للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَشْهُرٍ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ تَطْلُقُ. قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلَوْ نَكَحَهَا بَعْدَ زَوْجٍ آخَرَ لَمْ تَطْلُقْ) أَيْ لَوْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ مَا بَانَتْ بِالْإِيلَاءِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَبَعْدَ مَا تَزَوَّجَتْ بِزَوْجٍ آخَرَ لَا تَطْلُقُ بِالْإِيلَاءِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْإِيلَاءَ بِمَنْزِلَةِ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ كَأَنَّهُ قَالَ كُلَّمَا مَضَى أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَلَا يَبْقَى بَعْدَ اسْتِيفَاءِ هَذَا الْمِلْكِ؛ لِأَنَّ صِحَّتَهُ بِاعْتِبَارِ هَذَا الْمِلْكِ فِيهِ خِلَافُ زُفَرَ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ لَوْ نَجَّزَ الثَّلَاثَ فِي الْحَالِ وَهِيَ فَرْعُ مَسْأَلَةِ التَّنْجِيزِ الْخِلَافِيَّةِ وَقَدْ مَرَّتْ مِنْ قَبْلُ، وَلَوْ بَانَتْ بِالْإِيلَاءِ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ وَتَزَوَّجَتْ بِزَوْجٍ آخَرَ وَعَادَتْ إلَى الْأَوَّلِ عَادَتْ إلَيْهِ بِثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ وَتَطْلُقُ كُلَّمَا مَضَى أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ حَتَّى تَبِينَ مِنْهُ بِثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ، وَكَذَا فِي الثَّانِي وَالثَّالِثِ إلَى مَا لَا يَتَنَاهَى وَفِيهِ خِلَافُ مُحَمَّدٍ وَهِيَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى مَسْأَلَةِ الْهَدْمِ وَقَدْ بَيَّنَّاهَا مِنْ قَبْلُ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (فَلَوْ وَطِئَهَا كَفَّرَ لِبَقَاءِ الْيَمِينِ) أَيْ لَوْ وَطِئَهَا بَعْدَ مَا عَادَتْ إلَيْهِ بَعْدَ زَوْجٍ آخَرَ كَفَّرَ عَنْ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ بَاقِيَةٌ فِي حَقِّ التَّكْفِيرِ وَإِنْ لَمْ تَبْقَ فِي حَقِّ الطَّلَاقِ فَيَتَحَقَّقُ الْحِنْثُ فَصَارَ كَمَا لَوْ قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك فَتَزَوَّجَهَا لَا يَكُونُ بِذَلِكَ مُولِيًا وَتَجِبُ الْكَفَّارَةُ إذَا قَرُبَهَا.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلَا إيلَاءَ فِيمَا دُونَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ) يَعْنِي فِي الْحُرَّةِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى لَوْ حَلَفَ عَلَى أَقَلَّ مِنْهَا يَكُونُ مُولِيًا وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ أَوَّلًا ثُمَّ رَجَعَ إلَى مَا ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ حِينَ بَلَغَهُ فَتْوَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَوَجْهُهُ أَنَّ الْمُولِيَ مَنْ لَا يُمْكِنُهُ قُرْبَانُهَا فِي الْمُدَّةِ إلَّا بِشَيْءٍ يَلْزَمُهُ فَيَكُونُ امْتِنَاعُهُ فِيهَا لِأَجْلِ ذَلِكَ الْمَانِعِ وَهُنَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَقْرَبَهَا فِي بَعْضِ الْمُدَّةِ مِنْ غَيْرِ لُزُومِ شَيْءٍ فَكَانَ الِامْتِنَاعُ فِي بَعْضِهَا مِنْ غَيْرِ مَانِعٍ فَصَارَ كَمَا إذَا امْتَنَعَ فِي الْمُدَّةِ كُلِّهَا بِلَا مَانِعٍ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك شَهْرَيْنِ وَشَهْرَيْنِ بَعْدَ هَذَيْنِ الشَّهْرَيْنِ إيلَاءٌ) أَيْ هَذَا الْقَوْلُ إيلَاءٌ فَيَكُونُ بِهِ مُولِيًا؛ لِأَنَّ الْجَمْعَ بِحَرْفِ الْجَمْعِ كَالْجَمْعِ بِلَفْظِهِ، وَلِهَذَا لَوْ قَالَ بِعْتُك بِأَلْفٍ إلَى شَهْرٍ وَشَهْرٍ كَانَ الْأَجَلُ شَهْرَيْنِ، وَلَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُ فُلَانًا يَوْمَيْنِ وَيَوْمَيْنِ كَانَ كَقَوْلِهِ لَا أُكَلِّمُهُ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ. وَقَوْلُهُ بَعْدَ هَذَيْنِ الشَّهْرَيْنِ وَقَعَ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ شَهْرَيْنِ وَشَهْرَيْنِ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَالْأَصْلُ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّهُ مَتَى عَطَفَ مِنْ غَيْرِ إعَادَةِ حَرْفِ النَّفْيِ وَلَا تَكْرَارَ اسْمِ اللَّهِ يَكُونُ يَمِينًا وَاحِدًا وَلَوْ أَعَادَ حَرْفَ النَّفْيِ أَوْ كَرَّرَ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى يَكُونُ يَمِينَيْنِ وَتَتَدَاخَلُ مُدَّتُهُمَا بَيَانُهُ لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُ زَيْدًا يَوْمَيْنِ وَلَا يَوْمَيْنِ يَكُونُ يَمِينَيْنِ وَمُدَّتُهُمَا وَاحِدَةٌ حَتَّى لَوْ كَلَّمَهُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي يَحْنَثُ فِيهِمَا وَتَجِبُ عَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ وَإِنْ كَلَّمَهُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ لَا يَحْنَثُ لِانْقِضَاءِ مُدَّتِهِمَا، وَكَذَا لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُ زَيْدًا يَوْمَيْنِ وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُ زَيْدًا يَوْمَيْنِ لِمَا ذَكَرْنَا، وَلَوْ قَالَ اللَّهُ لَا أُكَلِّمُهُ يَوْمَيْنِ وَيَوْمَيْنِ كَانَ يَمِينًا وَاحِدًا وَمُدَّتُهُ أَرْبَعَةُ أَيَّامٍ حَتَّى لَوْ كَلَّمَهُ فِيهَا تَجِبُ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ وَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُهُ يَوْمًا وَيَوْمَيْنِ كَانَتْ يَمِينًا وَاحِدَةً إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ حَتَّى لَوْ كَلَّمَهُ فِيهَا تَجِبُ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، وَلَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُهُ يَوْمًا وَلَا يَوْمَيْنِ أَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُهُ يَوْمًا وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُهُ يَوْمَيْنِ يَكُونُ يَمِينَيْنِ فَمُدَّةُ الْأُولَى يَوْمٌ وَمُدَّةُ الثَّانِيَةِ يَوْمَانِ حَتَّى لَوْ كَلَّمَهُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ تَجِبُ عَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ وَفِي الْيَوْمِ الثَّانِي كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، وَلَوْ كَلَّمَهُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ لَا يَحْنَثُ لِانْقِضَاءِ مُدَّتِهِمَا وَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك شَهْرَيْنِ وَلَا شَهْرَيْنِ أَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك شَهْرَيْنِ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك شَهْرَيْنِ لَا يَكُونُ مُولِيًا؛ لِأَنَّهُمَا يَمِينَانِ فَتَتَدَاخَلُ مُدَّتُهُمَا حَتَّى لَوْ قَرُبَهَا قَبْلَ مُضِيِّ شَهْرَيْنِ تَجِبُ عَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ، وَلَوْ قَرُبَهَا بَعْدَ مُضِيِّهِمَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ لِانْقِضَاءِ مُدَّتِهِمَا. .

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلَوْ مَكَثَ يَوْمًا ثُمَّ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك شَهْرَيْنِ بَعْدَ الشَّهْرَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ أَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك سَنَةً إلَّا يَوْمًا أَوْ قَالَ بِالْبَصْرَةِ وَاَللَّهِ لَا أَدْخُلُ مَكَّةَ وَهِيَ بِهَا لَا) أَيْ لَا يَكُونُ مُولِيًا فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ كُلِّهَا أَمَّا الْأُولَى وَهِيَ مَا إذَا قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك شَهْرَيْنِ وَمَكَثَ يَوْمًا ثُمَّ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك شَهْرَيْنِ بَعْدَ الشَّهْرَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ فَلِأَنَّ الثَّانِيَ إيجَابٌ مُبْتَدَأٌ وَقَدْ صَارَ مَمْنُوعًا بَعْدَ الْيَمِينِ الْأُولَى شَهْرَيْنِ وَبَعْدَ الثَّانِيَةِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ إلَّا يَوْمًا مَكَثَ فِيهِ فَلَمْ تَتَكَامَلْ الْمُدَّةُ.

