الْمُوصَى بِهِ فَعَلَى اعْتِبَارِ الْإِفْرَازِ صَارَ كَأَنَّ الْبَيْتَ مِلْكُهُ مِنْ الِابْتِدَاءِ.
وَإِنْ وَقَعَ فِي نَصِيبِ الْآخَرِ تَنْفِيذٌ فِي قَدْرِ ذُرْعَانِ الْبَيْتِ جَمِيعِهِ مِنْ الَّذِي وَقَعَ فِي نَصِيبِ الْمُوصِي؛ لِأَنَّهُ عَوَّضَهُ، وَلِأَنَّ مُرَادَ الْمُوصِي مِنْ ذِكْرِ الْبَيْتِ تَقْدِيرُهُ بِهِ غَيْرَ أَنَّا نَقُولُ يَتَعَيَّنُ الْبَيْتُ إذَا وَقَعَ الْبَيْتُ فِي نَصِيبِهِ جَمْعًا بَيْنَ الْجِهَتَيْنِ التَّقْدِيرِ وَالتَّمْلِيكِ وَإِذَا وَقَعَ فِي نَصِيبِ الْآخَرِ عَمِلْنَا بِالتَّقْدِيرِ أَوْ نَقُولُ إنَّهُ أَرَادَ التَّقْدِيرَ عَلَى اعْتِبَارِ وُقُوعِ الْبَيْتِ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ وَأَرَادَ التَّمْلِيكَ عَلَى اعْتِبَارِ وُقُوعِهِ فِي نَصِيبِهِ وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ لِكَلَامٍ وَاحِدٍ جِهَتَانِ بِاعْتِبَارَيْنِ، أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ عَلَّقَ بِأَوَّلِ وَلَدٍ تَلِدُهُ أَمَتُهُ طَلَاقَ امْرَأَتِهِ وَعِتْقَ ذَلِكَ الْوَلَدُ تَقَيَّدَ فِي حَقِّ الْعِتْقِ بِالْوَلَدِ الْحَيِّ لَا فِي حَقِّ الطَّلَاقِ ثُمَّ إذَا وَقَعَ الْبَيْتُ فِي نَصِيبِ غَيْرِ الْمُوصِي وَالدَّارُ مِائَةُ ذِرَاعٍ وَالْبَيْتُ عَشْرَةُ أَذْرُعٍ يُقَسَّمُ نَصِيبُ الْمُوصِي بَيْنَ الْمُوصَى لَهُ.
وَالْوَرَثَةُ عَلَى عَشْرَةِ أَسْهُمٍ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - تِسْعَةٌ لِلْوَرَثَةِ وَسَهْمٌ لِلْمُوصَى لَهُ فَيَضْرِبُ الْمُوصَى لَهُ بِنِصْفِ الْبَيْتِ وَهُوَ خَمْسَةُ أَذْرُعٍ وَهُمْ بِنِصْفِ الدَّارِ إلَّا نِصْفَ الْبَيْتِ الَّذِي صَارَ لَهُ وَهُوَ خَمْسَةٌ وَأَرْبَعُونَ ذِرَاعًا وَنَصِيبُ الْمَيِّتِ مِنْ الدَّارِ خَمْسُونَ ذِرَاعًا فَتُجْعَلُ كُلُّ خَمْسَةٍ مِنْهَا سَهْمًا فَصَارَ عَشَرَةَ أَسْهُمٍ وَعِنْدَهُمَا يُقَسَّمُ عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ؛ لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ يَضْرِبُ بِجَمِيعِ الْبَيْتِ وَهُوَ عَشْرَةُ أَذْرُعٍ وَهُمْ بِنَصِيبِهِ كُلِّهِ إلَّا الْبَيْتَ الْمُوصَى بِهِ وَهُوَ أَرْبَعُونَ ذِرَاعًا فَيَجْعَلُ كُلَّ عَشْرَةِ أَذْرُعٍ سَهْمًا فَصَارَ الْمَجْمُوعُ خَمْسَةَ أَسْهُمٍ سَهْمٌ لِلْمُوصَى لَهُ وَأَرْبَعَةٌ لَهُمْ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَالْإِقْرَارُ مِثْلُهَا) أَيْ الْإِقْرَارُ بِبَيْتٍ مُعَيَّنٍ مِنْ دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ، مِثْلُ الْوَصِيَّةِ بِهِ حَتَّى يُؤْمَرَ بِتَسْلِيمِ كُلِّهِ إنْ وَقَعَ الْبَيْتُ فِي نَصِيبِ الْمُقِرِّ عِنْدَهُمَا وَإِنْ وَقَعَ فِي نَصِيبِ الْآخَرِ يُؤْمَرُ بِتَسْلِيمِ مِثْلِهِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يُؤْمَرُ بِتَسْلِيمِ النِّصْفِ أَوْ قَدْرِ النِّصْفِ.
وَقِيلَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَعَهُمَا فِي الْإِقْرَارِ وَالْفَرْقُ لَهُ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّ الْإِقْرَارَ بِمِلْكِ الْغَيْرِ صَحِيحٌ حَتَّى إنْ أَقَرَّ بِمِلْكِ الْغَيْرِ لِغَيْرِهِ ثُمَّ مَلَكَهُ يُؤْمَرُ بِالتَّسْلِيمِ إلَى الْمُقِرِّ لَهُ وَالْوَصِيَّةُ بِمِلْكِ الْغَيْرِ لَا تَصِحُّ حَتَّى لَوْ مَلَكَهُ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ ثُمَّ مَاتَ لَا تَنْفُذُ فِيهِ الْوَصِيَّةُ.
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَبِأَلْفِ عَيْنٍ مِنْ مَالٍ آخَرَ فَأَجَازَ رَبُّ الْمَالِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَدَفَعَهُ صَحَّ وَلَهُ الْمَنْعُ بَعْدَ الْإِجَازَةِ) أَيْ إذَا أَوْصَى رَجُلٌ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ بِعَيْنِهَا مِنْ مَالِ غَيْرِهِ فَأَجَازَ صَاحِبُ الْمَالِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَدَفَعَهُ إلَيْهِ جَازَ وَلَهُ الِامْتِنَاعُ مِنْ التَّسْلِيمِ بَعْدَ الْإِجَازَةِ؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ بِمَالِ الْغَيْرِ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ صَاحِبِهِ فَإِذَا أَجَازَ كَانَ مِنْهُ هَذَا ابْتِدَاءَ تَبَرُّعٍ فَلَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ التَّسْلِيمِ كَسَائِرِ التَّبَرُّعَاتِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَوْصَى بِالزِّيَادَةِ عَلَى الثُّلُثِ أَوْ لِلْقَاتِلِ أَوْ لِلْوَارِثِ فَأَجَازَتْهَا الْوَرَثَةُ حَيْثُ لَا يَكُونُ لَهُمْ أَنْ يَمْتَنِعُوا مِنْ التَّسْلِيمِ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ فِي نَفْسِهَا صَحِيحَةٌ لِمُصَادَفَتِهَا مِلْكَهُ، وَإِنَّمَا امْتَنَعَ لِحَقِّ الْوَرَثَةِ فَإِذَا أَجَازُوهَا سَقَطَ حَقُّهُمْ فَيَنْفُذُ مِنْ جِهَةِ الْمُوصِي عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ مِنْ قَبْلُ.
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَصَحَّ إقْرَارُ أَحَدِ الِابْنَيْنِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ بِوَصِيَّةِ أَبِيهِ فِي ثُلُثِ نَصِيبِهِ) مَعْنَاهُ إذَا اقْتَسَمَ الِابْنَانِ تَرِكَةَ أَبِيهِمَا وَهُوَ أَلْفُ دِرْهَمٍ مَثَلًا ثُمَّ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا لِرَجُلٍ أَنَّ أَبَاهُمَا أَوْصَى لَهُ بِثُلُثِ مَالِهِ فَإِنَّ الْمُقِرَّ يُعْطِيهِ ثُلُثَ مَا فِي يَدِهِ، وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ وَالْقِيَاسُ أَنْ يُعْطِيَهُ نِصْفَ مَا فِي يَدِهِ وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ بِالثُّلُثِ لَهُ تَضَمَّنَ إقْرَارَهُ بِمُسَاوَاتِهِ إيَّاهُ وَالتَّسْوِيَةُ فِي إعْطَاءِ النِّصْفِ لِيَبْقَى لَهُ النِّصْفُ فَصَارَ كَمَا إذَا أَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِأَخٍ ثَالِثٍ لَهُمَا، وَهَذَا؛ لِأَنَّ مَا أَخَذَهُ الْمُنْكِرُ كَالْهَالِكِ فَيَهْلِكُ عَلَيْهِمَا وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِثُلُثٍ شَائِعٍ فِي جَمِيعِ التَّرِكَةِ وَهِيَ فِي أَيْدِيهِمَا فَيَكُونُ مُقِرًّا لَهُ بِثُلُثِ مَا فِي يَدِهِ وَبِثُلُثِ مَا فِي يَدِ أَخِيهِ فَيُقْبَلُ إقْرَارُهُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ لِوِلَايَتِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَلَا يُقْبَلُ فِي حَقِّ أَخِيهِ لِعَدَمِ الْوِلَايَةِ عَلَيْهِ فَيُعْطِيهِ ثُلُثَ مَا فِي يَدِهِ، وَلِأَنَّهُ لَوْ أَخَذَ مِنْهُ نِصْفَ مَا فِي يَدِهِ أَدَّى إلَى مَحْظُورٍ وَهُوَ أَنَّ الِابْنَ الْآخَرَ بِمَا يُقِرُّ بِهِ فَيَأْخُذُ نِصْفَ مَا فِي يَدِهِ فَيَأْخُذُ نِصْفَ التَّرِكَةِ فَيَزْدَادُ نَصِيبُهُ عَلَى الثُّلُثِ وَهُوَ خَلَفٌ بِخِلَافِ مَا إذَا أَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِالدَّيْنِ عَلَى أَبِيهِمَا حَيْثُ يَأْخُذُ صَاحِبُ الدَّيْنِ الْمُقِرُّ لَهُ جَمِيعَ مَا فِي يَدِ الْمُقِرِّ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ دَيْنَهُ وَلَا شَيْءَ لِلْمُقِرِّ إنْ لَمْ يَفْضُلْ مِنْهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمِيرَاثِ فَيَكُونُ مُقِرًّا بِتَقَدُّمِهِ عَلَيْهِ فَيُقَدَّمُ عَلَيْهِ وَلَا كَذَلِكَ الْوَصِيَّةُ؛ لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ شَرِيكٌ لِلْوَرَثَةِ فَلَا يَأْخُذُ شَيْئًا إلَّا إذَا سَلَّمَ لِلْوَارِثِ ضِعْفَ ذَلِكَ وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِالْمُسَاوَاةِ بَلْ أَقَرَّ لَهُ بِثُلُثِ التَّرِكَةِ، وَإِنَّمَا حَصَلَتْ الْمُسَاوَاةُ بِاتِّفَاقِ الْحَالِ وَلِهَذَا لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
( قَوْلُهُ وَقِيلَ مُحَمَّدٌ مَعَهُمَا) قَالَ الرَّازِيّ فِي شَرْحِهِ وَالْأَصَحُّ أَنَّ فِي مَسْأَلَةِ الْإِقْرَارِ قَوْلَ مُحَمَّدٍ كَقَوْلِهِمَا اهـ (قَوْلُهُ حَتَّى إنَّ مَنْ أَقَرَّ بِمِلْكٍ إلَخْ) تَقَدَّمَ هَذَا الْفَرْعُ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْإِقْرَارِ. اهـ.
(قَوْلُهُ فَيَزْدَادُ نَصِيبُهُ عَلَى الثُّلُثِ) فِيهِ نَظَرٌ اهـ كَذَا بِخَطِّ قَارِئٍ الْهِدَايَةِ اهـ.
(فَرْعٌ لَطِيفٌ) قَالَ الْوَلْوَالِجِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - تَرِكَةٌ فِيهَا دَيْنٌ غَيْرُ مُسْتَغْرِقٍ فَقَسَّمَهُ الْوَرَثَةُ ثُمَّ جَاءَ الْغَرِيمُ فَيَأْخُذُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِنْ الدَّيْنِ بِمَا يَخُصُّهُ فِي ثُلُثِهِ حَتَّى لَوْ كَانَ الدَّيْنُ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَالتَّرِكَةُ ثَلَاثَةَ آلَافٍ فَانْقَسَمَتْ بَيْنَ ثَلَاثَةِ بَنِينَ يَأْخُذُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ثُلُثَ الْأَلْفِ وَهَذَا إذَا أَخَذَهُمْ عِنْدَ الْقَاضِي جُمْلَةً أَمَّا إذَا ظَفَرَ بِأَحَدِهِمْ يَأْخُذُ مِنْهُ جَمِيعَ مَا فِي يَدِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ إلَّا إذَا سَلَّمَ لِلْوَارِثِ ضِعْفَ ذَلِكَ) وَلَوْ كَانَ الْبَنُونَ ثَلَاثَةً وَالتَّرِكَةُ ثَلَاثَةَ آلَافٍ فَاقْتَسَمُوهَا فَجَاءَ رَجُلٌ فَادَّعَى أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى لَهُ بِثُلُثِ مَالِهِ وَصَدَّقَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فَإِنَّهُ يُعْطِيهِ عِنْدَ زُفَرَ ثَلَاثَةَ أَخْمَاسِ مَا فِي يَدِهِ لِأَنَّ فِي زَعْمِهِ أَنَّ ثُلُثَ كُلِّ التَّرِكَةِ لَهُ وَالثُّلُثَيْنِ بَيْنَ الْبَنِينَ أَثْلَاثًا فَنَحْتَاجُ إلَى حِسَابٍ لَهُ ثُلُثٌ وَلِثُلُثِهِ ثُلُثٌ وَأَقَلُّهُ تِسْعَةُ ثُلُثِهِ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ وَالْبَاقِي وَهُوَ سِتَّةٌ بَيْنَ الْبَنِينَ أَثْلَاثًا لِكُلِّ ابْنٍ سَهْمَانِ فَقَدْ أَقَرَّ أَنَّ لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ ثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ، وَلِلْمُقِرِّ سَهْمَانِ فَيُقَسَّمُ مَا فِي يَدِهِ بَيْنَهُمَا عَلَى هَذِهِ السِّهَامِ فَصَارَ خَمْسَةً لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ ثَلَاثَةً وَلَهُ اثْنَانِ وَعِنْدَنَا يُعْطِيهِ ثُلُثَ مَا فِي يَدِهِ لِمَا مَرَّ قَالَهُ الْعَلَّامَةُ حَافِظُ الدِّينِ فِي كَافِيهِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ ذَكَرَهَا ابْنُ السَّاعَاتِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْمَجْمَعِ