للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذَا قَصُرَتْ أَسْيَافُنَا كَانَ وَصْلُهَا ... خُطَانَا إلَى أَعْدَائِنَا فَنُضَارِبُ

وَتُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى الْوَقْتِ قَالَ الشَّاعِرُ

وَإِذَا تَكُونُ كَرِيهَةً أَدْعَى لَهَا ... وَإِذَا يُحَاسُ الْحَيْسُ يُدْعَى جُنْدُبُ

وَإِذَا تَرَدَّدَتْ لَمْ تَطْلُقْ فِي الْحَالِ بِالشَّكِّ وَالِاحْتِمَالِ

وَلَا يَلْزَمُهُ مَسْأَلَةُ الْمَشِيئَةِ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ صَارَ بِيَدِهَا فَلَا يَخْرُجُ بِالشَّكِّ أَيْضًا وَاسْتِعْمَالُهَا فِي الشَّرْطِ مُطْلَقًا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا حَقِيقَةٌ فِيهِ، وَلِهَذَا تَصِحُّ نِيَّتُهُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ تَخْفِيفٌ وَلَا يُقَالُ إذَا تَرَدَّدَتْ كَانَ الِاحْتِيَاطُ فِي الْوُقُوعِ تَغْلِيبًا لِجَانِبِ الْحُرْمَةِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ يُرَجَّحُ بِالْأَصْلِ وَهُوَ أَنَّهَا فِي عِصْمَتِهِ بِيَقِينٍ فَلَا تَطْلُقُ بِالِاحْتِمَالِ كَمَا إذَا شَكَّ فِي الْوُضُوءِ أَوْ الْحَدَثِ تَرَجَّحَ بِالْأَصْلِ وَإِنْ كَانَ الْأَحْوَطُ إيجَابَ التَّوَضُّؤِ وَلَا يَلْزَمُنَا قَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ حِينَ لَمْ أُطَلِّقْك حَيْثُ تَطْلُقُ فِي الْحَالِ وَإِنْ كَانَتْ تُسْتَعْمَلُ فِي الزَّمَانِ الطَّوِيلِ عَلَى مَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّمَا وَقَعَ لِلْحَالِ إذَا أُضِيفَ إلَى الزَّمَانِ الْمَاضِي حَتَّى لَوْ أَضَافَهُ إلَى الْمُسْتَقْبَلِ بِأَنْ قَالَ حِينَ لَا أُطَلِّقُك لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَمْضِيَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ لِمَا عُرِفَ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ، وَذَكَرَ فِي الْغَايَةِ أَنَّ إذَا شَرْطِيَّةٌ عِنْدَ الْكُوفِيِّينَ وَعِنْدَ الْمُبَرِّدِ مِنْ الْبَصْرِيِّينَ فَإِنْ وَلِيَهَا اسْمٌ كَانَ بِتَأْوِيلِ الْفِعْلِ كَانَ وَبَعْضُهُمْ قَالَ إذَا دَخَلَهَا مَا يُجَازِي بِهَا؛ لِأَنَّ " مَا " تَكُفُّهَا عَنْ الْإِضَافَةِ فَيَحْصُلُ الْإِبْهَامُ وَالشَّرْطُ بَابُهُ الْإِبْهَامُ، وَهَذَا صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ إذْ مَعَ كَوْنِهَا لِلْمَاضِي إذَا دَخَلَتْ عَلَيْهَا مَا جُوزِيَ بِهَا لِمَا ذَكَرْنَا فَهَذِهِ أَوْلَى، وَلَا حُجَّةَ لَهُمَا فِي قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إذَا شِئْتِ؛ لِأَنَّ إذَا لَمَّا تَرَدَّدَتْ وَكَانَ الْأَمْرُ بِيَدِهَا فِي الْحَالِ بِيَقِينٍ لَا يَخْرُجُ بِالشَّكِّ، وَكَذَا قَوْلُهُ إذَا سَكَتُّ عَنْ طَلَاقِك فَأَنْتِ طَالِقٌ لَا حُجَّةَ لَهُمَا فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ إنْ سَكَتّ عَنْ طَلَاقِك كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَمَا غَرَضُنَا إلَّا أَنْ تَكُونَ مِثْلَ إنْ