وَقَوْلُهُ بَعْدَ الشَّهْرَيْنِ هُنَا يُفِيدُ تَعْيِينَ مُدَّةِ الْيَمِينِ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقُلْ بَعْدَ الشَّهْرَيْنِ كَانَتْ مُدَّتُهُمَا وَاحِدَةً لِمَا ذَكَرْنَا وَكَانَتْ الثَّانِيَةُ تَتَأَخَّرُ عَنْ الْأُولَى انْقِضَاءً بِيَوْمٍ حَتَّى لَوْ كَانَتْ الْيَمِينُ مُطْلَقَةً بِأَنْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك ثُمَّ قَالَ بَعْدَ يَوْمٍ أَوْ بَعْدَ سَاعَةٍ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك كَانَ إيلَاءَيْنِ، وَلَوْ قَالَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ كَانَتْ ثَلَاثَ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْإِيلَاءَ بِمَنْزِلَةِ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ) يَعْنِي طَلْقَاتِ هَذَا الْمِلْكِ اهـ. (قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُهُ يَوْمًا وَلَا يَوْمَيْنِ) كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ يَمِينًا عَلَى حِدَةٍ صِيَانَةً لِحَرْفِ النَّفْيِ عَنْ الْإِلْغَاءِ فَكَأَنَّهُ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُهُ يَوْمًا وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُهُ يَوْمَيْنِ تَدَاخَلَ الْأَقَلُّ فِي الْأَكْثَرِ فَانْتَهَتْ الْيَمِينُ الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ بِالْيَوْمَيْنِ وَلَمْ يَحْنَثْ بِالْكَلَامِ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ فَصَارَ الْيَوْمُ الْأَوَّلُ تَمَامَ مُدَّةِ الْيَمِينِ الْأُولَى وَنِصْفَ مُدَّةِ الْيَمِينِ الثَّانِيَةِ وَنَظِيرُ ذَلِكَ مَا أَوْرَدَهُ الشَّيْخُ أَبُو الْمُعِينِ النَّسَفِيُّ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُ زَيْدًا وَلَا عَمْرًا فَكَلَّمَ أَحَدَهُمَا يَحْنَثُ وَلَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُ زَيْدًا وَعَمْرًا لَا يَحْنَثُ مَا لَمْ يُكَلِّمْهُمَا جَمِيعًا فَافْهَمْ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ. (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ، وَلَوْ مَكَثَ يَوْمًا) لَفْظُ يَوْمًا لَيْسَ بِقَيْدٍ لَا فَرْقَ بَيْنَ مُكْثِهِ يَوْمًا أَوْ سَاعَةً. اهـ. كَمَالٌ. .

(قَوْلُهُ أَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك سَنَةً إلَّا يَوْمًا) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ، وَلَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك سَنَةً إلَّا يَوْمًا لَمْ يَكُنْ مُولِيًا قَالَ الْأَتْقَانِيُّ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِ لَمْ يَكُنْ مُولِيًا أَيْ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ مُولِيًا إذَا قَرُبَهَا يَوْمًا وَمَضَى ذَلِكَ الْيَوْمُ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ وَبَقِيَ بَعْدَهُ إلَى تَمَامِ السَّنَةِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا فَإِنْ لَمْ يَبْقَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ لَا يَكُونُ مُولِيًا، وَكَذَا إذَا قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك سَنَةً إلَّا مَرَّةً لَا يَكُونُ مُولِيًا إلَّا إذَا قَرُبَهَا مَرَّةً فَبَقِيَ بَعْدَ الْقُرْبَانِ مِنْ السَّنَةِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا وَعَلَى ذَلِكَ نَصَّ فِي الْمَبْسُوطِ وَشَرْحِ الطَّحَاوِيِّ اهـ

<<  <  ج: ص:  >  >>