وكذلك يحرم الإفتاء فيما إذا عرف المفتي الحق؛ فلا يجوز له أن يفتي بغيره، فإن من أخبر عما يعلم خلافه فهو كاذب على الله عمدًا، وقد قال تعالى: ﴿وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ﴾ [الزمر: ٦٠]. والكاذب على الله أعظم جرمًا ممن أفتى بغير علم.
هـ- ويكره للمفتي أن يفتي في حال غضب شديد، أو جوع مفرط، أو هم مقلق، أو خوف مزعج، أو نعاس غالب، أو شغل قلبٍ مستول عليه، أو حال مدافعة الأخبثين.
بل متى أحس من نفسه شيئًا من ذلك يخرجه عن حال اعتداله، وكمال تثبته وتبينه أمسك عن الفتوى.
وعلى كلٍّ، فالضابط لحكم الإفتاء النظر إلى المصالح والمفاسد.
قال ابن القيم: « ..... هذا إذا أمن المفتي غائلة الفتوى، فإن لم يأمن غائلتها وخاف من ترتب شر أكثر من الإمساك عنها أمسك عنها، ترجيحًا لدفع أعلى المفسدتين باحتمال أدناهما. وقد أمسك النبي ﷺ عن نقض الكعبة وإعادتها على قواعد إبراهيم لأجل حدثان عهد قريش بالإسلام، وأن ذلك ربما نفَّرهم عنه بعد الدخول فيه.
وكذلك إن كان عقل السائل لا يحتمل الجواب عما سأل عنه، وخاف المسئول أن يكون فتنة له، أمسك عن جوابه.