له: نم. فقال: والله لا أنام. أو: اشرب هذا الماء. فقال: والله لا أشرب. فهذه كلها ألفاظ عامة نقلت إلى معنى الخصوص بإرادة المتكلم التي يقطع السامع عند سماعها بأنه لم يرد النفي العام إلى آخر العمر، والألفاظ ليست تعبدية، والعارف يقول: ماذا أراد؟ واللفظي يقول: ماذا قال؟ كما كان الذين لا يفقهون إذا خرجوا من عند النبي ﷺ يقولون: ﴿مَاذَا قَالَ آنِفًا﴾ [محمد: ١٦]، وقد أنكر الله سبحانه عليهم وعلى أمثالهم بقوله: ﴿فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا (٧٨)﴾ [النساء: ٧٨]، فذم من لم يفقه كلامه» (١).
فختامًا نقول: مقصود الشارع من خطابه، وإن لم يكن موضوع البحث والشرح، إلا أنه لا يمكن إغفاله، فقد يجعلنا نتكلم عن أحكامٍ ومقاصد ليست مقصودة من خطاب الشارع، فالبحث عن مقاصد الشارع في أحكامه لا يستقيم إلا بعد معرفة مقصود الشارع من خطابه، فهو الذي سيُبني عليه، ومن هنا تتجلى أهميته، وبهذا تدرك سبب جعل بعض العلماء الظاهرية في منزلة العوام، وقالوا: إن الإجماع لا يتوقف عليهم، لكونهم أهملوا النظر في مقاصد الخطاب، واكتفوا بظواهر الألفاظ دون مراعاة المعاني والقصود.