للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمعصية معاقب عليها لمخالفة الأمر، مع أن العلماء اتفقوا على أن ترك المندوب لا يكون معصية، وأن التارك لا يعاقب، ولا يذم -كما سبق في حكمه-، فكان المندوب مأمورًا به مجازًا فقط.

ويعترض الغزالي عليهم بأن الندب اقتضاء لا تخيير فيه؛ لأن التخيير عبارة عن تسوية بين أمرين، فإذا رجح جهة الفعل بربط الثواب به ارتفعت التسوية والتخيير، والله تعالى يقضي لعباده ما فيه صلاحهم، ويقضي بالندب لنيل الثواب، وأما القول بأن تاركه لا يسمى عاصيًا فسببه أن العصيان اسم ذم مختص بمخالفة أمر الإيجاب، وقد أسقط الذم عن المندوب، ويسمى تاركه مخالفًا وغير ممتثل، كما يسمى فاعله موافقًا ومطيعًا.

٢ - قال رسول الله : «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة» (١)، فالسواك مندوب، ولم يأمر به الرسول ، ولو أمر به لكان واجبًا.

واعترض عليه: بأن الأمر في الحديث محمول على أمر الإيجاب للجمع بين الأدلة، أي: أن الحديث لم يأمر أمر الإيجاب، وهذا الحديث استدل به ابن بدران للدلالة على أن المندوب مأمور به


(١) أخرجه البخاري (٨٨٧)، ومسلم (٢٥٢) من حديث أبي هريرة مرفوعًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>