للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَنْ أَبِي يُوسُفَ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَمَهْرُ مِثْلِهَا يُعْتَبَرُ بِقَوْمِ أَبِيهَا إذَا اسْتَوَيَا سِنًّا وَجَمَالًا وَمَالًا وَبَلَدًا وَعَصْرًا وَعَقْلًا وَدِينًا وَبَكَارَةً)؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ مِنْ جِنْسِ قَوْمِ أَبِيهِ وَقِيمَةُ الشَّيْءِ إنَّمَا تُعْرَفُ بِالنَّظَرِ فِي قِيمَةِ جِنْسِهِ وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَهَا مَهْرُ مِثْلِ نِسَائِهَا وَهُنَّ أَقَارِبُ الْأَبِ أَلَا تَرَى أَنَّ أَوْلَادَ الْخُلَفَاءِ يَصْلُحُونَ لِلْإِمَامَةِ، وَإِنْ كَانَتْ أُمَّهَاتُهُمْ جِوَارِي وَيُشْتَرَطُ الِاسْتِوَاءُ فِي الْأَوْصَافِ الْمَذْكُورَةِ؛ لِأَنَّ الْمَهْرَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ هَذِهِ الْأَوْصَافِ لِاخْتِلَافِ الرَّغَبَاتِ فِيهَا، وَكَذَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَسْتَوِيَا فِي الْعِلْمِ وَالْأَدَبِ وَكَمَالِ الْخَلْقِ وَأَنْ لَا يَكُونَ لَهَا وَلَدٌ وَقَالُوا يُعْتَبَرُ حَالُ الزَّوْجِ أَيْضًا، وَقِيلَ لَا يُعْتَبَرُ الْجَمَالُ فِي بَيْتِ الْحَسَبِ وَالشَّرَفِ وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ فِي أَوْسَاطِ النَّاسِ إذْ الرَّغْبَةُ فِيهِنَّ لِلْجَمَالِ بِخِلَافِ بَيْتِ الشَّرَفِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فَمِنْ الْأَجَانِبِ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مِنْ قَبِيلَتِهَا مَنْ هِيَ مِثْلُ حَالِهَا يُعْتَبَرُ بِمَهْرِ مِثْلِهَا مِنْ الْأَجَانِبِ مِنْ قَبِيلَةٍ هِيَ مِثْلُ قَبِيلَةِ أَبِيهَا، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ بِالْأَجْنَبِيَّاتِ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَصَحَّ ضَمَانُ الْوَلِيِّ الْمَهْرَ وَتُطَالِبُ زَوْجَهَا أَوْ وَلِيَّهَا)، وَهَذَا اللَّفْظُ يَتَنَاوَلُ وَلِيَّ الصَّغِيرِ بِأَنْ زَوَّجَ ابْنَهُ الصَّغِيرَ امْرَأَةً، ثُمَّ ضَمِنَ عَنْهُ مَهْرَهَا صَحَّ ضَمَانُهُ؛ لِأَنَّهُ سَفِيرٌ وَمُعَبِّرٌ فِيهِ، وَلَيْسَ بِمُبَاشِرٍ بِخِلَافِ مَا إذَا اشْتَرَى لَهُ شَيْئًا، ثُمَّ ضَمِنَ عَنْهُ الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ حَيْثُ لَا يَجُوزُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ أَصِيلٌ فِيهِ فَيَلْزَمُهُ الثَّمَنُ ضَمِنَ أَوْ لَمْ يَضْمَنْ، ثُمَّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُطَالِبَ الْوَلِيَّ بِالْمَهْرِ فَإِذَا أَدَّى الْوَلِيُّ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي مَالِ الصَّغِيرِ إنْ أَشْهَدَ أَنَّهُ يُؤَدِّيهِ لِيَرْجِعَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ اسْتِحْسَانًا فَلَا يَكُونُ لَهُ الرُّجُوعُ فِي مَالِهِ، وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تُطَالِبَ الزَّوْجَ مَا لَمْ يَبْلُغْ فَإِذَا بَلَغَ تُطَالِبُ أَيَّهُمَا شَاءَتْ وَيَتَنَاوَلُ وَلِيَّ الصَّغِيرَةِ أَوْ الْكَبِيرَةِ بِأَنْ زَوَّجَ ابْنَتَهُ الصَّغِيرَةَ أَوْ الْكَبِيرَةَ وَهِيَ بِكْرٌ أَوْ مَجْنُونَةٌ رَجُلًا وَضَمِنَ عَنْهُ مَهْرَهَا صَحَّ ضَمَانُهُ لِمَا ذَكَرْنَا، ثُمَّ هِيَ بِالْخِيَارِ إنْ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ وَمَهْرُ مِثْلِهَا يُعْتَبَرُ بِقَوْمِ أَبِيهَا) أَيْ كَأَخَوَاتِهَا