للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• مسألة: الفرق بين قاعدة المندوب الذي لا يقدم على الواجب، وقاعدة المندوب الذي يقدم على الواجب:

المندوب الذي لا يقدم على الواجب هو ما لم تعرض ضرورةٌ لا تندفع إلا بتقديمه عليه، فيقدم الواجب حينئذٍ عليه جريًا على القاعدة الأغلبية من تقديمه عليه؛ لأنه أفضل منه، ففي مسلمٍ وغيره أنه قال: «قال الله تعالى: ما تقرب إلي عبدي بمثل أداء ما افترضته عليه، ولا يزال العبد يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه» (١)، فقد صرح بأن الواجب أفضل من غيره.

والمندوب الذي يقدم على الواجب هو ما دعت الضرورة التي لا تندفع إلا بتقديمه على الواجب إلى تقديمه عليه على خلاف القاعدة المذكورة، وله مثلٌ منها: الجمع للمسافر، وكذا للمريض إذا خاف الغلبة على عقله آخر الوقت، فهو متعينٌ لرفع الضرر، ومنها الظهر والعصر عند الزوال يوم عرفة فإنه مندوبٌ قدم على واجبين أحدهما تأخير الصلاة لوقتها، وهي العصر ترك لأن الجمع لضرورة الحجاج في ذلك اليوم للإقبال على الدعاء والابتهال والتقرب اللائق بعرفة، وهو يومٌ لا يكاد يحصل في العمر إلا مرةً بعد ضنك الأسفار، وقطع البراري والقفار، وإنفاق الأموال من الأقطار البعيدة والأوطان النائية ناسب أن


(١) أخرجه البخاري (٦٥٠٢) من حديث أبي هريرة مرفوعًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>