبَّةٍ، وَهِيَ حَدِيدَتُهُ الْعَارِضَةُ الَّتِي يُضَبَّبُ بِهَا. اهـ. غَايَةٌ قَالَ فِي الْمُغْرِبِ، وَمِنْهُ ضَبَّبَ أَسْنَانَهُ إذَا شَدَّهَا بِالْفِضَّةِ. اهـ.، وَفِي الْمِصْبَاحِ وَالضَّبَّةُ مِنْ حَدِيدٍ أَوْ صُفْرٍ أَوْ نَحْوِهِ يُشَعَّبُ بِهَا الْإِنَاءُ وَجَمْعُهَا ضَبَّاتٌ مِثْلُ جَنَّةٍ وَجَنَّاتٍ وَضَبَّبْتُهُ بِالتَّثْقِيلِ عَمِلْت لَهُ ضَبَّةً. اهـ. (قَوْلُهُ: وَالثَّفْرِ) قَالَ فِي الصِّحَاحِ فِي فَصْلِ الثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ مِنْ بَابِ الرَّاءِ وَالثَّفْرُ بِالتَّحْرِيكِ ثَفَرُ الدَّابَّةِ، وَقَدْ أَثْفَرْتهَا أَيْ شَدَدْت عَلَيْهَا الثَّفْرَ وَدَابَّةٌ مِثْفَارٌ يُرْمَى بِسَرْجِهِ إلَى مُؤَخَّرِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يُكْرَهُ ذَلِكَ كُلُّهُ)، وَكَذَلِكَ الِاخْتِلَافُ إذَا جَعَلَ ذَلِكَ فِي السَّقْفِ جَازَ عِنْدَهُ، وَكَرِهَهُ أَبُو يُوسُفَ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ: وَمَعَ أَبِي يُوسُفَ) فَصَارَ عَنْ مُحَمَّدٍ رِوَايَتَانِ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الِاسْتِعْمَالَ قَصْدًا إلَخْ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَاحْتَجَّ أَبُو حَنِيفَةَ أَنَّ هَذَا تَابِعٌ فَلَا يُكْرَهُ كَالْجُبَّةِ الْمَكْفُوفَةِ بِالْحَرِيرِ وَالْعَلَمِ فِي الثَّوْبِ وَشَبَّهَ ذَلِكَ بِالشُّرْبِ مِنْ الْكَفِّ عَلَى خِنْصَرِهِ خَاتَمُ فِضَّةٍ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ وَصَارَ مِنْ جِنْسِ التَّحَمُّلِ، وَفَرَّقَ أَبُو يُوسُفَ، وَقَالَ الْخَاتَمُ لَمْ يَصِرْ جُزْءًا مِنْ الْكَفِّ بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا قَالَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ: وَكَلَامُ أَبِي يُوسُفَ بَاطِلٌ بِالْمِسْمَارِ. اهـ. فَرْعٌ: قَالَ فِي سَيْرِ الْعُيُونِ قَالَ مُحَمَّدٌ، وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَكُونَ فِي بَيْتِهِ شَيْءٌ مِنْ الدِّيبَاجِ، وَفُرُشِ الدِّيبَاجِ لَا يَقْعُدُ عَلَيْهَا، وَلَا يَنَامُ، وَأَوَانِي الذَّهَبِ لِلتَّجَمُّلِ لَا يَشْرَبُ فِيهِ. اهـ غَايَةٌ

(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ: فِي الْمُعَامَلَاتِ خَاصَّةً لِلضَّرُورَةِ) قُلْت هَذَا لَيْسَ بِسَهْوٍ، وَهَذَا الْمِقْدَارُ لَا يَخْفَى عَلَى مِثْلِ الْمُصَنِّفِ، وَإِنَّمَا أَرَادَ بِالْحِلِّ الْحِلَّ الضِّمْنِيَّ وَبِالْحُرْمَةِ الْحُرْمَةَ الضِّمْنِيَّةَ؛ لِأَنَّهُ أَرَادَ بِهَذَا الْكَلَامِ حَاصِلَ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا صَاحِبُ الْهِدَايَةِ بِقَوْلِهِ، وَمَنْ أَرْسَلَ أَجِيرًا لَهُ مَجُوسِيًّا أَوْ خَادِمًا فَاشْتَرَى لَحْمًا فَقَالَ اشْتَرَيْته مِنْ يَهُودِيٍّ أَوْ نَصْرَانِيٍّ أَوْ مُسْلِمٍ وَسِعَهُ أَكْلُهُ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْكَافِرِ مَقْبُولٌ فِي الْمُعَامَلَاتِ؛ لِأَنَّهُ خَبَرٌ صَحِيحٌ لِصُدُورِهِ عَنْ عَقْلٍ وَدِينٍ يَعْتَقِدُ فِيهِ حُرْمَةَ الْكَذِبِ وَالْحَاجَةُ مَاسَةٌ إلَى قَبُولِهِ لِكَثْرَةِ وُقُوعِ الْمُعَامَلَاتِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ لَمْ يَسْعَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ مَعْنَاهُ إذَا كَانَ ذَبِيحَةَ غَيْرِ الْكِتَابِيِّ وَالْمُسْلِمِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قُبِلَ قَوْلُهُ: فِي الْحِلِّ أَوْلَى أَنْ يُقْبَلَ فِي الْحُرْمَةِ، وَمُرَادُ الشَّيْخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِنْ قَوْلِهِ فِي الْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ هُوَ هَذَا أَعْنِي قَوْلَهُ لَمَّا قُبِلَ قَوْلُهُ: فِي الْحِلِّ أَوْلَى أَنْ يُقْبَلَ فِي الْحُرْمَةِ فَافْهَمْ. اهـ عَيْنِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَكَذَا هُنَا يَدْخُلُ) قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ السَّمَرْقَنْدِيُّ كَانَ لِأَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَسَلَّمَ عَبِيدٌ مِنْ الْعُلُوجِ، وَكَانُوا يُسْتَعْلَمُونَهُمْ، وَيُصَدِّقُونَهُمْ عَلَى مَقَالَتِهِمْ. اهـ. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قُبِلَ فِي حَقِّ الشِّرَاءِ مِنْهُ) وَالشِّرَاءُ مِنْ الْمُعَامَلَاتِ. اهـ غَايَةٌ.

