للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«إعلام الموقعين»: فصل: لا بد من اعتبار النية والمقاصد في الألفاظ.

وهذا الذي قلناه من اعتبار النيات والمقاصد في الألفاظ، وأنها لا تلزم بها أحكامها حتى يكون المتكلم بها قاصدًا لها مريدًا لموجباتها، كما أنه لا بد أن يكون قاصدًا للتكلم باللفظ مريدًا له، فلا بد من إرادتين: إرادة التكلم باللفظ اختيارًا، وإرادة موجبه ومقتضاه. بل إرادة المعنى آكد من إرادة اللفظ؛ فإنه المقصود واللفظ وسيلة، وفي المحلى: أن عمر بن الخطاب قضى في امرأة قالت لزوجها: سمني، فسماها الظبية، فقالت: لا. فقال لها: ما تريدين أن أسميك؟ قالت: سمني خلية طالق. فقال لها: فأنت خلية طالق. فأتت عمر بن الخطاب، فقالت: إن زوجي طلقني. فجاء زوجها فقص عليه القصة، فأوجع عمر رأسها، وقال لزوجها: خذ بيدها وأوجع رأسها (١).

وهذا هو الفقه الحي الذي يدخل على القلوب بغير استئذان (٢).

مع أن الرجل قد تكلم بالطلاق بلفظين مختلفين، ولكن البحث عن قصده ومراده يبطل هذه الحيل، ولذا سماه ابن القيم «الفقه الحي».

ويقول أيضًا : إن ما حرم سدًّا للذريعة يباح للحاجة، فلهذا


(١) إسناده ضعيف: أخرجه البيهقي في الكبرى (١٤٩٩٧)، وأورده ابن حزم في المحلى (٩/ ٤٦٠)، وفيه من لا يعرف.
(٢) إعلام الموقعين لابن القيم (٣/ ٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>