للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المذهب الثاني: قالوا: الأمر المجرد عن القرائن يقتضي الندب، وليس الوجوب، وهوقول المعتزلة.

واستدلوا بما في الصحيحين من حديث أبي هريرة قال: سمعت رسول الله يقول: «ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فافعلوا منه ما استطعتم، فإنما أهلك الذين من قبلكم كثرة مسائلهم، واختلافهم على أنبيائهم» (١).

فالحديث جعل تنفيذ الأمر إلى مشيئة المكلفين من غير حتم، والواجب لا يكون كذلك، بل الذي يكون كذلك هوالمندوب؛ فإذن الأمر يفيد الندب (٢).

وأجيب عن هذا: بأنه دليل للقائلين بالوجوب لا للقائلين بالندب؛ لأنَّ ما لا نستطيعه لا يجب علينا، وإنما يجب علينا ما نستطيعه، والمندوب لا حرج في تركه مع الاستطاعة (٣).

وليس في الحديث الرد إلى المشيئة بل إلى الاستطاعة، والفرق بينهما كبير، فإنَّ التعليق بالمشيئة ينفي الوجوب، أما الاستطاعة فلا


(١) أخرجه البخاري (٧٢٨٨)، ومسلم (١٣٣٧ [١٣٠])، واللفظ له، من حديث أبي هريرة مرفوعًا.
(٢) معلمة زايد (٣١/ ١٦٩).
(٣) إرشاد الفحول (١/ ٢٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>