للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنْتَ طَالِقٌ وَاحِدَةً أَوَّلًا أَوْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ مَعَ مَوْتِي أَوْ مَعَ مَوْتِكَ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ أَمَّا الْأَوَّلُ فَالْمَذْكُورُ هُنَا قَوْلُهُمَا وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ أَوَّلًا تَطْلُقُ وَاحِدَةً رَجْعِيَّةً ذَكَرَ قَوْلَ مُحَمَّدٍ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ مِنْ الْمَبْسُوطِ لَهُ أَنَّهُ أَدْخَلَ الشَّكَّ فِي الْوَاحِدَةِ لِدُخُولِ حَرْفِهِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ النَّفْيِ فَيَسْقُطُ اعْتِبَارُ الْوَاحِدَةِ لِلشَّكِّ وَيَبْقَى قَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ سَالِمًا عَنْ الشَّكِّ بِخِلَافِ قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ أَوَّلًا أَوْ قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ غَيْرُ طَالِقٍ؛ لِأَنَّهُ أَدْخَلَ الشَّكَّ فِي أَصْلِ الْإِيقَاعِ وَلَهُمَا أَنَّ الْوَصْفَ مَتَى قُرِنَ بِالْمَصْدَرِ أَوْ وَصْفِهِ كَانَ الْوُقُوعُ بِهِ لَا بِالْوَصْفِ فَكَانَ الشَّكُّ دَاخِلًا فِي الْإِيقَاعِ فَصَارَ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ لَا شَيْءَ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْوُقُوعَ بِالْمَصْدَرِ أَوْ وَصْفِهِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَقَعَ عَلَيْهَا الثَّلَاثُ، وَلَوْ كَانَ الْوُقُوعُ بِالْوَصْفِ لَمَا وَقَعَ لِكَوْنِهَا أَجْنَبِيَّةً عِنْدَهُ، وَكَذَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً فَمَاتَتْ قَبْلَ قَوْلِهِ وَاحِدَةً أَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً إنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ، وَلَوْ كَانَ الْوُقُوعُ بِالْوَصْفِ لَوَقَعَ وَاسْتَحَقَّتْ نِصْفَ الْمَهْرِ إذَا كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ قَبْلَ الْمَوْتِ وَلَمَا وَرِثَهَا لِمَا قُلْنَا، وَكَذَا صِحَّةُ الِاسْتِثْنَاءِ فِي قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ شَاءَ اللَّهُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْوُقُوعَ بِهِ لَا بِالْوَصْفِ إذْ لَوْ كَانَ الْوُقُوعُ بِهِ لَمَا صَحَّ لِدُخُولِ الْفَاصِلِ وَهُوَ قَوْلُهُ ثَلَاثًا. وَأَمَّا الثَّانِي وَهُوَ قَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ مَعَ مَوْتِي أَوْ مَعَ مَوْتِكَ فَلِأَنَّهُ أَضَافَ الطَّلَاقَ إلَى حَالَةٍ مُنَافِيَةٍ لَهُ؛ لِأَنَّ مَوْتَهُ يُنَافِي الْأَهْلِيَّةَ وَمَوْتَهَا يُنَافِي الْمَحَلِّيَّةَ وَلَا بُدَّ مِنْهُمَا، وَهَذَا لِأَنَّ مَعَ لِلْقِرَانِ حَقِيقَةً وَحَالُ مَوْتِ أَحَدِهِمَا حَالُ ارْتِفَاعِ النِّكَاحِ وَالطَّلَاقُ لَا يَقَعُ إلَّا فِي حَالِ الِاسْتِقْرَارِ أَوْ نَقُولُ إنَّهُ عَلَّقَهُ بِالْمَوْتِ؛ لِأَنَّ مَعَ تَكُونُ لِلشَّرْطِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ مَعَ دُخُولِكِ الدَّارَ تَعَلَّقَ بِهِ فَلَوْ وَقَعَ لَوَقَعَ بَعْدَ الْمَوْتِ وَهُوَ مُحَالٌ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلَوْ مَلَكَهَا أَوْ شِقْصَهَا أَوْ مَلَكَتْهُ أَوْ شِقْصَهُ بَطَلَ الْعَقْدُ) يَعْنِي لَوْ مَلَكَ الزَّوْجُ امْرَأَتَهُ بِأَنْ كَانَتْ أَمَةً أَوْ مَلَكَ جُزْءًا مِنْهَا أَوْ كَانَتْ هِيَ الْمَالِكَةُ لِزَوْجِهَا أَوْ لِجُزْئِهِ بَطَلَ النِّكَاحُ. وَأَمَّا مِلْكُهَا إيَّاهُ فَلِلِاجْتِمَاعِ بَيْنَ الْمَالِكِيَّةِ وَالْمَمْلُوكِيَّةِ فَلَا يَنْتَظِمُ الْمَصَالِحُ وَهُوَ مَا شُرِعَ إلَّا لِمَصَالِحِهِ. وَأَمَّا مِلْكُهُ إيَّاهَا فَلِأَنَّ مِلْكَ النِّكَاحِ ضَرُورِيٌّ وَقَدْ اسْتَغْنَى عَنْهُ بِالْأَقْوَى لِثُبُوتِ الْحِلِّ بِهِ وَلَا يُقَالُ الْحِلُّ لَا يَثْبُتُ بِالشِّقْصِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ مِلْكُ الْيَمِينِ دَلِيلُ الْحِلِّ فَقَامَ مَقَامَ الْحِلِّ تَيْسِيرًا وَلَا يَلْزَمُ عَلَى هَذَا الْمُكَاتَبِ إذَا اشْتَرَى زَوْجَتَهُ حَيْثُ لَا يَبْطُلُ النِّكَاحُ وَإِنْ وُجِدَ مَا ذَكَرْنَا؛ لِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ لَهُ مِلْكًا بَلْ لَهُ حَقُّ الْمِلْكِ وَهُوَ لَا يَمْنَعُ بَقَاءَ النِّكَاحِ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (فَلَوْ اشْتَرَاهَا وَطَلَّقَهَا لَمْ يَقَعْ) يَعْنِي لَوْ اشْتَرَى امْرَأَتَهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ وُقُوعَ الطَّلَاقِ يَسْتَدْعِي قِيَامَ النِّكَاحِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ أَوْ مِنْ وَجْهٍ وَلَمْ يُوجَدْ، وَكَذَا إذَا مَلَكَتْهُ أَوْ شِقْصًا مِنْهُ لَا يَقَعُ لِمَا قُلْنَا وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ يَقَعُ؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ وَاجِبَةٌ هُنَا اتِّفَاقًا وَقِيَامُ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ بِخِلَافِ قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ لَا) أَيْ بِلَا ذِكْرِ الْوَاحِدَةِ. (قَوْلُهُ أَوْ غَيْرُ طَالِقٍ) أَيْ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ لَا شَيْءَ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِالِاتِّفَاقِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ أَدْخَلَ الشَّكَّ إلَخْ) كَمَا إذَا قَالَ لِعَبْدِهِ أَنْتَ حُرٌّ أَوْ عَبْدٌ لَا يَعْتِقُ بِالِاتِّفَاقِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ. (قَوْلُهُ لِدُخُولِ الْفَاصِلِ وَهُوَ قَوْلُهُ ثَلَاثًا) أَيْ بَيْنَ الْمُسْتَثْنَى وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ. اهـ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ مَوْتَهُ يُنَافِي الْأَهْلِيَّةَ إلَخْ) أَلَا تَرَى أَنَّ الصَّبِيَّ أَوْ الْمَجْنُونَ إذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ لَا يَقَعُ لِعَدَمِ الْأَهْلِيَّةِ وَإِذَا قَالَ الْعَاقِلُ الْبَالِغُ لِلْحِمَارِ أَوْ لِلْجِدَارِ أَنْتَ طَالِقٌ لَا يَثْبُتُ حُكْمُ الطَّلَاقِ لِعَدَمِ الْمَحَلِّيَّةِ فَعُلِمَ أَنَّ الْأَهْلِيَّةَ وَالْمَحَلِّيَّةَ شَرْطٌ لِصِحَّةِ التَّصَرُّفِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -.

