للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

شَاءَتْ طَالَبَتْ زَوْجَهَا أَوْ وَلِيَّهَا إنْ كَانَتْ أَهْلًا لِذَلِكَ وَيَرْجِعُ الْوَلِيُّ بَعْدَ الْأَدَاءِ عَلَى الزَّوْجِ إنْ ضَمِنَ بِأَمْرِهِ

وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَ مِنْ مَالِ الصَّغِيرِ وَضَمِنَ الثَّمَنَ عَنْ الْمُشْتَرِي حَيْثُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ أَصِيلٌ فِيهِ حَتَّى تَرْجِعَ الْعُهْدَةُ عَلَيْهِ وَالْحُقُوقُ إلَيْهِ وَيَصِحُّ إبْرَاؤُهُ الْمُشْتَرِيَ عَنْ الثَّمَنِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ لَكِنَّهُ يَضْمَنُهُ لِلْوَلَدِ لِتَعَدِّيهِ بِالْإِبْرَاءِ وَيَمْلِكُ قَبْضَ الثَّمَنِ بَعْدَ بُلُوغِهِ، فَلَوْ صَحَّ الضَّمَانُ لَصَارَ ضَامِنًا لِنَفْسِهِ وَفِي النِّكَاحِ تَنْعَكِسُ الْأَحْكَامُ لِانْعِكَاسِ الْمَعْنَى وَهُوَ كَوْنُهُ سَفِيرًا وَمُعَبِّرًا وَلَا يُقَالُ إنَّ الْأَبَ يَمْلِكُ قَبْضَ مَهْرِ الصَّغِيرَةِ فَصَارَ كَالْبَيْعِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّمَا مَلَكَهُ بِحُكْمِ الْأُبُوَّةِ لَا بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ عَاقِدٌ وَلِهَذَا لَا يَمْلِكُهُ بَعْدَ بُلُوغِهَا إلَّا بِرِضَاهَا، وَقَوْلُهُ: وَتُطَالِبُ زَوْجَهَا أَوْ وَلِيَّهَا هَذَا إذَا كَانَ الضَّامِنُ وَلِيَّهَا بِأَنْ زَوَّجَهَا، ثُمَّ ضَمِنَ مَهْرَهَا وَأَمَّا إذَا كَانَ الضَّامِنُ وَلِيَّ الزَّوْجِ بِأَنْ زَوَّجَهُ امْرَأَةً وَضَمِنَ مَهْرَهَا فَالْمُطَالَبَةُ إلَى وَلِيِّ الزَّوْجِ مَكَانَ وَلِيِّهَا، وَقَدْ مَضَى بَيَانُهُ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلَهَا مَنْعُهُ مِنْ الْوَطْءِ وَالْإِخْرَاجِ لِلْمَهْرِ، وَإِنْ وَطِئَهَا) أَيْ لَهَا أَنْ تَمْنَعَ نَفْسَهَا إذَا أَرَادَ الزَّوْجُ أَنْ يُسَافِرَ بِهَا أَوْ يَطَأَهَا حَتَّى تَأْخُذَ مَهْرَهَا مِنْهُ وَلَوْ سَلَّمَتْ نَفْسَهَا وَوَطِئَهَا بِرِضَاهَا لَتَعَيَّنَ حَقُّهَا فِي الْبَدَلِ كَمَا تَعَيَّنَ حَقُّ الزَّوْجِ فِي الْمُبْدَلِ وَصَارَ كَالْبَيْعِ، وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْ السَّفَرِ وَالْخُرُوجِ مِنْ مَنْزِلِهِ حَتَّى يُوَفِّيَهَا مَهْرَهَا؛ لِأَنَّ حَقَّ الْحَبْسِ لِاسْتِيفَاءِ الْمُسْتَحَقِّ، وَلَيْسَ لَهُ حَقُّ الِاسْتِيفَاءِ قَبْلَ الْإِيفَاءِ، وَالْخَلْوَةُ بِرِضَاهَا فِي هَذَا كَالْوَطْءِ، سَوَّى الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بَيْنَهُمَا أَعْنِي قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ إذَا دَخَلَ بِهَا بِرِضَاهَا أَوْ خَلَا بِهَا لَيْسَ لَهَا أَنْ تَمْنَعَ نَفْسَهَا، وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ اسْتِحْقَاقُ النَّفَقَةِ لَهُمَا أَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ قَدْ صَارَ مُسَلَّمًا إلَيْهِ بِالْوَطْأَةِ أَوْ بِالْخَلْوَةِ وَلِهَذَا يَتَأَكَّدُ جَمِيعُ الْمَهْرِ فَلَمْ يَبْقَ لَهَا حَقُّ الْحَبْسِ كَالْبَائِعِ إذَا سَلَّمَ الْمَبِيعَ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ مُكْرَهَةً أَوْ صَغِيرَةً أَوْ مَجْنُونَةً وَلَهُ أَنَّهَا مَنَعَتْ مِنْهُ مَا قَابَلَ الْبَدَلَ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَطْأَةٍ تَصَرُّفٌ فِي الْبُضْعِ الْمُحْتَرَمِ فَلَا تَخْلُو عَنْ الْعِوَضِ إبَانَةً لِخَطَرِهِ

وَالتَّأَكُّدُ بِالْوَطْأَةِ الْوَاحِدَةِ لِجَهَالَةِ مَا وَرَاءَهَا فَلَا يَصْلُحُ مُزَاحِمًا لِلْمَعْلُومِ مَا لَمْ يُوجَدْ فَإِذَا وُجِدَ صَارَ مَعْلُومًا فَتَحَقَّقَتْ الْمُزَاحَمَةُ وَصَارَ الْمَهْرُ مُقَابَلًا بِالْكُلِّ كَالْمُدَبَّرِ إذَا جَنَى جِنَايَةً يَدْفَعُ الْمَوْلَى قِيمَتَهُ لِوَلِيِّ الْجِنَايَةِ، ثُمَّ إذَا جَنَى أُخْرَى يَتْبَعُ وَلِيَّ الْجِنَايَةِ الثَّانِيَةِ وَلِيَّ الْأُولَى لِتَحَقُّقِ الْمُزَاحَمَةِ، اعْلَمْ أَنَّ الْمَهْرَ الْمَذْكُورَ هُنَا مَا تُعُورِفَ تَعْجِيلُهُ حَتَّى لَا يَكُونَ لَهَا أَنْ تَحْبِسَ نَفْسَهَا فِيمَا تُعُورِفَ تَأْجِيلُهُ إلَى الْمَيْسَرَةِ أَوْ الْمَوْتِ أَوْ الطَّلَاقِ وَلَوْ كَانَ حَالًّا؛ لِأَنَّ الْمُتَعَارَفَ كَالْمَشْرُوطِ وَذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْبُلْدَانِ وَالْأَزْمَانِ وَالْأَشْخَاصِ هَذَا إذَا لَمْ يَنُصَّا عَلَى التَّعْجِيلِ أَوْ التَّأْجِيلِ وَأَمَّا إذَا، نَصَّا عَلَى تَعْجِيلِ جَمِيعِ الْمَهْرِ أَوْ تَأْجِيلِهِ فَهُوَ عَلَى

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ: وَيَرْجِعُ الْوَلِيُّ بَعْدَ الْأَدَاءِ عَلَى الزَّوْجِ إنْ ضَمِنَ بِأَمْرِهِ)، وَهَذَا إذَا كَانَ الضَّمَانُ فِي صِحَّةِ الْأَبِ فَإِنْ كَانَ ضَمَانُ الْأَبِ فِي مَرَضِهِ وَمَاتَ مِنْهُ فَهُوَ بَاطِلٌ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَ الْمَرِيضِ فِيمَا يَكُونُ فِيهِ نَفْعٌ لِوَارِثِهِ لَا يَصِحُّ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمَبْسُوطِ اهـ. أَتْقَانِيٌّ وَذُكِرَ فِي بَابِ الْوَلِيمَةِ مِنْ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ الْأَبُ إذَا زَوَّجَ ابْنَهُ الصَّغِيرَ امْرَأَةً فَلَهَا أَنْ تُطَالِبَ الْأَبَ بِالْمَهْرِ فَيُؤَدِّي الْأَبُ مِنْ مَالِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ وَإِنْ لَمْ يَضْمَنْ الْأَبُ بِاللَّفْظِ صَرِيحًا بِخِلَافِ الْوَكِيلِ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ لَا تُطَالِبُهُ بِالْمَهْرِ مَا لَمْ يَضْمَنْ اهـ. (قَوْلُهُ: حَتَّى تَرْجِعَ الْعُهْدَةُ عَلَيْهِ إلَخْ) أَيْ وَيُجْبَرُ عَلَى تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَيَمْلِكُ) أَيْ الْأَبُ اهـ. اك (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَوْنُهُ سَفِيرًا وَمُعَبِّرًا) أَيْ فِي بَابِ النِّكَاحِ وَلِهَذَا وَكِيلُ الزَّوْجَةِ لَا يُجْبَرُ عَلَى تَسْلِيمِهَا وَوَكِيلُ الزَّوْجِ لَا يُطَالَبُ بِالْمَهْرِ اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ: فَالْمُطَالَبَةُ إلَى وَلِيِّ الزَّوْجِ) أَيْ مُتَوَجِّهَةٌ إلَى وَلِيِّ الزَّوْجِ اهـ. (قَوْلُهُ: مَكَانَ زَوْجِهَا) أَيْ فَإِذَا بَلَغَ الزَّوْجُ طَالَبَتْ أَيَّهُمَا شَاءَتْ. اهـ.

