الصلاة والحج بكونها مشاهدة أدلُّ على معرفة تفصيلها من الإخبار عنها بالقول، فإنه ليس الخبر كالمعاينة، ولهذا كانت مشاهدة زيد في الدار أدل على معرفة كونه فيها من الإخبار عنه بذلك، وإذا كان القول بيانًا مع قصوره في الدلالة على الفعل المشاهد فكون الفعل بيانًا أولى.
المذهب الثاني: أنَّ الفعل لا يكون بيانًا لعدم وقوعه في الشريعة.
الدليل الأول: ما ذُكر أنَّ النبي قد بيَّن بفعله كيفية الصلاة والحج، فليس بصحيح؛ لأن البيان فيه وقع بالقول لا بالفعل، وهو قوله:«صلوا كما رأيتموني أصلي»، «خذوا عني مناسككم»، وهما قولان وليسا بفعلين.
وأجيب: بأنَّ القول بأنَّ البيان إنما جعل بالقول ليس كذلك، فإنه لم يتضمن تعريف شيء من أفعال الصلاة والحج، بل غايته تعريف أنَّ الفعل هو البيان لذلك، كأنَّ النبي ﷺ قال لهم: انظروا إلى فعلي في الصلاة والحج وافعلوا مثله. فكان فعله للصلاة من ركوع، وسجود، وقيام، وتسليم هو المبين لقوله: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾، وفعله في الحج من وقوف بعرفات، وطواف، وسعي هو المبين لقوله: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ﴾ [آل عمران: ٩٧].
الدليل الثاني: أنَّ الفعل وإن كان مشاهدًا غير أنَّ زمان البيان به قد