للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأصل أنه يحنث؛ لأن السمك لحم، قال تعالى: ﴿وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا﴾ [فاطر: ١٢]، ولكن قالوا: لا يحنث استحسانًا؛ لأن العرف جرى على التفريق بين اللحم والسمك، وأن السمك لا يسمى لحمًا في العرف.

ومثاله: جواز استئجار جمل ليحمل عليه محملًا وراكبين إلى أحد البلدان، مع أن القياس يمنع ذلك لما في هذه الإجارة من الجهالة التي قد تفضي إلى المنازعة، لكن هذه الجهالة تصرف إلى المتعارف عليه، وهو المحمل المعتاد فلا يفضي إلى المنازعة.

ومثل ذلك في عصرنا: استئجار السيارات اللوري، أو الباصات لنقل الركاب وأمتعتهم في الشركات التي لا تتطلب تعيين المحمولات.

قال الشاطبي: والرابع: أن مالك بن أنس من مذهبه أن يترك الدليل للعرف، فإنه رد الأيمان إلى العرف مع أن اللغة تقتضي في ألفاظها غير ما يقتضيه العرف، كقوله: والله لا دخلت مع فلان بيتًا، فلا يحنث بدخوله معه المسجد، وما أشبه ذلك.

ووجهه: أن اللفظ يقتضي الحنث بدخول كل موضع يسمى بيتًا في اللغة، والمسجد يسمى بيتًا فيحنث على ذلك، إلا أن عرف الناس أن لا يطلقوا هذا اللفظ عليه، فخرج بالعرف عن مقتضى اللفظ فلا

<<  <  ج: ص:  >  >>