للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن استوى في نظرنا تحصيل المصلحة ودفع المفسدة؛ توقفنا على المرجح، أو خيرنا بينهما، وإن لم يستو ذلك، بل ترجح أحد الأمرين تحصيل المصلحة، أو دفع المفسدة، فعلناه؛ لأن العمل بالراجح متعين شرعًا (١).

كما في قصة موسى والخضر، لما خرق الخضر السفينة، وأنكر موسى عليه بين له أن مفسدة خرق السفينة صغيرة بجوار مصلحة حفظ السفينة بأكملها من غصب الملك الظالم.

قال تعالى: ﴿أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا (٧٩)[الكهف: ٧٩]، أي كل سفينة صالحة، فلما رآها مخرقة تركها لهم ثم قاموا بإصلاحها.

وزاد الشنقيطي ذلك المعنى بيانًا فقال: فالحاصل أن الصحابة كانوا يتعلقون بالمصالح المرسلة التي لم يدل دليل على إلغائها، ولم تعارضها مفسدة راجحة أو مساوية، وأن جميع المذاهب يتعلق أهلها بالمصالح المرسلة، وإن زعموا التباعد منها، ومن تتبع وقائع الصحابة، وفروع المذاهب علم صحة ذلك، ولكن التحقيق أن العمل بالمصلحة المرسلة أمر يجب فيه التحفظ، وغاية


(١) شرح مختصر الروضة للطوفي (٣/ ٢١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>