تقديره: ما ننسخ من آية نأت منها بخير، فلا يكون فيها دلالة على محل النزاع أصلًا، إذ لا دلالة فيها على إثبات الناسخ أصلًا.
٢ - وأما قولكم: إنه قال: (نأت)، فقد أضاف الإتيان بالناسخ إلى نفسه، قلنا: إذا دل الدليل على نسخ القرآن بالسنة، فالذي أتى بذلك هو الله ﷿، ألا ترى أنَّ الله هو الناسخ على لسان نبيه ﷺ، كما أنه هو المثبت لسائر الشرائع على لسان نبيه ﷺ، وعلى هذا سقط تعلقكم بقوله: ﴿أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [البقرة: ١٠٦]، هو الناسخ في الحقيقة على لسان نبيه، فالقدرة في ذلك له دون غيره.
وأجيب: لا ننكر هذا، لكن الحكم المضاف إلى الله تعالى في حق الظاهر، والإطلاق هو ما أوجبه الله في كتابه، وافترضه نصًّا فيه، وأما الذي ثبت بالسنة فهو وإن كان صدره عمن لا ينطق عن الهوى، لكن على إطلاقه يضاف إلى الرسول وإلى سنته، وهذا كما أنَّ الوحي يختلف عنه، فمنه ما يكون رؤيا ومنه ما يكون إلهامًا ونفثًا في الروع، ووحي الكتاب مخالف لكل هذا، إذ هو الأعلى والمقدم على سائر أنواعه، كذلك ههنا يكون الحكم الثابت بالكتاب ثابتًا على وجوه ما يثبت به.
٣ - وأما قولكم: إنَّ قوله: ﴿نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا﴾ [البقرة: ١٠٦]، يقتضي أن يكون ما يأتي به من جنسه. فهذا لا يفيد ما قلتم، فإنَّ الإنسان