يَرِثُ بِالْأُخُوَّةِ، وَهِيَ جِهَةٌ وَاحِدَةٌ فَلَا تَصْلُحُ لِلِاسْتِحْقَاقِ بِهَا بَلْ لِلتَّرْجِيحِ فَقَطْ عِنْدَ مُزَاحَمَةِ مَنْ هُوَ دُونَهُ فِي الْقُوَّةِ. كَالْأَخِ لِأَبٍ
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (لَا بِنِكَاحٍ مُحَرَّمٍ) أَيْ لَا يَرِثُ الْكَافِرُ بِنِكَاحٍ مُحَرَّمٍ كَمَا إذَا تَزَوَّجَ الْمَجُوسِيُّ أُمَّهُ أَوْ غَيْرَهَا مِنْ الْمَحَارِمِ لَا يَرِثُ مِنْهَا بِالنِّكَاحِ أَمَّا عِنْدَهُمَا فَظَاهِرٌ لِأَنَّ النِّكَاحَ لَمْ يَصِحَّ، وَأَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَلِأَنَّهُ، وَإِنْ كَانَ لَهُ حُكْمُ الصِّحَّةِ لَكِنْ لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ إذَا أَسْلَمَ فَكَانَ كَالْفَاسِدِ
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَيَرِثُ وَلَدُ الزِّنَا وَاللِّعَانِ بِجِهَةِ الْأُمِّ فَقَطْ) لِأَنَّ نَسَبَهُ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ مُنْقَطِعٌ فَلَا يَرِثُ بِهِ، وَمِنْ جِهَةِ الْأُمِّ ثَابِتٌ فَيَرِثُ بِهِ أُمَّهُ وَإِخْوَتَهُ مِنْ الْأُمِّ بِالْفَرْضِ لَا غَيْرُ، وَكَذَا تَرِثُهُ أُمُّهُ وَإِخْوَتُهُ مِنْ أُمِّهِ فَرْضًا لَا غَيْرُ، وَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَرِثَ هُوَ أَوْ يُورَثَ بِالْعُصُوبَةِ إلَّا بِالْوَلَاءِ أَوْ الْوِلَادِ فَيَرِثُهُ مَنْ أَعْتَقَهُ أَوْ أَعْتَقَ أُمَّهُ أَوْ وَلَدَهُ بِالْعُصُوبَةِ، وَكَذَا هُوَ يَرِثُ مُعْتَقَهُ أَوْ مُعْتَقَ مُعْتَقِهِ أَوْ وَلَدِهِ بِذَلِكَ.
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَوَقَفَ لِلْحَمْلِ حَظُّ ابْنٍ) أَيْ إذَا تَرَكَ الْمَيِّتُ امْرَأَتَهُ حَامِلًا أَوْ غَيْرَهَا مِمَّنْ يَرِثُهُ وَلَدُهَا وَقَفَ لِأَجْلِهِ نَصِيبُ ابْنٍ وَاحِدٍ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَعَنْهُ يُوقَفُ نَصِيبُ ابْنَيْنِ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لِأَنَّ وِلَادَةَ الِاثْنَيْنِ مُعْتَادٌ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ يُوقَفُ نَصِيبُ أَرْبَعَةِ بَنِينَ أَوْ أَرْبَعِ بَنَاتٍ أَيُّهُمَا أَكْثَرُ لِأَنَّهُ يُتَصَوَّرُ وِلَادَةُ أَرْبَعَةٍ فِي بَطْنٍ وَاحِدٍ فَيُتْرَكُ نَصِيبُهُمْ احْتِيَاطًا، وَالْفَتْوَى عَلَى الْأَوَّلِ لِأَنَّ وِلَادَةَ الْوَاحِدِ هُوَ الْغَالِبُ، وَالْأَكْثَرُ مِنْهُ مَوْهُومٌ، وَالْحُكْمُ لِلْغَالِبِ، وَيُؤْخَذُ كَفِيلًا مِنْ الْوَرَثَةِ عَلَى قَوْلِهِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ أَكْثَرَ، وَهَذَا إذَا كَانَ فِي الْوَرَثَةِ وَلَدٌ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ وَلَدٌ فَلَا يَخْتَلِفُ الْمِيرَاثُ بَيْنَهُمْ بِكَثْرَةِ الْأَوْلَادِ وَقِلَّتِهِمْ، وَجُمْلَةُ الْأَمْرِ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ الْوَرَثَةُ كُلُّهُمْ أَوْلَادًا أَوْ لَا فَإِنْ كَانُوا كُلُّهُمْ أَوْلَادًا يُتْرَكُ مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْعَدَدِ عَلَى الِاخْتِلَافِ، وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا كُلُّهُمْ أَوْلَادًا فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِمْ أَوْلَادٌ أَوْ لَا فَإِنْ كَانَ فِيهِمْ أَوْلَادٌ يُعْطَى كُلُّ وَارِثٍ هُوَ غَيْرُ الْوَلَدِ نَصِيبَهُ ثُمَّ يُقْسَمُ الْبَاقِي عَلَى الْأَوْلَادِ، وَيُتْرَكُ نَصِيبُ الْحَمْلِ مِنْهُ عَلَى الِاخْتِلَافِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْوَرَثَةِ وَلَدٌ، وَالْحَمْلُ مِنْ الْمَيِّتِ يُعْطَى كُلُّ وَارِثٍ مِنْهُمْ نَصِيبَهُ عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّ الْحَمْلَ ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى أَيُّهُمَا أَقَلُّ، وَإِنْ كَانَ عَلَى أَحَدِ التَّقْدِيرَيْنِ يَرِثُ دُونَ الْآخَرِ فَلَا يُعْطَى شَيْئًا، وَكَذَا إذَا كَانَ فِيهِمْ مَنْ لَا يَرِثُ عَلَى تَقْدِيرِ وِلَادَتِهِ حَيًّا، وَعَلَى تَقْدِيرِ وِلَادَتِهِ مَيِّتًا يَرِثُ فَلَا يُعْطَى شَيْئًا لِلِاحْتِمَالِ، وَإِنْ كَانَ نَصِيبُهُ عَلَى أَحَدِ التَّقْدِيرَيْنِ أَكْثَرَ يُعْطَى الْأَقَلَّ لِلتَّيَقُّنِ بِهِ، وَيُوقَفُ الْبَاقِي قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَيَرِثُ إنْ خَرَجَ أَكْثَرُهُ فَمَاتَ لَا أَقَلُّهُ) أَيْ الْحَمْلُ يَرِثُ إنْ خَرَجَ أَكْثَرُهُ، وَهُوَ حَيٌّ ثُمَّ مَاتَ وَإِنْ خَرَجَ أَقَلُّهُ وَهُوَ حَيٌّ فَمَاتَ لَا يَرِثُ لِأَنَّ انْفِصَالَهُ حَيًّا مِنْ الْبَطْنِ شَرْطٌ لِإِرْثِهِ، وَالْأَكْثَرُ يَقُومُ مَقَامَ الْكُلِّ ثُمَّ إنْ خَرَجَ مُسْتَقِيمًا فَالْمُعْتَبَرُ صَدْرُهُ، وَإِنْ خَرَجَ مَنْكُوسًا فَالْمُعْتَبَرُ سُرَّتُهُ، وَقَدْ بَيَّنَّاهُ مِنْ قَبْلُ.
