للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان من فتواه أنه نص على أن من كان في قافلة، ومعه ذهب خام ويريد أن يضربه نقودًا، فله أن يدفعه للصائغ، ويقدر الصائغ كم سيكون من دينار، ويأخذه دنانير وينصرف مع رفقته، فمقصد ابن القيم من ذلك أنه لو انتظر الصائغ حتي يصنع دنانير؛ لأدى ذلك إلى فوات الرفقة، وتعرضه للهلاك، ولقطاع الطرق، ونظر إلى مقصد آخر، وهو أن هذا الشخص لم يكن مقصوده التحايل للوصول إلى الربا، وإنما مقصده أن يأخذ الدنانير مضروبة (١).

وكذلك رد ابن القيم على من لم ير اعتبار المقاصد، فقال: وما مثل من وقف مع الظواهر والألفاظ، ولم يراع المقاصد والمعاني إلا كمثل رجلٍ قيل له: لا تسلم على صاحب بدعةٍ، فقبل يده ورجله، ولم يسلم عليه. أو قيل له: اذهب فاملأ هذه الجرة، فذهب فملأها ثم تركها على الحوض، وقال: لم تقل: ايتني بها. وكمن قال لوكيله: بع هذه السلعة. فباعها بدرهمٍ، وهي تساوي مائةً، ويلزم من وقف مع الظواهر أن يصحح هذا البيع، ويلزم به الموكل، وإن نظر إلى المقاصد تناقض حيث ألقاها في غير موضعٍ، وكمن أعطاه رجلٌ ثوبًا، فقال: والله لا ألبسه لما له فيه من المنة، فباعه وأعطاه ثمنه فقبله (٢).


(١) شرح مقاصد الشريعة للدكتور عياض بن نامي السلمي.
(٢) إعلام الموقعين لابن القيم (٣/ ٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>