للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بَيْنَهُمَا لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ وَيَسْتَوِيَانِ فِي الْكَفَالَةِ وَالْوَكَالَةِ وَلَا مُعْتَبَرَ بِزِيَادَةِ تَصَرُّفٍ يَمْلِكُهُ أَحَدُهُمَا إلَّا أَنَّهُ يُكْرَهُ لِأَنَّ الْكَافِرَ لَا يَهْتَدِي إلَى الْجَائِزِ مِنْ الْعُقُودِ وَنَظِيرُهُ أَنَّهَا تَجُوزُ بَيْنَ الشَّافِعِيِّ وَالْحَنَفِيِّ مَعَ تَفَاوُتِهِمَا فِي بَيْعِ مَتْرُوكِ التَّسْمِيَةِ وَشِرَائِهِ وَجَوَابُهُ مَا بَيَّنَّاهُ وَالْفَرْقُ لَهُمَا أَنَّ الْحَنَفِيَّ وَالشَّافِعِيَّ لَمْ يَتَفَاضَلَا فِي التِّجَارَةِ وَضَمَانِهَا لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ فِي زَعْمِهِ أَنَّ شِرَاءَ مَتْرُوكِ التَّسْمِيَةِ جَائِزٌ لَهُمَا وَفِي زَعْمِ الْحَنَفِيِّ جَائِزٌ لَهُمَا فَقَدْ اسْتَوَيَا فِي التَّصَرُّفِ فِيمَا يَرْجِعُ إلَى اعْتِقَادِهِمَا وَكَذَا الْمُحَاجَّةُ بَاقِيَةٌ بَيْنَهُمَا فَيَلْزَمُهُ فَيَرْجِعُ إلَيْهِ بِخِلَافِ الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ وَتَجُوزُ بَيْنَ الْكَافِرَيْنِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي مِلْكِ التَّصَرُّفِ وَالْكَفَالَةِ وَلَا تَجُوزُ بَيْنَ الْعَبْدَيْنِ وَلَا بَيْنَ الصَّغِيرَيْنِ وَلَا بَيْنَ الصَّغِيرِ وَالْبَالِغِ لِفَقْدِ شَرْطِهَا وَهُوَ مِلْكُ التَّصَرُّفِ وَالْكَفَالَةِ فِيهِمَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا ثُمَّ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ لَا تَصِحُّ فِيهِ الْمُفَاوَضَةُ لِفَقْدِ شَرْطِهَا وَهُوَ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي الْعِنَانِ كَانَ عِنَانًا لِاسْتِجْمَاعِ شَرَائِطِهِ إذْ هُوَ أَخَصُّ فَإِذَا بَطَلَ الْأَخَصُّ تَعَيَّنَ لَهُ الْأَعَمُّ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (فَلَا تَصِحُّ بَيْنَ حُرٍّ وَعَبْدٍ وَصَبِيٍّ وَبَالِغٍ وَمُسْلِمٍ وَكَافِرٍ) لِمَا ذَكَرْنَا

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَمَا يَشْتَرِيهِ كُلٌّ يَقَعُ مُشْتَرَكًا لِإِطْعَامِ أَهْلِهِ وَكِسْوَتِهِمْ) أَيْ مَا يَشْتَرِيهِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَكُونُ لِلشِّرْكَةِ إلَّا مَا اسْتَثْنَاهُ لِأَنَّ مُقْتَضَى عَقْدِ الْمُفَاوَضَةِ الْمُسَاوَاةُ إذْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَائِمٌ مَقَامَ صَاحِبِهِ فِي التَّصَرُّفِ فَكَانَ شِرَاؤُهُ كَشِرَائِهِ وَالْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ الطَّعَامُ الْمُشْتَرَى وَالْكِسْوَةُ الْمُشْتَرَاةُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُمَا مِنْ عُقُودِ التِّجَارَةِ فَكَانَ مِنْ جِنْسِ مَا يَتَنَاوَلُهُ عَقْدُ الشِّرْكَةِ إلَّا أَنَّا اسْتَثْنَيْنَاهُ لِلضَّرُورَةِ إذْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حِينَ شَارَكَ صَاحِبَهُ كَانَ عَالِمًا بِحَاجَتِهِ وَلَمْ يَقْصِدْ أَنْ تَكُونَ نَفَقَتُهُ وَنَفَقَةُ عِيَالِهِ عَلَى شَرِيكِهِ وَأَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ تَحْصِيلِهِ إلَّا بِالشِّرَاءِ فَكَانَ مُسْتَثْنًى بِهَذَا الْمَعْنَى لِهَذَا الْقَدْرِ مِنْ تَصَرُّفِهِ مِنْ مُقْتَضَى الْعَقْدِ دَلَالَةً أَوْ عَادَةً وَهُوَ كَالْمَنْطُوقِ وَكَذَا الِاسْتِئْجَارُ لِلسُّكْنَى أَوْ لِلرُّكُوبِ لِحَاجَتِهِ كَالْحَجِّ وَغَيْرِهِ وَكَذَا الْإِدَامُ وَالْجَارِيَةُ الَّتِي يَطَؤُهَا لِمَا ذَكَرْنَا