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلَا تَوَارُثَ بَيْنَ الْغَرْقَى وَالْحَرْقَى إلَّا إذَا عُلِمَ تَرْتِيبُ الْمَوْتَى) أَيْ إذَا مَاتَ جَمَاعَةٌ فِي الْغَرَقِ أَوْ الِاحْتِرَاقِ، وَلَا يُدْرَى أَيُّهُمْ مَاتَ أَوَّلًا جُعِلُوا كَأَنَّهُمْ مَاتُوا جَمِيعًا مَعًا فَيَكُونُ مَالُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لِوَرَثَتِهِ، وَلَا يَرِثُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا إلَّا إذَا عُرِفَ تَرْتِيبُ مَوْتِهِمْ فَيَرِثُ الْمُتَأَخِّرُ مِنْ الْمُتَقَدِّمِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَزَيْدٍ، وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ عَلِيٍّ وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْإِرْثَ يُبْتَنَى عَلَى الْيَقِينِ بِسَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ وَشَرْطُهُ وَهُوَ حَيَاةُ الْوَارِثِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَرِّثِ، وَلَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ فَلَا يَرِثُ بِالشَّكِّ، وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَرِثُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا إلَّا مَا وَرِثَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ، وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَوَجْهُهُ أَنَّ حَيَاةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ كَانَتْ ثَابِتَةً بِيَقِينٍ، وَالْأَصْلُ بَقَاؤُهَا إلَى مَا بَعْدَ مَوْتِ الْآخَرِ، وَلِأَنَّ الْحَادِثَ يُضَافُ إلَى أَقْرَبِ الْأَوْقَاتِ فَكَأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَاتَ بَعْدَ مَوْتِ الْآخَرِ فَيَرِثُ مِنْهُ إلَّا مِمَّا وَرِثَهُ مِنْهُ لِلتَّعَذُّرِ لِأَنَّ تَقْدِيرَهُ حَيًّا بَعْدَ مَوْتِهِ حَتَّى يَرِثَهُ مَالَهُ مِنْ وَارِثِهِ مُحَالٌ قُلْنَا إذَا اسْتَحَالَ فِي حَقِّ الْبَعْضِ اسْتَحَالَ فِي حَقِّ الْكُلِّ إذْ سَبَبُ الْإِرْثَ مُتَّحِدٌ لَا يَقْبَلُ التَّجَزِّي، وَظَاهِرُ حَيَاتِهِمْ يَصْلُحُ لِلدَّفْعِ لَا لِلِاسْتِحْقَاقِ، وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ إذَا مَاتُوا بِانْهِدَامِ الْجِدَارِ عَلَيْهِمْ أَوْ فِي الْمَعْرَكَةِ، وَلَا يُدْرَى أَيُّهُمْ مَاتَ أَوَّلًا.
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَذُو رَحِمٍ) وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى الْعَصَبَةِ أَيْ وَيُقْسَمُ مَالُهُ بَيْنَ وَرَثَتِهِ، وَهُمْ ذُو فَرْضٍ وَعَصَبَةٌ، وَذُو رَحِمٍ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَهُوَ قَرِيبٌ لَيْسَ بِذِي سَهْمٍ وَعَصَبَةٍ) أَيْ ذُو الرَّحِمِ هُوَ قَرِيبٌ لَيْسَ بِوَارِثٍ بِفَرْضٍ وَلَا بِعُصُوبَةٍ، وَهَذَا عَلَى اصْطِلَاحِ أَهْلِ هَذَا الْعِلْمِ، وَفِي
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
قَوْلُهُ فَرْضًا لَا غَيْرُ) فَلَوْ مَاتَ شَخْصٌ عَنْ بِنْتٍ وَأُمٍّ وَأَخٍ تَوْأَمٍ مِنْ الزِّنَا أَوْ اللِّعَانِ فَالْمَالُ لِلْبِنْتِ وَالْأُمِّ أَرْبَاعًا فَرْضًا وَرَدًّا وَلَا شَيْءَ لِلتَّوْأَمِ لِأَنَّهُ أَخُوهُ لِأُمِّهِ فَلَا يَرِثُ مَعَ الْبِنْتِ شَيْئًا. اهـ.
(قَوْلُهُ أَوْ غَيْرَهَا مِمَّنْ يَرِثُهُ وَلَدُهَا) كَأُمِّهِ أَوْ امْرَأَةِ أَخِيهِ أَوْ امْرَأَةِ جَدِّهِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ كَفِيلٌ) الَّذِي بِخَطِّ الشَّارِحِ وَيُؤْخَذُ كَفِيلًا اهـ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute