للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال السرخسي: والمرأة عورة مستورة، ثم أبيح النظر إلى بعض المواضع منها للحاجة والضرورة، فكان ذلك استحسانًا لكونه أرفق بالناس (١).

الرابع: الاستحسان بالقياس الخفي:

وقد صوره السرخسي بأنه قياسان: أحدهما جلي ظاهر ضعيف أثره، والآخر خفي قوي أثره، فيسمى استحسانًا أي قياسًا مستحسنًا، فالترجيح بالأثر لا بالخفاء والوضوح.

فسموا ما ضعف أثره قياسًا، وما قوي أثره استحسانًا، وقُدِّم على الأول وإن كان جليًّا؛ لأن العبرة بقوة الأثر دون الجلاء والظهور.

مثاله: الدنيا ظاهرة والعقبى باطنة، لكن أثرها وهو الدوام والخلود وصفو العيش أقوى من أثر الدنيا، وهو ضد ذلك، والنفس في البدن أظهر من القلب، لكن القلب أقوى أثرًا لدوران صلاح الجسد وفساده مع صلاح القلب وفساده (٢)، وجودًا وعدمًا، كما ورد به النص


(١) الاستحسان للباحسين (١٠٤، ١٠٥).
(٢) أخرجه البخاري (٥٢)، ومسلم (١٥٩٩) من حديث النعمان بن بشير مرفوعًا: « … ألا وإن في الجسد مضغة: إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب».

<<  <  ج: ص:  >  >>