للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليس قاصرًا على النكرة في سياق الإثبات، لأنَّ الفعل بأقسامه يفيد الإطلاق، فإذا قلت: صام زيد يوم الإثنين، فلا يدل هذا على أنه يصوم كل اثنين، فالفعل المطلق في سياق الإثبات كالنكرة في سياق الإثبات يفيد الإطلاق؛ وذلك لأنَّ الفعل متضمن للمصدر، فالمصدر الكامن في الفعل ليس بمعرفة وإنما نكرة، ومثال ذلك: ما ورد أنه صلى داخل الكعبة (١).

فإنها احتملت الفرض والنفل، بمعنى أنه لا يتصور أنها فرض ونفل معًا (٢).

قلت: ومن الأدلة على أنَّ الإطلاق يؤخذ من الفعل كما يؤخذ من الاسم، ما ذكر في صلح الحديبية لما قال عمر للنبي : أو ليس كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت فنطوف به؟ قال: «بلى، فأخبرتك أنا نأتيه العام»، قال: قلت: لا، قال: «فإنك آتيه ومطوف به» (٣).

ووجه الاستدلال: أنَّ النبي لما عتب عليه عمر؛ لأنه وعدهم بأنهم سيأتون البيت احتج النبي بالإطلاق، يعني أنه أطلق الفعل "نأتي"، ولم يقيده بزمن، فهو وإن كان وعد بإتيان البيت، لكنه لم يقيد


(١) أخرجه البخاري (٤٦٨)، ومسلم (١٣٢٩) من حديث ابن عمر مرفوعًا.
(٢) الشرح الكبير لمختصر الأصول (ص ٣٠٦ و ٣٠٧) بتصرف.
(٣) أخرجه البخاري (٢٧٣١) من حديث المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم مرفوعًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>