للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقدم على مصلحة وقت العصر؛ لأن فوات الزمان هنا للضرورة المذكورة أعظم من فوات الزمان بجمع التقديم بين الصلاتين للمسافر لضرورة السفر؛ لأن الإنسان يمكنه أن لا يسافر أو يسافر معه رفقةٌ موافقون على النزول في أوقات الصلوات، فهو ضررٌ يمكن التحرز منه من حيث الجملة، بخلاف ضرورة مصالح الحج فإنها أمرٌ لازمٌ للعبد لا خروج له عنها، ولا يمكنه العدول عنها إلى غيرها.

وثانيها: ترك الجمعة إذا جاءت يوم عرفة؛ لأنها وإن كانت أفضل وواجبة قبل الظهر مع الإمكان كما قال أبو يوسف للإمام مالك لما اجتمع به في المدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام عام حجه مع هارون الرشيد، إلا أن مالكًا قال له إن ذلك خلاف السنة، فقال له أبو يوسف: من أين لك ذلك، وأنه خلاف السنة، وقد صلى رسول الله بالناس ركعتين قبلهما خطبة، وهذه هي صلاة الجمعة، فقال له مالك: جهر فيهما، أو أسر؟! فسكت أبو يوسف، وظهرت الحجة لمالك -رضي الله تعالى عنهم أجمعين- بسبب الإسرار؛ لأن الجمعة جهرية، فلما صلى ركعتين سرًّا دل ذلك على أنه صلى الظهر سفرية وترك الجمعة (١).


(١) الفروق للقرافي (٢/ ١٤٧) دار عالم الكتب.

<<  <  ج: ص:  >  >>