وَلَوْ قَالَ إذَا طَلَّقْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ وَإِذَا لَمْ أُطَلِّقْك فَأَنْتِ طَالِقٌ وَلَمْ يُطَلِّقْ حَتَّى مَاتَ وَقَعَ عَلَيْهَا تَطْلِيقَتَانِ، وَلَوْ قَالَ إذَا لَمْ أُطَلِّقْك فَأَنْتِ طَالِقٌ وَإِذَا طَلَّقْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُطَلِّقَ وَقَعَتْ تَطْلِيقَةٌ وَاحِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ بِالْمَوْتِ صَارَ حَانِثًا فَيَقَعُ بِهِ طَلْقَةٌ ثُمَّ يَقَعُ طَلْقَةٌ أُخْرَى فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى لِوُجُودِ الطَّلَاقِ بِكَلَامٍ وُجِدَ بَعْدَ الْيَمِينِ الْأُولَى فَيَحْنَثُ بِهِ وَلَا تَطْلُقُ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهُ وَقَعَ عَلَيْهَا بِكَلَامٍ وُجِدَ قَبْلَ الْيَمِينِ الثَّانِيَةِ فَلَا تَقَعُ الْمُعَلَّقَةُ لِعَدَمِ الشَّرْطِ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (أَنْتِ طَالِقٌ مَا لَمْ أُطَلِّقْك أَنْتِ طَالِقٌ طَلُقَتْ هَذِهِ الطَّلْقَةَ) مَعْنَاهُ إذَا قَالَ ذَلِكَ مَوْصُولًا وَالْقِيَاسُ أَنْ يَقَعَ ثِنْتَانِ إذَا كَانَ مَدْخُولًا بِهَا وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ؛ لِأَنَّهُ أَضَافَ الطَّلَاقَ إلَى زَمَانٍ خَالٍ عَنْ التَّطْلِيقِ وَقَدْ وُجِدَ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا وَهُوَ زَمَانُ اشْتِغَالِهِ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ أَنْ يَفْرُغَ مِنْهُ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ زَمَانَ الْبِرِّ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي الْيَمِينِ وَهُوَ الْمَقْصُودُ بِهِ وَلَا يُمْكِنُ تَحْقِيقُهُ إلَّا بِإِخْرَاجِ ذَلِكَ الْقَدْرِ عَنْ الْيَمِينِ وَأَصْلُ الْخِلَافِ فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ هَذَا الثَّوْبَ وَهُوَ لَابِسُهُ وَأَخَوَاتُهَا.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (أَنْتِ كَذَا يَوْمَ أَتَزَوَّجُك فَنَكَحَهَا لَيْلًا حَنِثَ بِخِلَافِ الْأَمْرِ بِالْيَدِ) يَعْنِي إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ يَوْمَ أَتَزَوَّجُك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَتَزَوَّجَهَا لَيْلًا حَنِثَ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ أَمْرُك بِيَدِك يَوْمَ يَقْدَمُ فُلَانٌ حَيْثُ لَا يَكُونُ أَمْرُهَا بِيَدِهَا إلَّا إذَا قَدِمَ بِالنَّهَارِ؛ لِأَنَّ الْيَوْمَ يُذْكَرُ وَيُرَادُ بِهِ مُطْلَقُ الْوَقْتِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ} [الأنفال: ١٦]، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ} [إبراهيم: ٥] أَيْ بِأَوْقَاتِ نَعْمَائِهِ وَبَلَائِهِ وَيُقَالُ يَوْمٌ لَنَا وَيَوْمٌ عَلَيْنَا وَيُذْكَرُ وَيُرَادُ بِهِ بَيَاضُ النَّهَارِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ} [الجمعة: ٩] وَالْمُرَادُ النَّهَارُ وَهُوَ الْحَقِيقَةُ فَإِذَا شَاعَ اسْتِعْمَالُهُ فِيهِمَا فَلَا بُدَّ مِنْ ضَابِطٍ يَمْتَازُ بِهِ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ فَنَقُولُ إذَا قُرِنَ بِهِ فِعْلٌ يَمْتَدُّ يُرَادُ بِهِ بَيَاضُ النَّهَارِ وَإِذَا قُرِنَ بِهِ فِعْلٌ لَا يَمْتَدُّ بِهِ مُطْلَقُ الْوَقْتِ وَنَعْنِي بِالْمُمْتَدِّ مَا يَقْبَلُ التَّأْقِيتَ كَالْأَمْرِ بِالْيَدِ وَالصَّوْمِ وَبِمَا لَا يَمْتَدُّ مَا لَا يَقْبَلُ التَّأْقِيتَ كَالطَّلَاقِ وَالتَّزَوُّجِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ طَلَّقْت شَهْرًا وَيُرَادُ الْإِيقَاعُ فِي جَمِيعِهِ أَوْ الِامْتِدَادُ إلَيْهِ وَلَا تَزَوَّجْت يَوْمًا بِهَذَا الْمَعْنَى فَكَانَ الْأَلْيَقُ أَنْ يُحْمَلَ الْمُمْتَدُّ عَلَى الْمُمْتَدِّ وَغَيْرُ الْمُمْتَدِّ عَلَى غَيْرِ الْمُمْتَدِّ رِعَايَةً لِلْمُنَاسَبَةِ وَاسْتِعْمَالَ أَهْلِ الْعُرْفِ ثُمَّ اخْتَلَفَتْ عِبَارَتُهُمْ فِي مَاذَا يُعْتَبَرُ الِامْتِدَادُ وَعَدَمُهُ فَمِنْهُمْ مَنْ يَعْتَبِرُهُ فِي الْمُضَافِ إلَيْهِ الْيَوْمَ وَمِنْهُمْ مَنْ يَعْتَبِرُهُ فِي الْجَوَابِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْعَامِلُ فِيهِ فَكَانَ بِحَسَبِهِ وَالْأَوْجَهُ أَنْ يُعْتَبَرَ الْمُمْتَدُّ مِنْهُمَا وَعَلَيْهِ مَسَائِلُهُمْ، وَلِهَذَا لَوْ قَالَ لَهَا أَمْرُك بِيَدِكِ يَوْمَ يَقْدَمُ فُلَانٌ فَقَدِمَ نَهَارًا وَلَمْ تَعْلَمْ بِالْقُدُومِ حَتَّى اللَّيْلِ بَطَلَ خِيَارُهَا لِانْصِرَافِهِ إلَى النَّهَارِ وَمُضِيِّهِ، وَلَوْ قَالَ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ فِي الشِّعْرِ فَنُضَارِبْ) جَزَمَهُ عَطْفًا عَلَى الْمَحَلِّ اهـ مِنْ خَطِّ الشَّارِحِ.