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ، وَلَوْ مَلَكَهَا أَوْ شِقْصَهَا) أَيْ سَهْمًا بِأَنْ كَانَ تَزَوَّجَ أَمَةً لِغَيْرِهِ ثُمَّ اشْتَرَاهَا جَمِيعَهَا مِنْهُ أَوْ سَهْمًا مِنْهَا أَوْ وَهَبَهَا لَهُ أَوْ وَرِثَهَا. اهـ. فَتْحٌ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ يُقَالُ فِي هَذَا الْمَالِ شِقْصٌ أَيْ سَهْمٌ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ. (قَوْلُهُ. وَأَمَّا مِلْكُهَا إيَّاهُ) كَذَا فِي خَطِّ الشَّارِحِ اهـ اعْلَمْ أَنَّ أَحَدَ الزَّوْجَيْنِ إذَا مَلَكَ صَاحِبَهُ بِشِرَاءٍ أَوْ إرْثٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ تَقَعُ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا لِمُنَافَاةٍ بَيْنَ مِلْكِ الْيَمِينِ وَمِلْكِ النِّكَاحِ أَمَّا إذَا مَلَكَتْهُ فَلِأَنَّهَا مَالِكَةٌ لَهُ بِجَمِيعِ أَجْزَائِهَا بِحُكْمِ مِلْكِ الْيَمِينِ فَلَوْ بَقِيَ النِّكَاحُ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ بِضْعُهَا مَمْلُوكًا لِلرَّجُلِ وَالْمَالِكِيَّةُ أَثَرُ الْقَاهِرِيَّةِ وَالْمَمْلُوكِيَّةُ أَثَرُ الْمَقْهُورِيَّةِ فَمُحَالٌ أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ الْوَاحِدُ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ مَالِكًا وَمَمْلُوكًا قَاهِرًا وَمَقْهُورًا فَيَلْزَمُ التَّنَافِي لَا مَحَالَةَ وَالْمُنَافِي لِلشَّيْءِ إذَا وُجِدَ وَطَرَأَ عَلَيْهِ يُبْطِلُهُ كَالرِّدَّةِ. وَأَمَّا إذَا مَلَكَهَا فَلِأَنَّ مِلْكَ الْيَمِينِ لَيْسَ بِضَرُورِيٍّ وَمِلْكَ النِّكَاحِ ضَرُورِيٌّ وَبَيْنَ السَّلْبِ وَالْإِيجَابِ مُنَافَاةٌ فَيَلْزَمُ التَّنَافِي لَا مَحَالَةَ فَمِنْ ثُبُوتِ الضِّدِّ يَلْزَمُ ارْتِفَاعُ الضِّدِّ الْآخَرِ. (قَوْلُهُ. وَأَمَّا مِلْكُهُ إيَّاهَا فَلِأَنَّ مِلْكَ النِّكَاحِ ضَرُورِيٌّ)؛ لِأَنَّ إثْبَاتَ الْمِلْكِ عَلَى الْحُرَّةِ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ. وَإِنَّمَا يَثْبُتُ ضَرُورَةَ الْحِلِّ لِبَقَاءِ النَّسْلِ فَلَمَّا طَرَأَ الْحِلُّ الْقَوِيُّ بَطَلَ الْحِلُّ الضَّعِيفُ. اهـ. (قَوْلُهُ وَقَدْ اسْتَغْنَى عَنْهُ بِالْأَقْوَى) أَيْ وَهُوَ مِلْكُ الْيَمِينِ. اهـ. (قَوْلُهُ فَقَامَ مَقَامَ الْحِلِّ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ سَبَبٌ احْتِيَاطًا. اهـ. فَتْحٌ.

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ فَلَوْ اشْتَرَاهَا) تَفْرِيعٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ. اهـ. (قَوْلُهُ أَوْ مِنْ وَجْهٍ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْعِدَّةُ. اهـ. (قَوْلُهُ أَوْ مِنْ وَجْهٍ) قَالَ فِي الْفَتْحِ، وَلَوْ اشْتَرَاهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ يَسْتَدْعِي قِيَامَ النِّكَاحِ وَلَا بَقَاءَ لَهُ مَعَ الْمُنَافِي لَا مِنْ وَجْهٍ كَمَا فِي مِلْكِ الْبَعْضِ وَلَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ كَمَا فِي مِلْكِ الْكُلِّ. اهـ. (قَوْلُهُ وَلَمْ يُوجَدْ) أَيْ بِنَفْسِ الشِّرَاءِ. اهـ. رَازِيٌّ (قَوْلُهُ وَعَنْ مُحَمَّدٍ) قَالَ الْكَمَالُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَإِنَّمَا قُلْنَا وَعَنْ مُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْفَصْلَيْنِ فِي عَدَمِ الْوُقُوعِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَالْمَنْقُولُ عَنْ مُحَمَّدٍ فِي هَذَا الْفَصْلِ فِي الْمَنْظُومَةِ مِنْ الْوُقُوعِ فِيمَا إذَا أَعْتَقَتْهُ أَمَّا إذَا لَمْ تَعْتِقْهُ حَتَّى طَلَّقَهَا لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِالِاتِّفَاقِ وَتَفْصِيلُ مُحَمَّدٍ عَلَى هَذَا أَنَّهُ لَا عِدَّةَ هُنَاكَ عَلَيْهَا يَعْنِي مِنْهُ حَتَّى حَلَّ لَهُ وَطْؤُهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَحِلُّ تَزْوِيجُهُ إيَّاهَا كَمَا حَلَّ لَهُ وَطْؤُهَا لِعَدَمِ الْعِدَّةِ وَقَدْ قِيلَ بِهِ نَقَلَهُ فِي الْكَافِي قَالَ، وَلَوْ زَوَّجَهَا سَيِّدَهَا الَّذِي كَانَ زَوْجَهَا جَازَ ثُمَّ قَالَ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَزْوِيجُهَا مِنْ آخَرَ قَالَ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا تَجِبُ الْعِدَّةُ عَلَيْهَا فِي حَقِّ مَنْ اشْتَرَاهَا وَفِي حَقِّ غَيْرِهِ رِوَايَتَانِ، وَهَذَا لِأَنَّ الْعِدَّةَ إنَّمَا تَجِبُ لِاسْتِبْرَاءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>