للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن وجد غير ذلك، فلا يلومن إلا نفسه» (١).

فيحلله ويشرحه تحليلًا مقاصديًّا، فيقول: فلما ذكر في أول الحديث ما أوجبه من العدل، وحرمه من الظلم على نفسه وعلى عباده، ذكر بعد ذلك إحسانه إلى عباده مع غناه عنهم، وفقرهم إليه، وأنهم لا يقدرون على جلب منفعةٍ لأنفسهم، ولا دفع مضرةٍ إلا أن يكون هو الميسر لذلك، وأمر العباد أن يسألوه ذلك، وأخبر أنهم لا يقدرون على نفعه ولا ضره مع عظم ما يوصل إليهم من النعماء، ويدفع عنهم البلاء، وجلب المنفعة ودفع المضرة إما أن يكون في الدين أو في الدنيا، فصارت أربعة أقسامٍ: الهداية والمغفرة، وهما جلب المنفعة ودفع المضرة في الدين، والطعام والكسوة وهما جلب المنفعة ودفع المضرة في الدنيا، وإن شئت قلت: الهداية والمغفرة يتعلقان بالقلب الذي هو ملك البدن، وهو الأصل في الأعمال الإرادية، والطعام والكسوة يتعلقان بالبدن: الطعام لجلب منفعته، واللباس لدفع مضرته. وفتح الأمر بالهداية، فإنها وإن كانت الهداية النافعة هي المتعلقة بالدين، فكل أعمال الناس تابعةٌ لهدي الله إياهم (٢).

ويقول الدكتور يوسف البدوي في كتابه «مقاصد الشريعة عند ابن


(١) أخرجه مسلم (٢٥٧٧) من حديث أبي ذر مرفوعًا.
(٢) الفتاوى لابن تيمية (١٨/ ١٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>