(قَوْلُهُ طَلُقَتْ هَذِهِ الطَّلْقَةَ) أَيْ هَذِهِ الطَّلْقَةَ الْأَخِيرَةَ لَا الْمُعَلَّقَةَ بِعَدَمِ التَّطْبِيقِ. اهـ. (قَوْلُهُ إذَا قَالَ ذَلِكَ مَوْصُولًا) أَيْ أَمَّا لَوْ قَالَهُ مَفْصُولًا يَقَعَانِ بِالْإِجْمَاعِ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا لِوُجُودِ الزَّمَانِ الْخَالِي عَنْ التَّطْلِيقِ اهـ (قَوْلُهُ وَالْقِيَاسُ أَنْ يَقَعَ ثِنْتَانِ) أَيْ الْمُعَلَّقَةُ وَالْمُضَافَةُ. اهـ. (قَوْلُهُ وَهُوَ الْمَقْصُودُ بِهِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْحَالِفَ إنَّمَا حَلَفَ لِيَبَرَّ فِي يَمِينِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ هَذَا الثَّوْبَ وَهُوَ لَابِسُهُ) أَيْ فَنَزَعَهُ فِي الْحَالِ. (قَوْلُهُ وَأَخَوَاتُهَا) أَيْ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ هَذِهِ الدَّابَّةَ وَهُوَ رَاكِبُهَا فَنَزَلَ مِنْ سَاعَتِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ} [الأنفال: ١٦] وَالْفِرَارُ مِنْ الزَّحْفِ حَرَامٌ لَيْلًا وَنَهَارًا. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ فَكَانَ الْأَلْيَقُ أَنْ يُحْمَلَ الْمُمْتَدُّ) أَيْ وَهُوَ الْأَمْرُ بِالْيَدِ وَنَحْوِهِ. (قَوْلُهُ عَلَى الْمُمْتَدِّ) أَيْ وَهُوَ بَيَاضُ النَّهَارِ اهـ (قَوْلُهُ وَغَيْرُ الْمُمْتَدِّ) أَيْ كَالتَّزَوُّجِ وَنَحْوِهِ اهـ. (قَوْلُهُ عَلَى غَيْرِ الْمُمْتَدِّ) أَيْ وَهُوَ مُطْلَقُ الْوَقْتِ اهـ. (قَوْلُهُ لِانْصِرَافِهِ إلَى النَّهَارِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْيَوْمَ مِعْيَارًا لِلْأَمْرِ بِالْيَدِ. اهـ. .

<<  <  ج: ص:  >  >>