للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَمَوْضِعِ الْعِلْمِ؛ لِأَنَّ قِيمَتَهُ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِهِ، وَقَالَ زُفَرُ: لَا يُكْتَفَى بِرُؤْيَةِ ظَاهِرِ الثَّوْبِ وَلَا بُدَّ مِنْ نَشْرِ كُلِّهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ فَلَا يُعْرَفُ كُلُّهُ بِرُؤْيَةِ بَعْضِهِ، قُلْنَا قَلَّمَا تَتَفَاوَتُ جَوَانِبُ ثَوْبٍ وَاحِدٍ فَيُمْكِنُ الِاسْتِدْلَال بِالْبَعْضِ عَلَى الْبَعْضِ مِنْهُ وَالْوَجْهُ هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ الْآدَمِيِّ، وَلِهَذَا تَتَفَاوَتُ قِيَمُ الرَّقِيقِ بِتَفَاوُتِهِ وَسَائِرُ الْجَسَدِ تَبَعٌ لَهُ وَالْكَفَلُ مِنْ الدَّوَابِّ فَلَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَتِهِمَا وَشَرَطَ بَعْضُهُمْ مَعَ ذَلِكَ رُؤْيَةَ الْقَوَائِمِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - رُؤْيَةُ الْوَجْهِ كَافِيَةٌ كَالْآدَمِيِّ وَفِي شَاةِ اللَّحْمِ لَا بُدَّ مِنْ الْجَسِّ؛ لِأَنَّهُ بِهِ يَظْهَرُ السِّمَنُ وَالْهُزَالُ وَيُعْرَفُ بِهِ كَثْرَةُ اللَّحْمِ وَقِلَّتُهُ وَفِي شَاةِ الْقِنْيَةِ لَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ ضَرْعِهَا وَفِيمَا يُطْعَمُ لَا بُدَّ مِنْ الذَّوْقِ وَفِيمَا يُشَمُّ لَا بُدَّ مِنْ الشَّمِّ وَفِي دُفُوفِ الْغَازِي لَا بُدَّ مِنْ سَمَاعِ صَوْتِهَا؛ لِأَنَّ الْعِلْمَ بِالشَّيْءِ يَقَعُ بِاسْتِعْمَالِ آلَةِ إدْرَاكِهِ فَلَا يَسْقُطُ خِيَارُهُ حَتَّى يُدْرِكَهُ وَجَعَلَ فِي الْمُخْتَصَرِ رُؤْيَةَ خَارِجِ الدَّارِ كَرُؤْيَتِهَا كُلِّهَا؛ لِأَنَّهُ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى الْبَاقِي وَفِي عَامَّةِ الرِّوَايَاتِ إذَا رَأَى صَحْنَ الدَّارِ سَقَطَ خِيَارُهُ لِمَا ذَكَرْنَا فِي خَارِجِهَا.

وَقَالَ زُفَرُ: لَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَةِ دَاخِلِ الْبُيُوتِ وَهُوَ الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّ بُيُوتَهَا الشَّتْوِيَّةَ وَالصَّيْفِيَّةَ وَالْعُلْوِيَّةَ وَالسُّفْلِيَّةَ وَمَرَافِقَهَا وَمَطَابِخَهَا وَسُطُوحَهَا تَخْتَلِفُ فَلَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَةِ ذَلِكَ كُلِّهِ فِي الْأَظْهَرِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهَا مَقْصُودٌ فَالنَّظَرُ إلَى الْخَارِجِ أَوْ إلَى الصَّحْنِ لَا يُوقِعُ الْعِلْمَ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْكِتَابِ مَبْنِيٌّ عَلَى عَادَةِ أَهْلِ الْكُوفَةِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ فَإِنَّ دُورَهُمْ كَانَتْ عَلَى تَقْطِيعٍ وَاحِدٍ وَلَمْ تَخْتَلِفْ إلَّا فِي الصِّغَرِ وَالْكِبَرِ وَفِي كَوْنِهَا جَدِيدَةً أَوْ عَتِيقَةً وَذَلِكَ يَظْهَرُ بِرُؤْيَةِ بَعْضِهَا فَاكْتَفَوْا بِهِ لِذَلِكَ، وَأَمَّا الْيَوْمَ بِخِلَافِهِ فَلَا يُكْتَفَى بِهِ وَرُؤْيَةُ أَشْجَارِ الْبُسْتَانِ يُكْتَفَى بِهَا لِوُقُوعِ الْعِلْمِ بِهَا وَلَوْ رَأَى دُهْنًا فِي قَارُورَةٍ مِنْ خَارِجِهَا لَا يَبْطُلُ خِيَارُهُ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

( قَوْلُهُ: فَلَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَتِهِمَا) اُسْتُفِيدَ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْمَتْنِ وَالدَّابَّةِ وَكَفَلِهَا أَيْ وَكَفَتْ رُؤْيَةُ وَجْهِ الدَّابَّةِ وَكَفَلِهَا اهـ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَتِهِمَا مَا نَصُّهُ فَلَوْ رَأَى أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ فَلَهُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَشَرَطَ بَعْضُهُمْ) قَالَ الْأَقْطَعُ وَقَدْ قَالُوا إنْ قَالَ أَهْلُ الصَّنْعَةِ وَالْمَعْرِفَةُ بِالدَّوَابِّ أَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى النَّظَرِ إلَى الْقَوَائِمِ كَانَ شَرْطًا فِي سُقُوطِ الْخِيَارِ أَيْضًا اهـ.