. (قَوْلُهُ: وَلَوْ سَلَّمَتْ نَفْسَهَا إلَخْ) وَفِي جَوَامِعِ الْفِقْهِ لَوْ قَبَضَتْ مَهْرَهَا، ثُمَّ رَدَّتْهُ بِالزِّيَافَةِ أَوْ اُسْتُحِقَّ مَا اشْتَرَتْ مِنْ الزَّوْجِ بِالْمَهْرِ لَا تَمْنَعُ نَفْسَهَا بِلَا خِلَافٍ، وَفِي الذَّخِيرَةِ فِي الْمُنْتَقَى لَوْ كَانَ الْمَهْرُ حَالًّا فَأَحَالَتْ عَلَيْهِ غَرِيمًا لَهَا بِمَهْرِهَا فَلَهَا أَنْ تَمْنَعَ نَفْسَهَا مِنْهُ حَتَّى يَأْخُذَهُ غَرِيمُهَا بِمَنْزِلَةِ وَكِيلِهَا وَلَوْ أَنَّ الزَّوْجَ أَحَالَهَا عَلَى غَرِيمٍ لَهُ (قَوْلُهُ: كَمَا تَعَيَّنَ حَقُّ الزَّوْجِ فِي الْمُبْدَلِ) يَعْنِي وَلَا يَتَعَيَّنُ حَقُّهَا إلَّا بِالتَّسْلِيمِ، وَهَذَا التَّعْلِيلُ لَا يَصِحُّ إلَّا فِي الصَّدَاقِ الدَّيْنِ أَمَّا الْعَيْنُ لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى عَبْدٍ بِعَيْنِهِ فَلَا؛ لِأَنَّهَا مَلَكَتْهُ وَتَعَيَّنَ حَقُّهَا فِيهِ حَتَّى مَلَكَتْ عِتْقَهُ اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ: وَالْخُرُوجِ مِنْ مَنْزِلِهِ) أَيْ وَزِيَارَةِ أَهْلِهَا اهـ. هِدَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ الْأَوَّلُ اهـ أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ: وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ (اسْتِحْقَاقُ النَّفَقَةِ) أَيْ تَسْتَحِقُّهَا مُدَّةَ الْمَنْعِ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّهُ مَنْعٌ بِحَقٍّ وَلَا تَسْتَحِقُّ عِنْدَهُمَا؛ لِأَنَّهَا نَاشِزَةٌ اهـ. أَكْمَلُ (قَوْلُهُ: كَالْبَائِعِ إذَا سَلَّمَ الْمَبِيعَ) أَيْ بِاخْتِيَارِهِ اهـ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ مُكْرَهَةً) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْخِلَافُ فِيمَا إذَا كَانَ الدُّخُولُ بِرِضَاهَا حَتَّى لَوْ كَانَتْ مُكْرَهَةً أَوْ كَانَتْ صَبِيَّةً أَوْ مَجْنُونَةً لَا يَسْقُطُ حَقُّهَا فِي الْحَبْسِ بِالِاتِّفَاقِ. اهـ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ كُلَّ وَطْأَةٍ تَصَرُّفٌ فِي الْبُضْعِ الْمُحْتَرَمِ) أَيْ فَلَا يَجُوزُ إخْلَاؤُهُ عَنْ شَيْءٍ يُقَابِلُهُ فَهِيَ بِالْحَبْسِ تَمْنَعُ مَا يُقَابِلُ الْمَهْرَ وَهُوَ الْوَطْءُ الثَّانِي فَلَهَا ذَلِكَ كَمَا إذَا لَمْ يَدْخُلْ بِهَا اهـ. رَازِيٌّ (قَوْلُهُ: فِيمَا تُعُورِفَ تَأْجِيلُهُ) الَّذِي بِخَطِّ الشَّارِحِ تَأْخِيرُهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ حَالًّا) أَيْ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ بِإِطْلَاقِ الْعَقْدِ وَلَوْ كَانَ مَعْنَاهُ وَلَوْ كَانَ حَالًّا بِالشَّرْطِ لِنَاقِضٍ قَوْلُهُ: بَعْدَهُ وَأَمَّا إذَا نَصَّ عَلَى تَعْجِيلِ جَمِيعِ الْمَهْرِ فَهُوَ عَلَى مَا شُرِطَ إذْ شَرْطُ التَّعْجِيلِ مُرَادِفٌ لِشَرْطِ الْحُلُولِ حُكْمًا وَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْعَادَةُ فِي مَمْلَكَةِ مِصْرَ وَالشَّامِ وَمَا وَالَاهُمَا مِنْ الْبِلَادِ هُوَ التَّأْخِيرُ إلَى اخْتِيَارِ الْمُطَالَبَةِ كَذَا قَرَّرَهُ شَيْخُ شَيْخِنَا زَيْنُ الدِّينِ قَاسِمٌ الْمِصْرِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -

<<  <  ج: ص:  >  >>