{ذلكم وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} لقد أوصاكم باتباع صراط الحق المستقيم ونهاكم عن سبل الضلالات والأباطيل ليهيئكم لاتقاء كل ما يشقي ويردي في الدنيا والآخرة.
وقد وردت احاديث كثيرة بشأن هذه الوصايا، من ذلك ما أخرجه عبد بن حميد، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَيُّكم يبايعني على هؤلاء الآيات االثلاث؟ ثم تلا: قل تَعالوا أتلُ ما حرّم ربُّكم عليكم. . . ثم قال فَمن وفى بهنّ فأجرُه على الله، ومن انتقص منهنّ شيئاً فأدركه الله في الدُّنيا كانت عقوبتُه، من أخّر إلى الآخرة كان أمرُه الى الله، إن شاء أخذه وان شاء عفا عنه» .
قراءات:
قرأ حمزة والكسائي «وإن هذا طرطي» بكسر همزة إن. وقرأ ابن عامر ويعقوب «وأنْ هذا صرايط» بفتح همزة أَن وبتخفيف النون وقرأ ابن عامر «صراطيَ» بفتح الياء والباقون بتسكين الياء. وقرأ نافع وابن كثير وابو عمرو وعاصم: وأنَّ، بفتح الهمزة وتشديد النون.
لقد رسمتْ هذه الآيات للإنسان طريق علاقته بربه الذي يرجع اليه الاحسان والفضل في كل شيء:«ألاّ تُشرِكوا به شيئا» ، ووضعت الأساس المتين الذي يُبنى عليه صرح الأُسَر التي تكوِّن الأمةَ القوية الناجحة في الحية:«وبالوالدَين إحسانا» ، وسدّت منافذ الشر الذي يصب الانسان من الانسان في الأنفُس والأعراض والاموال، وهي عناصر لا بدّ لسلامة الأُمة من سلامتها:«ولا تقتلوا أولادَكم» ، «ولا تقتلوا النفسَ»«ولا تقربوا مال اليتيم» ثم ذكرتْ أهمّ المبادئ التي تسمو الحياة الاجتماعيةُ بالتزامِها والمحافظة عليها: «وأوفوا الكيلَ والميزان»«واذا قُلتم فاعِدلوا»«وبعهدِ الله أَوفوا» وخَتمت بأن هذه التكاليف، وتلك المبادئ، هي الصِراط المستقيم، بُعِث به محمد عليه الصلاة والسلام، كما بعث به جميع الرسل السابقين.
وقد اطلق العلماء على ما جاء في هذه الآيات الثلاث «الوصايا العشر» نظرا لتذييل آياتها الثلاث بقولِ الله: «ذلكُم وصّاكم به» وقد روي عن عبد الله بن مسعود انه قال: «مَن سرَّه أن ينظر الى وصيّةِ محمد التي عليها خاتَمُه فليقرأْ هذه الآيات: {قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ. . . إلى قوله: لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} .
ورُوي عن عليّ بن أبي طالب رضي الله عن هـ، قال:
لما امر الله نبيّه صلى الله عليه وسلم ان يَعرِض نفسه على قبائل العرب خرج الى مِنَى وأنا وأبو بكرٍ معه. فوقف رسول الله على منازل القوم ومضاربهم، فسلَّم عليهم وردّوا السلام. وكان في القوم مفروقُ بن عمرو، وهانئ بن قَبيصة، والمثنّى بنُ حارثة والنعمانُ بن شَريك.