(قَوْلُهُ: لَا بُدَّ مِنْ الْجَسِّ) أَيْ اللَّمْسِ بِالْيَدِ اهـ (قَوْلُهُ: وَيُعْرَفُ بِهِ كَثْرَةُ اللَّحْمِ وَقِلَّتُهُ) أَيْ فَإِنْ رَأَى ذَلِكَ مِنْ بَعِيدٍ وَلَمْ يَجُسَّهُ فَلَهُ الْخِيَارُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ السِّمَنَ لَا يَظْهَرُ مِنْ الصُّوفِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْجَسِّ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَفِي شَاةِ الْقِنْيَةِ) أَيْ الشَّاةِ الَّتِي تُؤْخَذُ لِلدَّرِّ وَالنَّسْلِ لَا لِلتِّجَارَةِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَجَعَلَ فِي الْمُخْتَصَرِ رُؤْيَةَ دَاخِلِ الدَّارِ) نُسْخَةٌ خَارِجَ وَهُوَ الثَّابِتُ فِي خَطِّ الشَّارِحِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا قَدَّمَهُ أَوَّلَ هَذِهِ الْمَقَالَةِ مِنْ عِبَارَةِ الْمَتْنِ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ خَارِجَ مَا نَصُّهُ هَكَذَا هُوَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نُسَخِ هَذَا الشَّرْحِ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ فِي السَّطْرِ الثَّانِي لِمَا ذَكَرْنَا فِي خَارِجِهَا لَكِنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَتْنِ مِنْ قَوْلِهِ وَدَاخِلُ الدَّارِ، وَكَذَا هُوَ فِي عَامَّةِ نُسَخِ الْمَتْنِ وَكَتَبَ أَيْضًا مَا نَصُّهُ قَالَ فِي التُّحْفَةِ قَالَ مَشَايِخُنَا تَأْوِيلُ مَا ذُكِرَ فِي كِتَابِ الْقِسْمَةِ أَنَّهُ إذَا رَأَى الدَّارَ مِنْ خَارِجٍ يَبْطُلُ خِيَارُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ دَاخِلُ الدَّارِ أَبْنِيَةً فَأَمَّا إذَا كَانَ فِيهَا أَبْنِيَةٌ لَا يَسْقُطُ الْخِيَارُ مَا لَمْ يَرَ دَاخِلَهَا؛ لِأَنَّ الدَّاخِلَ هُوَ الْمَقْصُودُ اهـ.

(قَوْلُهُ: يَسْقُطُ خِيَارُهُ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُشَاهِدْ بُيُوتَهَا اهـ.

(قَوْلُهُ: فَلَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَةِ ذَلِكَ كُلِّهِ فِي الْأَظْهَرِ) أَيْ وَالْأَشْبَهُ كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَهُوَ الْمُعْتَبَرُ فِي دِيَارِ مِصْرَ وَالشَّامِ وَالْعِرَاقِ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ يَظْهَرُ بِرُؤْيَةِ بَعْضِهَا) وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ أَكْمَلِ الدِّينِ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ وَهَذَا يَصِيرُ مَعْلُومًا بِالنَّظَرِ إلَى جُدْرَانِهَا مِنْ خَارِجِ الدَّارِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَرُؤْيَةُ أَشْجَارِ الْبُسْتَانِ يُكْتَفَى بِهَا) قَالَ الْكَمَالُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَأَمَّا مَا ذُكِرَ فِي الْأَشْجَارِ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِرُؤْيَةِ رُءُوسِ الْأَشْجَارِ وَرُؤْيَةِ خَارِجِهِ فَقَدْ أَنْكَرَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ هَذِهِ الرِّوَايَةَ، وَقَالَ الْمَقْصُودُ مِنْ الْبُسْتَانِ بَاطِنُهُ فَلَا يُكْتَفَى بِرُؤْيَةِ ظَاهِرِهِ وَفِي جَامِعِ قَاضِي خَانْ لَا يُكْتَفَى بِرُؤْيَةِ الْخَارِجِ وَرُءُوسِ الْأَشْجَارِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ رَأَى دُهْنًا فِي قَارُورَةٍ مِنْ خَارِجِهَا لَا يَبْطُلُ خِيَارُهُ) أَيْ؛ لِأَنَّ لَوْنَ الدُّهْنِ مِمَّا يَتَغَيَّرُ بِلَوْنِ الْقَارُورَةِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ وَلَوْ رَأَى دُهْنًا إلَخْ مَا نَصُّهُ قَالَ فِي التُّحْفَةِ لَوْ نَظَرَ فِي الْمِرْآةِ فَرَأَى الْمَبِيعَ قَالُوا لَا يَسْقُطُ خِيَارُهُ؛ لِأَنَّهُ مَا رَأَى عَيْنَهُ، وَإِنَّمَا رَأَى مِثَالَهُ وَعَلَى هَذَا قَالُوا مَنْ نَظَرَ فِي الْمِرْآةِ فَرَأَى فَرْجَ أُمِّ امْرَأَتِهِ عَنْ شَهْوَةٍ لَا تَثْبُتُ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ وَلَوْ نَظَرَ إلَى فَرْجِ امْرَأَتِهِ الْمُطَلَّقَةِ طَلَاقًا رَجْعِيًّا عَنْ شَهْوَةٍ فِي الْمِرْآةِ لَا يَصِيرُ مُرَاجِعًا لِمَا قُلْنَا ثُمَّ قَالَ فِي التُّحْفَةِ وَلَوْ اشْتَرَى سَمَكًا فِي الْمَاءِ يُمْكِنُ أَخْذُهُ مِنْ غَيْرِ اصْطِيَادٍ فَرَآهُ فِي الْمَاءِ قَالَ بَعْضُهُمْ يَسْقُطُ خِيَارُهُ؛ لِأَنَّهُ رَأَى عَيْنَ الْمَبِيعِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَسْقُطُ وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ لَا يُرَى فِي الْمَاءِ كَمَا هُوَ بَلْ يُرَى أَكْبَرَ مِمَّا هُوَ فَهَذِهِ الرُّؤْيَةُ لَا تُعْرَفُ حَالَ حَقِيقَتِهِ.

