للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اعْتَبَرَ الصِّيغَةَ وَهُمَا اعْتَبَرَا الْمَعْنَى وَقِيلَ الْخِلَافُ بِالْعَكْسِ بَيْنَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِي مَوَاضِعَ مِنْهَا إذَا قَدَّمَ الشَّرْطَ وَلَمْ يَأْتِ بِالْفَاءِ فِي الْجَوَابِ بِأَنْ قَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْتِ طَالِقٌ فَعِنْدَهُمَا لَا يَقَعُ؛ لِأَنَّهُ إبْطَالٌ فَلَا يَخْتَلِفُ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَقَعُ؛ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ لَا يَصِحُّ إلَّا بِالرَّابِطَةِ وَهِيَ الْفَاءُ كَمَا لَوْ قَالَ لَهَا إنْ دَخَلْت الدَّارَ أَنْتِ طَالِقٌ، وَكَذَا لَوْ قَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ قَالَ كُنْت طَلَّقْتُك أَمْسِ إنْ شَاءَ اللَّهُ لَا يَقَعُ عِنْدَهُمَا لِلْإِبْطَالِ وَيَقَعُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لِعَدَمِ صِحَّةِ التَّعْلِيقِ وَمِنْهَا إذَا جَمَعَ بَيْنَ يَمِينَيْنِ بِأَنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ وَعَبْدِي حُرٌّ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا إنْ شَاءَ اللَّهُ يَنْصَرِفُ إلَى الْجُمْلَةِ الثَّانِيَةِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ كَالشَّرْطِ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الشَّرْطِ إذَا دَخَلَ عَلَى جُمْلَتَيْنِ مُعَلَّقَتَيْنِ بِشَرْطَيْنِ يَنْصَرِفُ إلَى الْأَخِيرَةِ مِنْهُمَا وَعِنْدَهُمَا يَنْصَرِفُ إلَى الْكُلِّ لِعَدَمِ الْأَوْلَوِيَّةِ بِالْإِبْطَالِ

وَلَوْ أَدْخَلَهُ فِي الْإِيقَاعَيْنِ بِأَنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَعَبْدِي حُرٌّ إنْ شَاءَ اللَّهُ يَنْصَرِفُ إلَى الْكُلِّ بِالْإِجْمَاعِ أَمَّا عِنْدَهُمَا فَلِمَا ذَكَرْنَا. وَأَمَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فَلِأَنَّهُ كَالشَّرْطِ عِنْدَهُ وَهُوَ إذَا دَخَلَ عَلَى إيقَاعَيْنِ يَنْصَرِفُ إلَيْهِمَا ذَكَرَهُ فِي النِّهَايَةِ، وَقَالَ فِي الْغَايَةِ بَعْدَ ذِكْرِ الْمَسْأَلَةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ يَنْصَرِفُ إلَى الْيَمِينَيْنِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَعَزَاهُ إلَى أَيْمَانِ الْجَامِعِ وَمِنْهَا أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَا يَحْلِفُ بِالطَّلَاقِ أَوْ بِالْيَمِينِ يَحْنَثُ بِذَلِكَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لِلشَّرْطِ وَلَا يَحْنَثُ عِنْدَهُمَا. .

، وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً إنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَنْتِ طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ إنْ لَمْ يَشَأْ اللَّهُ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَحِقَهُ الِاسْتِثْنَاءُ فَلَمْ يَقَعْ بِهِ وَالثَّانِيَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَقَعَ الطَّلَاقُ بِهِ لَشَاءَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَكَانَ فِي تَصْحِيحِهِ إبْطَالُهُ، وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً الْيَوْمَ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَإِنْ لَمْ يَشَأْ اللَّهُ فَثِنْتَيْنِ فَمَضَى الْيَوْمُ وَلَمْ يُطَلِّقْهَا وَقَعَ ثِنْتَانِ لِأَنَّهُ لَوْ شَاءَ اللَّهُ الْوَاحِدَةَ فِي الْيَوْمِ لَطَلَّقَهَا فِيهِ فَثَبَتَ أَنَّهُ لَمْ يَشَأْ اللَّهُ الْوَاحِدَةَ فَتَحَقَّقَ شَرْطُ وُقُوعِ الثِّنْتَيْنِ وَهُوَ عَدَمُ مَشِيئَةِ الْوَاحِدَةِ بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ؛ لِأَنَّ شَرْطَ وُقُوعِ الثِّنْتَيْنِ فِيهَا عَدَمُ مَشِيئَتِهَا فَلَا يُتَصَوَّرُ وُقُوعُهُمَا مَعَ عَدَمِ مَشِيئَةِ اللَّهِ لَهُمَا لِأَنَّ أَفْعَالَ الْعِبَادِ كُلَّهَا بِمَشِيئَتِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ إنْ شَاءَ اللَّهُ فِي الْيَوْمِ وَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ لَمْ يَشَأْ اللَّهُ تَطْلُقُ ثَلَاثًا؛ لِأَنَّهَا مُعَلَّقَةٌ بِعَدَمِ مَشِيئَةِ الثِّنْتَيْنِ

