إن الخلاف في هذه المسألة قد اختلف العلماء فيه على قولين:
القول الأول: إن الخلاف معنوي له ثمرة، فقد رتب أصحاب المذهب الأول -وعلى رأسهم الحنفية- على الحكم بفرضية الشيء كفر جاحده، وعدم إمكان جبره، أما الحكم بوجوب الشيء فلا يكفر جاحده، ويمكن جبره، ولذلك قالوا: إن قراءة القرآن في الصلاة فرض، لثبوته بدليل قطعي، وهو قوله تعالى: ﴿فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ﴾ [المزمل: ٢٠]، أما قراءة الفاتحة في الصلاة فهي واجبة؛ لثبوت ذلك بالدليل الظني، وهو خبر الواحد الذي رواه عبادة بن الصامت: أن النبي ﷺ قال: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب»(١).
القول الثاني: إن الخلاف لفظي لا ثمرة له؛ لأنه لا نزاع بين أصحاب المذهبين في انقسام ما أوجبه الشرع علينا وألزمنا إياه من التكاليف إلى قطعي وظني، ولا نزاع بينهم أيضًا على تسمية الظني واجبًا، ولكن النزاع حصل في القطعي، فأصحاب المذهب الثاني يسمونه فرضًا، وواجبًا بطريق الترادف.
وأصحاب المذهب الأول -وعلى رأسهم الحنفية- يسمونه باسم
(١) أخرجه البخاري (٧٥٦)، ومسلم (٣٩٤) من حديث عبادة بن الصامت مرفوعًا.