للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

موجودة وهي التحريم، والحديث المبقي لها لم يستفد منه إلا عدم النقض من مس الذكر، وذلك كان معلومًا.

الثاني: الخبر الناقل عند ترجيحه يُقدر متأخرًا، فيكون ناسخًا للخبر المبقي للبراءة الأصلية، والخبر المبقي لها لم ينسخ البراءة الأصلية، وإنما هو مقرر لها؛ وبذلك يتحقق النسخ مرة واحدة.

وقال بعض الأصوليين كالرازي والبيضاوي: بترجيح الخبر المبقي للبراءة الأصلية على الخبر الرافع لها، ففي المثال السابق الحديث الناقل عن البراءة الأصلية فيه شغل للذمة، ورفع للبراءة الأصلية؛ لأن مقتضاه نقض الوضوء من مس الذكر، والحديث الثاني مقتضاه عدم النقض وفي ذلك إبقاء للبراءة الأصلية وعدم شغل الذمة بالوضوء، فيكون الحديث الثاني أرجح لاعتضاده بدليل الأصل فَهُمَا دَليلَان، فَيُرَجَّحَان عَلَى دَليلٍ وَاحدٍ، وَهُوَ دَليلُ الحَظر (١).

والراجح: أن الناقل عن الأصل يُقدم على المبقي عليه؛ لأن الأصل أن الشريعة جاءت لتغيير الأحكام.

خامسًا: يقدم قوله على فعله؛ لأن فعله قد يكون خاصًّا به، لذلك يقول ابن تيمية: لم يتنازع العلماء في أن قوله أوكد من فعله،


(١) أصول الفقه لأبي النور زهير (٤/ ١٢١٣)، شرح مختصر الروضة (٣/ ٧٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>