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَكُلُّ دَيْنٍ لَزِمَ أَحَدَهُمَا بِتِجَارَةٍ وَغَصْبٍ وَكَفَالَةٍ لَزِمَ الْآخَرَ) لِأَنَّهُ كَفِيلُهُ وَالْمُرَادُ بِالْكَفَالَةِ إذَا كَانَتْ بِأَمْرِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا لَا يَلْزَمُهُ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ وَلِهَذَا لَا يَصِحُّ مِنْ الصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ الْمَأْذُونِ وَالْمُكَاتَبِ وَيُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ فِي الْمَرَضِ وَلَهُ أَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ انْتِهَاءً بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ بِغَيْرِ أَمْرٍ أَوْ الْكَفَالَةُ بِالنَّفْسِ وَفِي الْغَصْبِ خِلَافُ أَبِي يُوسُفَ وَيُلْحَقُ بِهِ الْمُسْتَهْلَكُ مِنْ الْوَدِيعَةِ وَغَيْرُهُ هُوَ يَقُولُ إنَّهُ لَيْسَ بِتِجَارَةٍ فَصَارَ كَأَرْشِ الْجِنَايَةِ وَهُمَا يَقُولَانِ إنَّهُ مُعَاوَضَةٌ وَلِهَذَا يَصِحُّ الْإِقْرَارُ بِهِ مِنْ الْمَأْذُونِ وَالْمُكَاتَبِ وَهَذَا لِأَنَّ شَرْطَ لُزُومِهِ غَيْرَ الْعَاقِدِ أَنْ يَكُونَ بَدَلًا عَنْ شَيْءٍ يَصِحُّ فِيهِ الِاشْتِرَاكُ وَإِنْ لَمْ يَقَعْ مُشْتَرَكًا حَتَّى يَجِبَ بَدَلُ النَّفَقَةِ عَلَى غَيْرِ الْعَاقِدِ لِأَنَّ النَّفَقَةَ يَصِحُّ فِيهَا الِاشْتِرَاكُ فَكَذَا بَدَلُ الْغَصْبِ لِأَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ عِنْدَنَا عَلَى مَا مَرَّ فِي الْعَتَاقِ وَكَذَا إذَا اسْتَأْجَرَ أَحَدَهُمَا يَلْزَمُ الْأَجْرُ صَاحِبَهُ لِمَا ذَكَرْنَا وَلِأَنَّ الْمُسَاوَاةَ بِهِ تَتَحَقَّقُ وَلَا يَلْزَمُهُ أَرْشُ الْجِنَايَةِ وَالْمَهْرِ وَالْخُلْعِ وَالصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ وَنَفَقَةِ الزَّوْجَاتِ وَالْأَقَارِبِ لِأَنَّ هَذِهِ الدُّيُونَ بَدَلٌ عَمَّا لَا يَصِحُّ الِاشْتِرَاكُ فِيهِ فَلَا يَلْزَمُ إلَّا الْمُبَاشِرُ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَمْ يَلْتَزِمْ عَنْ صَاحِبِهِ بِالْعَقْدِ إلَّا دُيُونَ التِّجَارَةِ وَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ لَيْسَتْ مِنْ بَابِ التِّجَارَةِ فَلَمْ تَدْخُلُ تَحْتَ الْعَقْدِ ثُمَّ إنْ أَدَّى الْعَاقِدُ ثَمَنَ الطَّعَامِ وَنَحْوِهِ مِنْ مَالٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمَا رَجَعَ عَلَيْهِ الْآخَرُ بِحِصَّتِهِ وَإِنْ أَدَّى غَيْرُ الْعَاقِدِ مِنْ مَالِهِ خَاصَّةً رَجَعَ عَلَيْهِ بِالْكُلِّ وَإِنْ أَدَّى مِنْ مَالٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمَا رَجَعَ بِحِسَابِهِ لِأَنَّهُ قَضَى دَيْنَهُ بِمَالِ صَاحِبِهِ أَوْ قَضَى عَنْهُ صَاحِبُهُ بِأَمْرِهِ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