وَقَدْ تَحَقَّقَ عَدَمُ الْمَشِيئَةِ إذْ لَوْ شَاءَهُمَا لَوَقَعَتَا وَكَمَا يَبْطُلُ بِقَوْلِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ يَبْطُلُ بِقَوْلِهِ إنْ لَمْ يَشَأْ اللَّهُ أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ، وَكَذَا إذَا عَلَّقَهُ بِمَشِيئَةِ مَنْ لَا تَظْهَرُ مَشِيئَتُهُ لَنَا كَالْجِنِّ وَكَالْحَائِطِ وَالْمَلَائِكَةِ يَكُونُ تَعْلِيقًا أَوْ إبْطَالًا عَلَى الِاخْتِلَافِ الَّذِي مَضَى. وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَثَلَاثًا إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ قَالَ أَنْتَ حُرٌّ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَعَ الْعِتْقُ وَالثَّلَاثُ فِي الْحَالِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا صَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ وَلَمْ يَقَعَانِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْكَلَامَ صَحِيحٌ لُغَةً فَصَحَّ فَعَمِلَ فِي الْكُلِّ كَمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ سِتًّا إنْ شَاءَ اللَّهُ وَلَهُ أَنَّ ذِكْرَ الثَّلَاثِ الثَّانِي لَغْوٌ شَرْعًا فَصَارَ فَاصِلًا بِكَلَامٍ آخَرَ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَوَاحِدَةً إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً وَثَلَاثًا إنْ شَاءَ اللَّهُ حَيْثُ يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ

وَلَا يَقَعُ بِهِ شَيْءٌ إجْمَاعًا لِأَنَّ الْكَلَامَ الثَّانِيَ لَيْسَ بِلَغْوٍ بَلْ يَتَعَلَّقُ بِهِ حُكْمٌ وَهُوَ تَكْمِيلُ الثَّلَاثِ مِنْهَا، وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا بَوَائِنَ إنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ يَصِحَّ الِاسْتِثْنَاءُ وَيَقَعُ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّهُ وَصْفٌ لَا يُفِيدُ فَصَارَ لَغْوًا لِعَدَمِ احْتِمَالِ خِلَافِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً بَائِنَةٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ حَيْثُ يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ وَلَمْ يَقَعْ بِهِ شَيْءٌ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُهُ وَيَحْتَمِلُ خِلَافَهُ فَصَارَ الْوَصْفُ مُفِيدًا فَلَا يَلْغُو، وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ أَوْ بِإِرَادَتِهِ أَوْ بِمَحَبَّتِهِ أَوْ بِرِضَاهُ لَا يَقَعُ؛ لِأَنَّهُ إبْطَالٌ أَوْ تَعْلِيقٌ بِمَا لَا يُوقَفُ عَلَيْهِ كَقَوْلِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ؛ لِأَنَّ حَرْفَ الْبَاءِ لِلْإِلْصَاقِ وَفِي التَّعْلِيقِ إلْصَاقُ الْجَزَاءِ بِالشَّرْطِ وَإِنْ أَضَافَهُ إلَى الْعَبْدِ كَانَ تَمْلِيكًا مِنْهُ فَيَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ كَقَوْلِهِ إنْ شَاءَ فُلَانٌ

