للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمسألة خلافيةٌ بيننا وبين الحنابلة، وساعدهم بعض أئمتنا، والحق أن الفقيه الفطن القيَّاس كالمجتهد في حق العامي، لا الناقل فقط.

وقالت الحنابلة: لا يجوز خلو العصر عن مجتهدٍ، وبه جزم الأستاذ أبو إسحاق والزبيري، فقال الأستاذ: وتحت قول الفقهاء: لا يخلي الله زمانًا من قائمٍ بالحجة، أمرٌ عظيمٌ، وكأن الله تعالى ألهمهم ذلك، ومعناه أن الله تعالى لو خلى زمانًا من قائمٍ بحجةٍ زال التكليف، إذ التكليف لا يثبت إلا بالحجة الظاهرة وإذا زال التكليف بطلت الشريعة، وقال الزبيري: لن تخلو الأرض من قائمٍ لله بالحجة في كل وقتٍ ودهرٍ وزمانٍ، ولكن ذلك قليلٌ في كثيرٍ، فأما أن يكون غير موجودٍ - كما قال الخصم - فليس بصوابٍ، لأنه لو عدم الفقهاء لم تقم الفرائض كلها، ولو عطلت الفرائض كلها لحلت النقمة بذلك في الخلق، كما جاء في الخبر: «لا تقوم الساعة إلا على شرار الناس» (١)، ونحن نعوذ بالله أن نؤخر مع الأشرار. انتهى.

وقال ابن دقيق العيد: هذا هو المختار عندنا، لكن إلى الحد الذي ينتقض به القواعد بسبب زوال الدنيا في آخر الزمان، وقال في شرح خطبة «الإلمام»: والأرض لا تخلو من قائمٍ لله بالحجة، والأمة الشريفة


(١) أخرجه مسلم (٢٩٤٩) من حديث ابن مسعود مرفوعًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>