للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالمجتهد المالكي القائل بمراعاة الخلاف يعمل بمقتضى دليله في عدم جواز الصلاة على جلد الميتة المدبوغ، فإذا وقعت نازلة، ووقع ذلك فإنه يصحح الصلاة، ويعتبر دليل المخالف، فهو في هذه الحالة عمل بدليله ابتداءً، وبدليل المخالف بعد وقوع النازلة لما له في النفس من اعتبار، فمراعاة الخلاف كما يلاحظ في المثال تكون بعد الوقوع.

فالعمل بدليل المخالف يعد استثناءً مما يقتضيه دليل المذهب الراجح عندهم، والتيسير فيه واضح نظرًا لتصحيح التصرف، وعدم إلغائه، أو ترك الاعتداد به (١).

قلت: قد يمثل لذلك إن صح المثال: الرضاع المحرم عند المالكية، وهو مطلق الرضاع قليلًا أو كثيرًا، وعند الشافعية والحنابلة خمس رضعات يحرمن، فالمالكي يمنع الزواج بسبب الرضاع ابتداءً سواءً رضعة واحد أو أكثر، فإذا وقع الزواج ودخل بها وأنجب أولادًا، وكان الرضاع أقل من خمس رضعات فيمكن إمضاء هذا النكاح، وتصحيحه مراعاة لخلاف من اشترط الخمس.

تنبيه: بالرغم من أن الشافعية يرفضون الاستحسان أصلًا، إلا أنهم


(١) الاستحسان حقيقته أنواعه حجيته تطبيقاته المعاصرة للباحسين (١٢٢، ١٢٣) بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>