استصحاب الأمر الماضي، والفعل المضارع يصلح للحال والاستقبال، وهو في الحال أظهر.
وإذا حملنا قوله: افعل ما تؤمر. على الحال عملًا بظاهر لفظه، وبما ذكرناه من دليلنا فلا استقبال فيه، وحينئذ يبطل قولكم: إنه أخبر أنه سيؤمر بذبحه في المستقبل.
ثم إنه لو كان مراد الشارع أنه سيأمر إبراهيم ﵇ في المستقبل؛ لوجد ذلك الأمر قطعًا، لئلا يكون خلفًا وكذبًا في الكلام، والله منزه عن ذلك، فلما لم يوجد الأمر في المستقبل عرفنا أنَّ المراد بقوله: ما تؤمر. ما أمر به في الماضي، ودل على بطلان ما تأولوه.
الجواب الخامس: قولهم: لم ينسخ عنه الذبح بل قلب عنقه نحاسًا.
يجاب عنه:
أولًا: أنَّ ذلك لو حصل ووقع لنقل إلينا نقلًا متواترًا ولاشتهر، والتواتر باطل؛ لأنه لو تواتر لما اختصصتم بعلمه دوننا مع أنَّ الشرع واحد، والأسباب مشتركة بيننا وبينكم، ولو صح دعوى ذلك لكان كل من مُنع شيئًا أو نوزع فيه قال لخصمه: هذا تواتر عندي دونك. ويلزم من ذلك خبط عظيم.