مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى (٤٦)﴾ [طه: ٤٦] فهو جائزٌ في اللغة، يقول الرجل للرجل: سأجري عليك رزقك، وسأفعل بك خيرًا.
قلت: مراد أحمد أن هذا الاستعمال مما يجوز في اللغة، أي هو من جائز اللغة لا من ممتنعاتها، ولم يرد بالمجاز أنه ليس بحقيقةٍ وأنه يصح نفيه، وهذا كما قال أبو عبيدة في تفسيره إنه مجاز القرآن، ومراد أحمد أنه يجوز في اللغة أن يقول الواحد المعظم نفسه، نحن فعلنا كذا، فهو مما يجوز في اللغة، ولم يرد أن في القرآن ألفاظًا استعملت في غير ما وضعت له، وأنها يفهم منها خلاف حقائقها، وقد تمسك بكلام أحمد هذا من ينسب إلى مذهبه أن في القرآن مجازًا كالقاضي أبي يعلى وابن عقيلٍ وابن الخطاب وغيرهم، ومنع آخرون من أصحابه ذلك، كأبي عبد الله بن حامدٍ، وأبي الحسن الجزري وأبي الفضل التميمي.
وكذلك أصحاب مالكٍ مختلفون، فكثيرٌ من متأخريهم يثبت في القرآن مجازًا، وأما المتقدمون كابن وهبٍ وأشهب وابن القاسم فلا يعرف عنهم في ذلك لفظةٌ واحدةٌ.
وقد صرح بنفي المجاز في القرآن محمد بن خويزمنداد البصري المالكي وغيره من المالكية، وصرح بنفيه داود بن عليٍ الأصبهاني وابنه أبو بكرٍ، ومنذر بن سعيدٍ البلوطي، وصنف في نفيه مصنفًا، وبعض الناس يحكي في ذلك عن أحمد روايتين.