للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا الذي ذكرناه قد قاله غير واحد من السلف والله أعلم (١).

فتحصل: أنَّ آية ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾ [البقرة: ١٩٦]، لم تدل على وجوب الحج ابتداء، وإنما دلت على وجوب إتمامه بعد الشروع فيه كما هوظاهر اللفظ، ولوكان يتعين كونه يدل على ابتداء الوجوب لما حصل خلاف بين أهل العلم في وجوب العمرة، والخلاف في وجوبها معروف، بل الذي أجمعوا عليه: هووجوب إتمامها بعد الشروع فيها، كما هوظاهر الآية، وأن قصة ضمام بن ثعلبة، كانت عام تسع كما رجحه ابن حجر وغيره، فظهر سقوط الاستدلال بها، وبالآية الكريمة، وأنَّ الحج إنما فرض عام تسع كما أوضحه ابن القيم في كلامه المذكور آنفًا، لأنَّ آية: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾ [آل عمران: ٩٧] هي الآية التي فرض بها الحج، وهي من صدر سورة آل عمران، وقد نزل عام الوفود، وفيه قدم وفد نجران، وصالحهم النَّبي على أداء الجزية، والجزية إنما نزلت عام تبوك سنة تسع.

وبه تعلم أنه لا حجة في تأخير النَّبي الحج عام فتح مكة؛ لأنه انصرف من مكة والحج قريب، ولم يحج لأنه لم يفرض.


(١) أضواء البيان (٤/ ٣٤٠)، وعزاه الشنقيطى إلى زاد المعاد.

<<  <  ج: ص:  >  >>