للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا قال: ما أخذت منك من ثوب آتك بما هو خير منه. احتمل أن يأتيه بثوب، ويحتمل أن يأتيه بشيء آخر، وإذا أتاه بشيء آخر هو أنفع منه سواء كان ثوبًا أو غيره، فقد صدق في قوله ووعده.

وأجيب: قلنا: لا، بل يفيد أن يكون الذي يأتي به من جنس الأول، وهذا الذي يفهم عند إطلاق ذلك اللفظ، فأما قول القائل: ما أخذت منك من ثوب آتك بما هو خير منه. إنما يفيد ما ذكرتم؛ لأنه ذكر لفظ «ما»، وهذا اللفظ يقع على الثوب وعلى غيره، وليس ذلك في الآية؛ لأنَّ الله تعالى لم يقل: (بما هو خير منها)، وإنما قال: ﴿نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا﴾ [البقرة: ١٠٦]، فنظيره قول القائل: ما أخذت منك من ثوب آتك بخير منه، وهو مفيد ثوبًا خيرًا من الثوب الأول.

الدليل الثاني: قوله تعالى: ﴿قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي﴾ [يونس: ١٥]، فدل على أنه لا ينسخ القرآن بالسنة.

واعترض: بأنه لا خلاف في أنه لا ينسخ من تلقاء نفسه، بل بوحي يوحى إليه، لكن لا يكون بنظم القرآن، وإن جوزنا النسخ بالاجتهاد، فالإذن في الاجتهاد يكون من الله ﷿ كالإذن في النسخ.

والمقصود: أنه ليس من شرطه أن ينسخ حكم القرآن بقرآن، بل على لسان رسوله بوحي ليس من القرآن على أنهم طالبوه بقرآن مثل

<<  <  ج: ص:  >  >>