(قَوْلُهُ: وَأَصْلُهُ أَنَّ الْمُعَامَلَاتِ إلَخْ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ، وَأَصْلُهُ أَنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ فِي الْمُعَامَلَاتِ حُجَّةٌ لِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى ذَلِكَ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ خَبَرَ الْوَاحِدِ حُجَّةً فِي كِتَابِهِ قَالَ تَعَالَى {وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى} [يس: ٢٠]، وَقَالَ تَعَالَى {فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ} [الكهف: ١٩]، وَقَدْ تَوَارَثْنَا السُّنَّةَ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ بِذَلِكَ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو نَصْرٍ الْبَغْدَادِيُّ فِي شَرْحِ الْقُدُورِيِّ، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ اسْتِحْسَانٌ وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يُقْبَلَ لَمَّا لَمْ يَكُنْ لَهُمَا قَوْلٌ صَحِيحٌ، وَإِنَّمَا تَرَكُوا الْقِيَاسَ لِلْعَادَةِ الْجَارِيَةِ أَنَّهُمْ يَقْبَلُونَ قَوْلَهُمَا فِي الْهَدِيَّةِ وَالْإِذْنِ فِي سَائِرِ الْأَعْصَارِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ اعْتَبَرَ فِي ذَلِكَ خَبَرَ الْحُرِّ الْبَالِغِ لَشَقَّ عَلَى النَّاسِ فَجُوِّزَ لِذَلِكَ، وَقَدْ قَالُوا يَجِبُ أَنْ يَعْمَلَ فِي ذَلِكَ عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ مِنْ السَّامِعِ مِنْ صِفَةِ الْمُخْبِرِ فَإِذَا رَأَى الْعَبْدَ يَبِيعُ شَيْئًا لَمْ يَشْتَرِ مِنْهُ حَتَّى يَسْأَلَهُ فَإِذَا ذَكَرَ أَنَّ مَوْلَاهُ أَذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ، وَكَانَ ثِقَةً فَلَا بَأْسَ بِهِ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ هَذَا أَهْدَاهُ إلَيْك مَوْلَايَ فَإِنْ كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ أَنَّهُ كَاذِبٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ رَأْيٌ لَمْ يَعْتَرِضْ لِشَيْءٍ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ وَالْإِذْنُ طَارِئٌ عَلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ إثْبَاتُهُ بِالشَّكِّ، وَإِذَا قَبِلْنَا قَوْلَ الْعَبْدِ إذَا كَانَ ثِقَةً فِي الْإِذْنِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَخْبَارِ الْمُعَامَلَاتِ، وَهُوَ أَضْعَفُ مِنْ أَخْبَارِ الدَّيَّانَاتِ فَإِذَا قُبِلَ قَوْلُهُ: فِي أَخْبَارِ الدِّينِ فَفِي أَخْبَارِ الْمُعَامَلَاتِ أَوْلَى. اهـ. (قَوْلُهُ: وَسِعَهُ الْأَخْذُ وَالِاسْتِعْمَالُ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا إذَا أَخْبَرَتْ بِإِهْدَاءِ الْمَوْلَى غَيْرَهَا أَوْ نَفْسَهَا. اهـ. ع (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الدَّيَّانَاتِ الْمَقْصُودَةِ) أَيْ الَّتِي لَمْ تَكُنْ تَبَعًا لِلْمُعَامَلَاتِ. اهـ

<<  <  ج: ص:  >  >>