وَإِنْ قَالَ بِأَمْرِهِ أَوْ بِحُكْمِهِ أَوْ بِقَضَائِهِ أَوْ بِإِذْنِهِ أَوْ بِعَمَلِهِ أَوْ بِقُدْرَتِهِ يَقَعُ فِي الْحَالِ سَوَاءٌ أَضَافَهُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى أَوْ إلَى الْعَبْدِ؛ لِأَنَّهُ يُرَادُ بِهِ فِي مِثْلِهِ التَّنْجِيزُ عُرْفًا كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ بِحُكْمِ الْقَاضِي وَإِنْ قَالَ بِحَرْفِ اللَّامِ يَقَعُ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا سَوَاءٌ أَضَافَهُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى أَوْ إلَى الْعَبْدِ؛ لِأَنَّهُ لِلتَّعْلِيلِ كَأَنَّهُ أَوْقَعَ وَعَلَّلَ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ لِدُخُولِك الدَّارَ وَإِنْ ذَكَرَ بِحَرْفِ فِي إنْ أَضَافَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى لَا يَقَعُ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا إلَّا فِي الْعِلْمِ فَإِنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ فِيهِ لِلْحَالِ؛ لِأَنَّ فِي بِمَعْنَى الشَّرْطِ فَيَكُونُ تَعْلِيقًا بِمَا لَا يُوقَفُ عَلَيْهِ فَلَا يَقَعُ إلَّا فِي الْعِلْمِ؛ لِأَنَّهُ يُذْكَرُ لِلْمَعْلُومِ وَهُوَ وَاقِعٌ، وَلِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ إلَّا أَنَّهُ عَزَى إلَيْهِ الْإِبْطَالَ فَتَحَصَّلَ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ إبْطَالٌ اهـ. (قَوْلُهُ يَنْصَرِفُ إلَى الْجُمْلَةِ الثَّانِيَةِ) أَيْ فَلَوْ كَلَّمَتْ زَيْدًا لَا يَقَعُ، وَلَوْ دَخَلَتْ الدَّارَ يَقَعُ. اهـ. فَتْحٌ. (قَوْلُهُ لِعَدَمِ الْأَوْلَوِيَّةِ بِالْإِبْطَالِ) قَالَ فِي الْفَتْحِ فَلَوْ كَلَّمَتْ زَيْدًا أَوْ دَخَلَتْ الدَّارَ لَا يَقَعُ اهـ. (قَوْلُهُ فَلِمَا ذَكَرْنَا) أَيْ مِنْ عَدَمِ الْأَوْلَوِيَّةِ بِالْإِبْطَالِ اهـ. (قَوْلُهُ يَحْنَثُ بِذَلِكَ) أَيْ بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. .

(قَوْلُهُ وَكَالْحَائِطِ) أَيْ كَمَا إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ الْمَلَكُ أَوْ الْجِنُّ أَوْ الْحَائِطُ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ. (قَوْلُهُ أَوْ قَالَ أَنْتَ حُرٌّ وَحُرٌّ إلَخْ) وَلَوْ قَالَ حُرٌّ حُرٌّ بِلَا وَاوٍ وَاسْتَثْنَى لَا يُعْتَبَرُ فَاصِلًا بِلَا خِلَافٍ لِظُهُورِ التَّأْكِيدِ وَقِيَاسُهُ إذَا كَرَّرَ ثَلَاثًا بِلَا وَاوٍ يَكُونُ مِثْلَهُ، وَلَوْ قَالَ عَبْدُهُ حُرٌّ وَعَتِيقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ صَحَّ فَلَا يَعْتِقُ بِخِلَافِ حُرٌّ وَحُرٌّ؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ التَّفْسِيرِيَّ إنَّمَا يَكُونُ بِغَيْرِ لَفْظِ الْأَوَّلِ فَلَا يَصِحُّ، وَحُرٌّ لِقَوْلِهِ " حُرٌّ " تَفْسِيرٌ فَكَانَ فَاصِلًا بِخِلَافِ " حُرٌّ عَتِيقٌ ". اهـ. فَتْحٌ. (قَوْلُهُ لَا يَقَعُ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا إلَّا فِي الْعِلْمِ) أَيْ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ فِي عِلْمِ اللَّهِ اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>