وَعَمَّاتِهَا وَبَنَاتِ عَمِّهَا وَالْمُرَادُ بِأَخَوَاتِهَا لِأَبِيهَا وَأُمِّهَا أَوْ لِأَبِيهَا، وَكَذَا عَمَّاتُهَا هُنَّ أَخَوَاتُ أَبِيهَا لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ أَوْ لِأَبِيهِ وَلَا يُعْتَبَرُ بِأُمِّهَا وَخَالَتِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَا مِنْ قَبِيلَةِ أَبِيهَا بِأَنْ تَكُونَا بَنَاتَ عَمِّهِ اهـ. (قَوْلُهُ: إذَا اسْتَوَيَا سِنًّا وَجَمَالًا إلَخْ) وَفِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ كُلُّهَا فِي قَوْمِ أَبِيهَا يُعْتَبَرُ الْمَوْجُودُ مِنْهَا اهـ. عَيْنِيٌّ وَفِي النُّتَفِ تُعْتَبَرُ الْمُمَاثَلَةُ فِي خَمْسَ عَشْرَةَ خَصْلَةً: الْجَمَالُ وَالْحَسَبُ وَالْمَالُ وَالْعَقْلُ وَالدِّينُ وَالْعِلْمُ وَالْأَدَبُ وَالتَّقْوَى وَالْعِفَّةُ وَكَمَالُ الْخَلْقِ وَحَدَاثَةُ السِّنِّ وَالْبَكَارَةُ وَحَالُ الْوَقْتِ وَحَالُ الزَّوْجِ وَأَنْ لَا يَكُونَ لَهَا وَلَدٌ اهـ. غَايَةٌ قَوْلُهُ: وَالتَّقْوَى ذِكْرُ التَّقْوَى بَعْدَ ذِكْرِهِ الدِّينَ يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ، وَقَدْ فَسَّرَ الْعَيْنِيُّ الدِّينَ بِالتَّقْوَى فَتَأَمَّلْ اهـ. (قَوْلُهُ: وَعَصْرًا) أَيْ زَمَانًا اهـ. (قَوْلُهُ: وَعَقْلًا) فَلَا يُعْتَبَرُ بِالْمَجْنُونَةِ اهـ. ع (قَوْلُهُ: وَدِينًا) فَلَا يُعْتَبَرُ بِالْفَاسِقَةِ اهـ. ع (قَوْلُهُ: وَهُنَّ أَقَارِبُ الْأَبِ) لَيْسَ مِنْ كَلَامِهِ بَلْ تَفْسِيرُ نِسَائِهَا مِنْ الْمُصَنِّفِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ إضَافَةِ النِّسَاءِ إلَيْهَا بِأَنَّهَا بِاعْتِبَارِ قَرَابَةِ الْأَبِ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ مِنْ جِنْسِ قَوْمِ أَبِيهِ اهـ. كَمَالٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَفِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ كُلُّهَا فِي قَوْمِ أَبِيهَا يُعْتَبَرُ الْمَوْجُودُ مِنْهَا اهـ. عَيْنِيٌّ (قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ الِاسْتِوَاءُ فِي الْأَوْصَافِ إلَخْ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَيُعْتَبَرُ اتِّحَادُ الْبَلَدِ وَالْعَصْرِ حَتَّى لَا يُعْتَبَرَ مَهْرُ الْمِثْلِ بِامْرَأَةٍ أُخْرَى مِنْ عَشِيرَتِهَا فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى؛ لِأَنَّ الْمَهْرَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْبُلْدَانِ وَالْعَصْرِ، وَهَذَا لِأَنَّ مَهْرَ الْمِثْلِ تَقْوِيمُ الْبُضْعِ وَالِاعْتِبَارُ فِي التَّقْوِيمِ لِلْمَوْضِعِ وَالزَّمَانِ اللَّذَيْنِ يَقَعُ فِيهِمَا التَّقْوِيمُ كَمَا فِي تَقْوِيمِ السِّلْعَةِ الْمُسْتَهْلَكَةِ وَيُعْتَبَرُ الْمُسَاوَاةُ فِي الْبَكَارَةِ؛ لِأَنَّ الْمَهْرَ بِحَسَبِ الْبَكَارَةِ وَالثُّيُوبَةِ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ وَفِي الْمُنْتَقَى يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُخْبِرُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ رَجُلَيْنِ أَوْ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ وَيُشْتَرَطُ لَفْظَةُ الشَّهَادَةِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ عَلَى ذَلِكَ شُهُودٌ عُدُولٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ مَعَ يَمِينِهِ اهـ. مَعَ حَذْفٍ

