الدليل الثالث: أن النبي ﷺ يشارك أمته فيما لم يرد فيه تخصيص له، أو تخصيص لهم، والاجتهاد قد أمرت أمته به لإيجاد أحكام شرعية للحوادث المتجددة، لكي تكون الشريعة صالحة لكل زمان ومكان، فهو يشارك أمته في الاجتهاد، فيجوز له ﷺ الاجتهاد مثل غيره، وليس في العقل ما يحيله في حقه ويصححه في حقنا، ولهذا أوجب عليه وعلينا العمل باجتهادنا في مضار الدنيا ومنافعها.
الدليل الرابع: أنه لا يلزم من فرض تعبده ﷺ بالاجتهاد محال عقلًا، ولا يؤدي إلى مفسدة، وكل ما كان كذلك كان جائزًا عقلًا، فتعبده بالاجتهاد جائز عقلًا.
الدليل الخامس: وقوع الاجتهاد منه ﷺ، ولو لم يكن متعبدًا بالاجتهاد لما وقع منه، فقد اجتهد في حوادث شتى، منها: اجتهاده في أسرى بدر، حيث أخذ الفداء مقابل إطلاق الأسرى، وهذا بالاجتهاد، وستأتي أمثلة على ذلك في المسألة التالية.
المذهب الثاني: لا يجوز الاجتهاد للنبي ﷺ.
وهو مذهب بعض الشافعية، وحُكِي عن أبي منصور الماتريدي، وهو ظاهر مذهب ابن حزم.