للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال حذيفة: لَقَدْ أَتَى النَّبيُّ سُبَاطَةَ قَومٍ، فَبَالَ قَائمًا (١).

فيقدم المثبت على النافي، إلَّا أَنْ يَستَندَ النَّفيُ إلَى علمٍ بالعَدَم، لَا عَدَم العلم فَيَستَويَان، يَعني أَنَّ نَفيَ النَّافي إن استَنَدَ إلَى عَدَم العلم، كَقَوله: لَم أَعلَم أَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى بالبَيت. لم يلتفت إليه، وَكَانَ إثبَاتُ المُثبت للصَّلَاة مُقَدَّمًا لمَا سَبَقَ. وَإن استَنَدَ نَفيُ النَّافي إلَى علمٍ بالعَدَم، كَقَول الرَّاوي: اعلَم أَنَّ رَسُولَ اللَّه لَم يُصَلّ بالبَيت، لأَنّي كُنْتُ مَعَهُ فيه، وَلَم يَغب عَنْ نَظَري طَرفَةَ عَينٍ فيه، وَلَم أَرَهُ صَلَّى فيه. أَوْ قَالَ: أَخبَرَني رَسُولُ اللَّه أَنَّهُ لَم يُصَلّ فيه. فَهَذَا يُقبَلُ؛ لاستنَاده إلَى مُدرَكٍ علميٍّ، وَيَستَوي هُوَ وَإثبَاتُ المُثبت، فَيَتَعَارَضَان، وَيُطلَبُ المُرَجّحُ من خَارجٍ.

رابعًا: يقدم الناقل عن الأصل على المبقى له، كحديث: «مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ، فَليَتَوَضَّأ»، مع حديث: «إنما هو بضعة منك»، فيقدم الناقل للحكم على المبقي عليه، وعللوا ذلك بأمرين:

الأول: أن الخبر الناقل يستفاد منه فائدة جديدة، والخبر المبقي لا يستفاد منه إلا ما استفيد من البراءة الأصلية، ففي المثال السابق الحديث الناقل للبراءة استفيد منه نقض الوضوء، وهذه فائدة لم تكن


(١) أخرجه البخاري (٢٤٧١)، ومسلم (٢٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>