هَكَذَا ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَذَكَرَا فِي الْأَصْلِ، قِيَاسُ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَجُوزُ اهـ كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ وَنَظِيرُهُ أَنَّهَا تَجُوزُ بَيْنَ الشَّافِعِيِّ وَالْحَنَفِيِّ مَعَ تَفَاوُتِهِمَا فِي بَيْعِ مَتْرُوكِ التَّسْمِيَةِ وَشِرَائِهِ) أَيْ لِأَنَّهُ يَعْتَقِدُهُ حَلَالًا بِخِلَافِ الْحَنَفِيِّ وَكَذَلِكَ النَّصْرَانِيُّ مَعَ الْمَجُوسِيِّ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَتَجُوزُ بَيْنَ الْكَافِرَيْنِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا كِتَابِيًّا وَالْآخَرُ مَجُوسِيًّا. اهـ. هِدَايَةٌ (قَوْلُهُ وَلَا تَجُوزُ بَيْنَ الْعَبْدَيْنِ) أَيْ وَلَا بَيْنَ الْمُكَاتَبَيْنِ. اهـ. هِدَايَةٌ (قَوْلُهُ وَلَا بَيْنَ الصَّغِيرَيْنِ) أَيْ وَإِنْ أَذِنَ أَبُوهُمَا لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ أَهْلِ الْكَفَالَةِ ذَكَرَهُ فِي الْمَبْسُوطِ. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ كَانَ عِنَانًا) أَيْ لِأَنَّهُ أَتَى بِمَعْنَى الْعِنَانِ لَفْظُ الْمُفَاوَضَةِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ

(قَوْلُهُ وَعِنْدَهُمَا لَا يَلْزَمُهُ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ دَيْنٌ لَزِمَ أَحَدَهُمَا لَا عَلَى وَجْهِ التِّجَارَةِ فَلَا يَلْزَمُ الْآخِرَ كَالْأَرْشِ وَالْمَهْرِ وَهَذَا لِأَنَّ الْكَفَالَةَ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَيُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ فِي الْمَرَضِ) أَيْ وَتَبَرُّعُ أَحَدِهِمَا عَلَى صَاحِبِهِ لَا يَجُوزُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ أَعْتَقَ أَحَدُهُمَا عَبْدًا مِنْ شِرْكَتِهِمَا أَوْ وَهَبَ أَوْ تَصَدَّقَ إنَّمَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي حِصَّتِهِ خَاصَّةً لَا فِي حِصَّةِ شَرِيكِهِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَهُ أَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ انْتِهَاءً) وَبَيَانُ كَوْنِهَا مُعَاوَضَةً أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى الْأَدَاءِ وَإِذَا أَدَّى عَنْ الْمَكْفُولِ عَنْهُ رَجَعَ عَلَيْهِ إذَا كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِأَمْرِهِ فَلَمَّا كَانَتْ مُعَاوَضَةً فِي حَالِ الْبَقَاءِ كَانَتْ فِي مَعْنَى ضَمَانِ التِّجَارَةِ لِأَنَّ لُزُومَ الْكَفَالَةِ عَلَى صَاحِبِهِ يُلَاقِي حَالَةَ الْبَقَاءِ فَلَزِمَتْ صَاحِبَهُ وَلِأَجْلِ أَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ فِي حَالِ الْبَقَاءِ صَحَّ إقْرَارُ الْمَرِيضِ مَرَضَ الْمَوْتِ فِيهِ بِالْكَفَالَةِ بِالْمَالِ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ بِخِلَافِ إنْشَائِهَا فِيهِ حَيْثُ يُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ فَصَارَتْ الْكَفَالَةُ مِنْ أَحَدِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ كَدَيْنِ الْقَرْضِ وَالْغَصْبِ وَلَيْسَتْ هِيَ كَالْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ لِأَنَّهَا تَبَرُّعٌ ابْتِدَاءً وَبَقَاءً. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ رَجَعَ عَلَيْهِ الْآخَرُ بِحِصَّتِهِ) قَالَ فِي الْيَنَابِيعِ وَلَوْ اشْتَرَى أَحَدُهُمَا طَعَامًا لِأَهْلِهِ أَوْ كِسْوَةً لَهُمْ فَهُوَ لَهُ خَاصَّةً فَإِنْ نَقَدَ الثَّمَنَ مِنْ مَالِ الشِّرْكَةِ ضَمِنَ نِصْفَهُ لِصَاحِبِهِ فَإِذَا وَصَلَ إلَى يَدِهِ بَطَلَتْ الْمُفَاوَضَةُ لِأَنَّهُ فَضْلُ مَا لِشَرِيكِهِ وَالْفَضْلُ فِي الْمَالِ يُبْطِلُ الْمُفَاوَضَةَ. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>