٣ - الأمر حقيقة في لفظ افعل، وهذا اللفظ حقيقة في الإيجاب فقط، فالأمر حقيقة في الإيجاب، ولا يكون حقيقة في الندب.
واعلم أن هذا الخلاف لفظي لا طائل تحته، ولا يترتب عليه حقائق عملية في الأحكام بين الجمهور والحنفية، وإنما ذكرناه كنموذج عن البحوث النظرية الكثيرة التي بحثها علماء الأصول، وأطالوا الحديث عنها من الناحية النظرية والفكرية والجدلية (١).
والصحيح: أن المندوب مأمور به، كما أن الواجب مأمور به؛ لأن الأمر قسمان: مطلق الأمر، والأمر المطلق.
فمطلق الأمر ينقسم إلى أقسام: منه المندوب، ومنه الواجب.
أما الأمر المطلق هو الأمر الأعلى أي الواجب، وعليه فالمندوب مأمور به بالنظر لمطلق الأمر، أما بالنظر للأمر المطلق ليس مأمورًا به.
قال ابن القيم: إنك إذا قلت الأمر المطلق، فقد أدخلت اللام على الأمر، وهي تفيد العموم والشمول، ثم وصفته بعد ذلك بالإطلاق، بمعنى أنه لم يقيد بقيد يوجب تخصيصه من شرط أو صفة وغيرهما، فهو عام في كل فرد من الأفراد التي هذا شأنها، وأما مطلق الأمر