(قَوْلُهُ: فَإِذَا أَدَّى الْوَلِيُّ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ إلَخْ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَمَّا إذَا زَوَّجَ ابْنَهُ الصَّغِيرَ فِي حَالِ صِحَّتِهِ وَضَمِنَ عَنْهُ لِزَوْجَتِهِ الْمَهْرَ يَصِحُّ إذَا قَبِلَتْ ذَلِكَ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ لِهَذَا أَيْضًا فَإِذَا أَدَّى الْأَبُ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الِابْنِ اسْتِحْسَانًا وَفِي الْقِيَاسِ يَرْجِعُ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْأَبِ لَوْ ضَمِنَ بِإِذْنِ الْأَبِ وَأَدَّى يَرْجِعُ فِي مَالِ الصَّغِيرِ فَكَذَا الْأَبُ؛ لِأَنَّ قِيَامَ وِلَايَتِهِ عَلَيْهِ فِي الصِّغَرِ بِمَنْزِلَةِ أَمْرِهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الْآبَاءَ يَتَحَمَّلُونَ الْمُهُورَ عَنْ أَبْنَائِهِمْ عَادَةً وَلَا يَطْمَعُونَ فِي الرُّجُوعِ وَالثَّابِتُ بِالْعُرْفِ كَالثَّابِتِ بِالنَّصِّ إلَّا إذَا شُرِطَ الرُّجُوعُ فِي أَصْلِ الضَّمَانِ فَحِينَئِذٍ يَرْجِعُ؛ لِأَنَّ الصَّرِيحَ يَفُوقُ الدَّلَالَةَ أَعْنِي دَلَالَةَ الْعُرْفِ بِخِلَافِ الْوَصِيِّ إذَا أَدَّى الْمَهْرَ عَنْ الصَّغِيرِ بِحُكْمِ الضَّمَانِ يَرْجِعُ؛ لِأَنَّ التَّبَرُّعَ مِنْ الْوَصِيِّ لَا يُوجَدُ عَادَةً هَذَا إذَا أَدَّى الْأَبُ بَعْدَ الضَّمَانِ أَمَّا إذَا مَاتَ قَبْلَ الْأَدَاءِ فَلِلْمَرْأَةِ الْخِيَارُ إنْ شَاءَتْ أَخَذَتْ الْمَهْرَ مِنْ الزَّوْجِ وَإِنْ شَاءَتْ اسْتَوْفَتْ ذَلِكَ مِنْ تَرِكَةِ الْأَبِ؛ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ كَانَتْ صَحِيحَةً فَلَا تَبْطُلُ بِالْمَوْتِ، ثُمَّ إذَا اسْتَوْفَتْ مِنْ التَّرِكَةِ قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ رَجَعَ سَائِرُ الْوَرَثَةِ بِذَلِكَ فِي نَصِيبِ الِابْنِ أَوْ عَلَيْهِ إنْ كَانَ قَبَضَ نَصِيبَهُ، وَقَالَ زُفَرُ لَا يَرْجِعُونَ وَلَمْ يَذْكُرْ خِلَافَ أَبِي يُوسُفَ فِيهِ وَفِي الْكَافِي لِلْحَاكِمِ الشَّهِيدِ أَيْضًا والْوَلْوَالِجِيِّ فِي فَتَاوِيهِ ذَكَرَ خِلَافَ أَبِي يُوسُفَ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ زُفَرَ، وَكَذَا أَثْبَتَ خِلَافَ أَبِي يُوسُفَ فِي خُلَاصَةِ الْفَتَاوَى مَنْقُولًا عَنْ الْمُحِيطِ أَنَّ الْخَصَّافَ ذَكَرَهُ كَذَلِكَ وَجْهُ قَوْلِهِ أَنَّ الْكَفَالَةَ لَمْ تَنْعَقِدْ مُوجِبَةً لِلضَّمَانِ فَلَا تَنْقَلِبُ مُوجِبَةً وَلِهَذَا لَوْ أَدَّى الْأَبُ حَالَ حَيَاتِهِ وَصِحَّتِهِ لَا يَرْجِعُ فَكَذَا لَا رُجُوعَ بَعْدَ الْمَوْتِ وَلَنَا أَنَّ الرُّجُوعَ فِي حَالِ الْحَيَاةِ إنَّمَا لَمْ يَثْبُتْ لِمَعْنَى الصِّلَةِ، وَقَدْ بَطَلَ ذَلِكَ بِالْمَوْتِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ، ثُمَّ التَّبَرُّعُ إنَّمَا يَكُونُ بِالْأَدَاءِ لَا بِمُجَرَّدِ الْكَفَالَةِ فَإِذَا حَصَلَ الْأَدَاءُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ يَقَعُ ذَلِكَ تَبَرُّعًا فِي حَقِّ سَائِرِ الْوَرَثَةِ فَيَرْجِعُونَ فَإِنْ كَانَ الضَّمَانُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ فَهُوَ بَاطِلٌ لِمَا قُلْنَا، وَالْمَجْنُونُ فِي ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الصَّبِيِّ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مُوَلًّى عَلَيْهِ كَالصَّغِيرِ سَوَاءٌ كَانَ الْجُنُونُ أَصْلِيًّا أَوْ طَارِئًا اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>