وَأَمَّا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مُغَيَّبًا فِي الْأَرْضِ كَالْجَزَرِ وَالْبَصَلِ وَالثُّومِ وَالْفُجْلِ وَنَحْوِ ذَلِكَ لَمْ يُذْكَرْ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ قَالَ صَاحِبُ التُّحْفَةِ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ قَالَ إذَا كَانَ شَيْئًا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ بَعْدَ الْقَلْعِ كَالثُّومِ وَالْبَصَلِ وَالْجَزَرِ فَإِنَّهُ إذَا قَلَعَ الْمُشْتَرِي بِإِذْنِ الْبَائِعِ أَوْ قَلَعَ الْبَائِعُ بِرِضَا الْمُشْتَرِي يَسْقُطُ خِيَارُهُ فِي الْبَاقِي؛ لِأَنَّ رُؤْيَةَ الْبَعْضِ كَرُؤْيَةِ الْكُلِّ وَإِنْ قَلَعَ الْمُشْتَرِي بِغَيْرِ إذْنِ الْبَائِعِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّ سَوَاءً رَضِيَ بِالْمَقْلُوعِ أَوْ لَمْ يَرْضَ إذَا كَانَ الْمَقْلُوعُ شَيْئًا لَهُ قِيمَةٌ عِنْدَ النَّاسِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مَعِيبًا؛ لِأَنَّهُ كَانَ يَنْمُو وَبِالْقَلْعِ لَا يَنْمُو وَبِحُدُوثِ الْعَيْبِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي بِغَيْرِ صُنْعِهِ يَمْنَعُ الرَّدَّ فَمَعَ صُنْعِهِ أَوْلَى وَإِنْ كَانَ شَيْئًا يُبَاعُ عَدَدًا كَالْفُجْلِ وَالسَّلْقِ وَنَحْوِهِمَا فَرُؤْيَةُ الْبَعْضِ لَا تَكُونُ كَرُؤْيَةِ الْكُلِّ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ الْعَدَدِيَّاتِ الْمُتَفَاوِتَةِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ الْمَقْلُوعُ شَيْئًا لَهُ قِيمَةٌ عِنْدَ النَّاسِ لَا يَسْقُطُ خِيَارُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ بِهِ الْعَيْبُ ثُمَّ قَالَ فِي التُّحْفَةِ.

وَذَكَرَ الْكَرْخِيُّ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ هَذَا التَّفْصِيلِ، وَقَالَ إذَا اشْتَرَى شَيْئًا مُغَيَّبًا فِي الْأَرْضِ مِثْلُ الْجَزَرِ وَالْبَصَلِ وَالثُّومِ وَبَصَلِ الزَّعْفَرَانِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَلَهُ الْخِيَارُ إذَا رَأَى جَمِيعَهُ وَلَا يَكُونُ رُؤْيَةُ بَعْضِهِ مُبْطِلًا خِيَارَهُ وَإِنْ رَضِيَ بِذَلِكَ الْبَعْضِ فَخِيَارُهُ بَاقٍ إلَى أَنْ يَرَى جَمِيعَهُ فَيَرْضَى أَوْ يَرُدَّ، وَقَالَ فِي الْإِيضَاحِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ إذَا اخْتَلَفَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي الْقَلْعِ فَقَالَ الْمُشْتَرِي أَخَافُ إنْ قَلَعْته

<<  <  ج: ص:  >  >>